فتوى حوثية تبيح للآباء قتل أبنائهم المبشرين بقدوم طارق صالح

الميليشيات تحظر تداول «الميديا» المناهضة وتكثف حملات الاختطاف

TT

فتوى حوثية تبيح للآباء قتل أبنائهم المبشرين بقدوم طارق صالح

كثفت الميليشيات الحوثية حملات القمع والاختطاف في أوساط السكان الخاضعين لها في صنعاء وبقية المحافظات التي تسيطر عليها، دون أن تدخر وسيلة لإرهاب السكان والتنكيل بالمناهضين، وصولا إلى دهم مقاهي الإنترنت وتفتيش هواتف روادها، ومرورا باختطاف المسافرين وتسخير الخطاب الديني للتحريض على قتل الآباء لأبنائهم المعارضين للجماعة.
وفي هذا السياق، تداول الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا لأحد المعممين الحوثيين أثناء إلقائه خطبة الجمعة في أحد مساجد صنعاء، وهو يفتي الآباء بقتل أبنائهم المؤيدين لطارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، وربط هذا الفعل من قبلهم بالإسلام.
وظهر الخطيب الحوثي في المقطع الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، وهو في أعتى ذروات انفعاله وتشنجه وهو يخاطب المصلين بحماس منقطع النظير ملقيا إليهم بفتواه قائلا «إن سمعت ابنك يبشرك بقدوم طارق فالطمه أو وجّه رصاصة إلى رأسه إن كنت مسلما».
وعد الناشطون هذه الفتوى الحوثية، من غرائب ما وصل إليه خطاب الجماعة التي باتت - على حد قول بعضهم - تضاهي في نزعتها لتكفير فئات المجتمع، التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل «القاعدة» و«داعش». كما عدوها دليلا على شدة الهلع التي باتت تجتاح الجماعة وقادتها جراء انكساراتها في الساحل الغربي واقتراب القوات التي تشارك فيها ألوية طارق صالح، من انتزاع الحديدة ومينائها.
وفي السياق نفسه، أفاد ناشطون في صنعاء، بأن الميليشيات الحوثية شنت حملات دهم وتفتيش على مقاهي الإنترنت لتفتيش أجهزة الحاسوب وهواتف الرواد المحمولة بحثا عن أي أهازيج قتالية مؤيدة لقوات الشرعية، أو أي أعمال تلفزيونية ساخرة من الجماعة أو مناهضة لها.
وبحسب المصادر، شدد عناصر الأمن الحوثيون وفرق التفتيش التابعة للجماعة على ملاك المحلات «بمنع تداول أو نشر أو بث أو تسهيل عملية وصول رواد المقاهي إلى أي مادة من مواد الميديا التي تناهض الجماعة أو تمجد معارضيها».
وفي سياق مماثل، ذكرت مصادر أمنية في العاصمة صنعاء أن الجماعة نفذت عمليات ملاحقة وتفتيش بحثا عن المجندين الذين فروا من جبهات القتال في الأيام الأخيرة، في مسعى للتنكيل بهم، بالتزامن مع استمرار عناصرها الطائفيين في إقامة الأمسيات واللقاءات التي يستجدون فيها سكان الأحياء والقرى إرسال المزيد من أقاربهم إلى صفوفها في جبهة الساحل الغربي.
وعلى صعيد أعمال القمع والاختطاف، أفادت مصادر في نقابة الصحافيين اليمنيين، بأن عناصر الميليشيات الحوثية اعتقلوا المدير العام السابق للإنتاج في قناة اليمن الحكومية، أحمد وهاس بعد دهم منزله الواقع في قرية المعمر في ضواحي صنعاء، وقاموا باقتياده إلى مكان مجهول.
وجاء اعتقال الإعلامي وهاس، بعد أيام من وفاة الصحافي والناشط أنور الركن في تعز جراء التعذيب الجسدي والنفسي الذي خضع له لمدة عام في أحد المعتقلات الحوثية السرية، وفي التوقيت الذي اشتدت فيه حملات الاعتقال في صفوف عناصر حزبـ«المؤتمر الشعبي» في صنعاء وبقية المحافظات.
ودانت نقابة الصحافيين اليمنيين، في بيان، ما تعرض له الصحافي أنور الركن من ألوان التعذيب الجسدي وصنوف القمع، في سجن الميليشيات، وهو ما أدى إلى وفاته الأربعاء الماضي، بعد يومين فقط من الإفراج عنه. كما دعت النقابة في بيان بمناسبة يوم الصحافة اليمنية الذي يصادف التاسع من يونيو (حزيران) كل عام، الميليشيات الحوثية إلى الإفراج عن 12 صحافيا مختطفين في سجون الجماعة. ولفتت النقابة في بيانها إلى «معاناة العاملين في وسائل الإعلام الذين تعرضوا - على حد قولها - لمسلسل كبير من الانتهاكات بدءا من الإقصاء والملاحقات والاختطافات والتهديدات والفصل من العمل وصولا إلى إيقاف الرواتب وحملات التحريض والتخوين على خلفية مهامهم المهنية».
وذكرت النقابة أنها تابعت قضية وفاة الصحافي أنور الركن بعد يومين من إطلاق سراحه من قبل الجماعة الحوثية في حي مدينة الصالح بتعز بعد إخفائه القسري لعدة شهور في ظل ما قالت النقابة إنها «ظروف اختطاف غامضة بدت ملامح وحشيتها من الحالة الصحية السيئة التي ظهر عليها بعد الإفراج عنه». وحملت النقابة في بيانها الميليشيات الحوثية، المسؤولية عما وصفته بالجريمة البشعة التي أودت بحياة الصحافي الركن، وأكدت أن هذه الجرائم «لا تسقط بالتقادم ولا بد من محاسبة الجناة».
وفي السياق نفسه المتعلق بأجواء القمع الحوثي، أدان فرع حزب «المؤتمر الشعبي» في مديرية همدان شمال العاصمة صنعاء، ما وصفها بجرائم الاعتقالات التعسفية والظالمة بحق قيادات وأعضاء الحزب. وجاء في البيان الصادر عن قيادات الحزب في المديرية بأنه «ليس هناك من ظلم أكبر وأشد من خطف أبرياء من داخل البيوت أو أبواب المساجد أو قارعة الطريق، والزج بهم في غياهب سجون مظلمة دون ذنب أو جرم ارتكبوه». إلى ذلك، تواصلت عمليات الاختطاف الحوثية للمسافرين بين المحافظات، بدعوى أنهم يريدون الالتحاق بصفوف قوات الشرعية في مأرب وعدن. واعترفت المصادر الرسمية للميليشيات أن عناصرها الأمنيين في محافظة ذمار اختطفوا الجمعة الماضي، ثمانية أشخاص من أبناء مديرية «الحدا» لجهة ما زعمته عنهم بأنهم كانوا في طريقهم إلى مأرب للانضمام لقوات الشرعية.
وأفاد لـ«الشرق الأوسط» سكان في البيضاء والحديدة وإب، بأن حملات الاعتقال والخطف الحوثي للمواطنين، تصاعدت وتيرتها في الأيام الماضية في المحافظات الثلاث، على خلفية المخاوف التي باتت تعصف بالجماعة جراء هزائمها في الساحل الغربي وفي مختلف الجبهات، وفي سياق مساعيها لإرهاب السكان وتخويفهم من محاولة الانتفاض على حكمها الانقلابي غير المعترف به.
كما اتهمت مصادر في حزبـ«المؤتمر الشعبي» الجماعة الحوثية باغتيال أحد القادة المحليين للحزب في مديرية وصاب العالي التابعة لذمار ويدعى الشيخ فتح الوصابي، لجهة معارضته للجماعة، في حين ذكرت المصادر نفسها أن عناصر الميليشيات في المديرية ذاتها، استولوا على أغلب المعونات الغذائية المقدمة من المنظمات الإنسانية، للمعلمين، وحصروها على أتباعهم. وعلى نحو متصل، استمرت الميليشيات الحوثية في تحركاتها في محافظات إب وعمران وحجة والمحويت وذمار، لحشد المقاتلين وجباية الأموال، إلا أن هذه التحركات - طبقا لمصادر في محافظة إب - باءت بالفشل لجهة إحجام المواطنين عن الاستماع إلى مطالب قادة الميليشيات ومحافظها عبد الواحد صلاح.
وتتعاظم المخاوف في أوساط المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، من أن تتوسع في الأيام المقبلة موجة الاعتقال والقمع واستباحة دماء المواطنين وأموالهم، في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، جراء التوجيه الأخير لزعيمها الحوثي، بالتوسع في إطلاق صفة «النفاق» - وهي الرديفة لصفة «الكفر» في قاموسه - على كل مخالف لجماعته أو مناهض لأفكاره الطائفية.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».