الحكومة اليمنية تحرر الاتصالات من هيمنة الميليشيات

أطلقت في عدن مشروعاً متكاملاً... والجماعة تعقد اجتماعاً طارئاً في صنعاء

TT

الحكومة اليمنية تحرر الاتصالات من هيمنة الميليشيات

توّجت الحكومة اليمنية، أمس، جهودها الحثيثة خلال الأشهر الماضية بتوجيه ضربة موجعة إلى الميليشيات الحوثية، من خلال إطلاقها في العاصمة المؤقتة عدن مشروعاً ضخماً للاتصالات والإنترنت، من شأنه سحب البساط من تحت أقدام الجماعة الانقلابية في صنعاء، وسلبها التحكم المركزي في الخدمة وحرمانها من ملايين الدولارات.
وأدى تدشين الخدمة في هذا المشروع المتكامل من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته أحمد بن دغر، إلى خروج الجماعة عن طورها، إذ سارعت إلى عقد اجتماع لقياداتها برئاسة «رئيس حكومة» الانقلاب غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور، لبحث كيفية الرد على الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الشرعية.
وكانت لجنة العقوبات الخاصة باليمن التابعة لمجلس الأمن الدولي، قد كشفت في أحدث تقرير لها مطلع السنة، أن الجماعة الحوثية تجني من الضرائب في قطاع الاتصالات أكثر من نصف مليار دولار سنوياً، إلى جانب تسخيرها عائدات الشركات الحكومية والمختلطة والمقدرة بملايين الدولارات لصالح المجهود الحربي للجماعة.
وتتألف المشاريع التي أطلقتها الحكومة الشرعية في مجال الاتصالات والإنترنت، من «بوابة عدن الدولية»، و«شبكة عدن للتراسل الضوئي الدولي»، ومزود خدمة الإنترنت «عدن نت»، و«شبكة عدن للإنترنت اللاسلكي»، و«مركز عدن للسيطرة والتحكم»، و«سنترال عدن للوسائط المتعددة»، و«شبكة عدن للجيل الرابع»، و«شبكة عدن لتراسل المعطيات والكابل البحري الدولي»، وجميعها تتبع المؤسسة العامة للاتصالات اليمنية، ومملوكة للحكومة.
وكشفت المصادر الرسمية، أمس، أن كلفة هذه المشاريع بلغت 100 مليون دولار، بتمويل حكومي، بما في ذلك التجهيزات المصاحبة التي أُنجزت بكفاءات وخبرات يمنية خالصة.
واعتبر رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر هذه المشاريع «خطوة نحو بناء اليمن الجديد» إلى جانب أنها «ستضع حدّاً للاحتكار والنهب والاستحواذ على أموال الشعب» من قبل الميليشيات الحوثية التي كانت تتحكم في خدمات الاتصالات والإنترنت مركزياً من صنعاء وتوظفها لأغراض التجسس والقمع.
وقال بن دغر في خطاب أمام هادي إن «المشروع هو أحد مشاريع التنمية وهو مشروع لكل اليمن الكبير وستمتد خدماته على مساحة الوطن كلها ويستفيد منه كل مواطن، وهذه دعوة صريحة لشركات الاتصالات للربط بهذه الشبكة الوطنية للاستفادة من الإمكانات الهائلة للمشروع في الاتصالات الدولية والإنترنت».
وأكد أن المشروع «سيوفر سعات تفوق 80 مرة السعات المتاحة حالياً في البلاد، كما أنه يمنح مستخدمي الإنترنت سرعات هائلة، وسعات غير مسبوقة، ووضوحاً أكبر في المخرجات وسعراً أقل»، فضلاً عن أنه سيوفر «بوابة احتياطية لليمن في عدن، إضافةً إلى وجود بوابتين أخريين في محافظتي الحديدة والمكلا».
وهذه البوابات، على حد قول بن دغر، «ستمنع حدوث أي انقطاعات في الاتصالات الدولية والإنترنت، وستؤدي إلى وجود سعة ومرونة في الحركة، كما أنها تكسر الاحتكار، وتمنع المركزية الشديدة التي تسببت بنهب الوطن والمواطن، وتعيد المال الناتج عن الاتصالات إلى أهله وإلى الدولة وإلى البنك المركزي».
وأشار رئيس الحكومة اليمنية إلى أن المشروع الذي «حظي برعاية ومتابعة رئاسية لإنجاحه منذ سنوات»، بات جاهزاً للاستخدام «وتقديم الخدمة الراقية للمواطنين»، داعياً شركات الاتصالات المحلية الخاصة وهي ثلاث شركات، والرابعة قطاع مختلط، إلى الإسراع بالربط مع المشروع.
وقال إن «على المتأخرين (أصحاب الشركات) أن يتحملوا نتائج تأخرهم ولا يمكنهم أن يحرموا المواطن في صنعاء أو عمران أو ذمار أو صعدة أو حجة أو إب من فوائد هذا المشروع لإرضاء حكومة الانقلاب الإجرامية ومجموعة اللصوص الحوثيين».
وأضاف أن «هذا المشروع سيرتبط بالمؤسسة العامة للاتصالات، وهو بالكامل ملكية للدولة وللجمهورية اليمنية وللشعب اليمني، وسيكون القطاع الخاص في مجال الاتصالات مستفيداً استفادة تامة من إمكاناته، والأهم هو أن المواطن ابتداءً من اليوم سيشعر تدريجياً بالفارق الكبير بين هذا النوع من الخدمة والخدمات السابقة له، كما أنه يفتح آفاقاً جديدة لتطور المؤسسة العامة للاتصالات والشركات العاملة وسيساعد على تحسين الخدمة مع الدول المجاورة ومع العالم، وقد أنجزنا اتفاقاً قانونياً مع الشركاء في هذا المجال».
وأكد بن دغر أن «المشروع وفر مئات الفرص من العمل في تنفيذه، وسيوفر فرص عمل جديدة، وسيضيف الكثير إلى الدخل الوطني، كما سيحاصر هذا المشروع الانقلاب اقتصادياً، في الوقت الذي يقدم فيه خدمات أفضل للمواطنين في مختلف المحافظات». وعبّر رئيس الحكومة اليمنية عن شكره لتحالف دعم الشرعية الذي «وفّر الظروف الأمنية لتنفيذ المشروع بدءاً بتسهيل عمل شركة الكابل البحري الدولي، وتأمين مدّه إلى عدن، وتسهيل وصول معداته وسرعة الربط».
وأطلقت الجماعة الحوثية في صنعاء تصريحات زعمت فيها أن المشروع «شطري وينتهك السيادة اليمنية ويسعى إلى النيل من قطاع الاتصالات»، فيما هددت بأنها ستتخذ جملة من الإجراءات التصعيدية رداً على إطلاقه، من دون أن تفصح عنها.
وتتجسس الأجهزة الأمنية التابعة للميليشيات على الاتصالات وتراقب الناشطين والسياسيين المناهضين لها، كما أنها تفرض حظراً مستمراً على محتوى الإنترنت في المواقع المحلية والخارجية التي ترى الجماعة أنها تشكل تهديداً لها من خلال ما تبثه عن جرائمها وانتهاكاتها بحق اليمنيين.
وفي حين يشكو المستخدمون من رفع الميليشيات أسعار استهلاك الإنترنت، تقوم الجماعة من وقت لآخر بحجب منصات التواصل الاجتماعي بشكل نهائي كما حدث أيام انتفاضة الرئيس السابق علي عبد الله صالح في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ضد الميليشيات.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».