أصبح التوتر في العمل وفي العائلة من أمراض العصر الأكثر انتشاراً في السنوات الأخيرة. وهو يصيب النساء أكثر من الرجال، وقد كشفت دراسة لشركة التأمين الصّحي التقنية في ألمانيا، أنّ التوتر ينتشر بين الإناث بنسبة 5.8 في المائة بين الطالبات و3.45 بين العاملات والموظفات.
وأصبح في حكم المؤكد أنّ التوتر يضرّ بالوضع النفسي للإنسان، ويقلل مناعته الجسدية ويجعله أكثر عرضة للأمراض المختلفة. إلّا أنّ العلم يقف في معظم الحالات مكتوف اليدين حينما يتعلق الأمر بكيفية حصول هذا التأثير من الناحية البيولوجية الجزيئية.
وتبعث نتائج دراسة أميركية جديدة على الأمل لأنّها نجحت بمعالجة التوتر في فئران الاختبار بواسطة البكتيريا. وتقول الدراسة، التي نشرت في مجلة «الدماغ، السلوك، المناعة»، إنّ هذه البكتيريا حمت الدماغ من تأثيرات التوتر.
وهذا ليس كل شيء، لأنّ العلماء استخدموا بكتيريا «مايكوبكتيريوم فاكسي» في لقاح قلّل الأعراض المادية والالتهابات التي يتركها التوتر الدائم على بنية الدماغ. إذ من المعروف أنّ التوتر يطلق سلسلة من التفاعلات الالتهابية في الخلايا العصبية التي تؤدي بدورها إلى ظهور أعراض التوتر المعروفة الجسدية والنفسية.
وقال البروفيسور ماثيو فرانك من جامعة كولورادو في بولدر، إنّ التوتر من بين أسباب أخرى معروفة تسببه، يؤثر سلباً على فرز هرمون السعادة «دوبامين» في الدماغ. كما يضرّ سلباً على فرز المواد المسؤولة عن نقل الإيعازات بين خلايا الدماغ، وهذا يؤدي إلى تفاقم التوتر وإصابة الإنسان المعرض له بالاكتئاب والبدانة.
اعتمد فرانك وفريق عمله على نتائج دراسة سابقة لزملائهم توصلت إلى أنّ حقن الفئران ببكتيريا معينة ميتة يقلل توترها إزاء بشر يمارسون العنف معها.
وللتأكد من هذه النتائج حقن فرانك وزملاؤه الفئران ببكتيريا «مايكوبكتيريوم فاكس» ميتة، تم عزلها لأول مرة في أوغندا. وقد حُقنت الفئران باللقاح مرّة في الأسبوع طوال ثلاثة أسابيع، ثم أخضعت أدمغتها للفحص المجري في المختبر.
وكانت النتائج ظاهرة وتقول إنّ بروتين «إنترلويكين - 4» المضاد للالتهابات ارتفع تركيزه في أدمغة الفئران، وفي منطقة الهايبوكامبوس بالذات (قرن آمون) بعد ثمانية أيام من آخر حقن باللقاح. ويعرف عن «قرن آمون» أنّها المنطقة المسؤولة في الدماغ عن الانفعالات والعواطف والمخاوف والهدوء الداخلي للبشر.
ظهر أيضاً أنّ أدمغة هذه الفئران مقارنة بأدمغة فئران أخرى لم تحقن باللقاح تفرز المادة المسببة للتوتر HMGB1 بشكل أقل عند تعريضها إلى مواقف تدعو للتوتر الشديد. فضلاً عن ذلك فرزت أدمغة الفئران الملقحة المزيد من موصلات CD200R1 التي تعلب دوراً حاسما في خلايا الدماغ المناعية التي تحافظ على الدماغ من التفاعلات الالتهابية.
وكتب ثيو فرانك أنّ التجارب أثبتت أنّ لقاح «مايكوبكتيريوم فاكسي» غيّر أدمغة الفئران وزودها بشيء من المناعة ضد العلامات الالتهابية التي تظهر على الدماغ عادة بسبب التوتر. وأضاف الباحث أنّ نجاح مثل هذه التجارب على البشر سيفتح آفاق علاج جديد للأمراض الالتهابية العصبية أيضاً.
ويتصور فريق العلماء مستقبلاً، تلقيح الجنود وأطباء الطوارئ بهذا النوع من البكتيريا من أجل تقليل توتر العمل اليومي الذي يتعرضون له. وتحدّث كريستوفر لوري الذي شارك في الدراسة، عن دراسات مقبلة غرضها التأكد من النتائج. كما أشار إلى تجارب مقبلة باستخدام أنواع أخرى من البكتيريا «الحميدة» أيضاً.
ويجرب العلماء الآن لقاحاً من بكتيريا» لاكتوباسيللوس رويتري» على جنود يعانون من توتر واضطراب ما بعد صدمة الحروب.
إنجاز يَعِدُ بلقاح ضد التوتر النفسي
إنجاز يَعِدُ بلقاح ضد التوتر النفسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة