تركيا قد تدخل جبال قنديل «في أي لحظة»

أعلنت إقامة 11 قاعدة عسكرية في شمال العراق لضرب «العمال الكردستاني»

TT

تركيا قد تدخل جبال قنديل «في أي لحظة»

أعلنت تركيا أن قواتها ستدخل منطقة جبال قنديل، معقل حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، في أي لحظة، في الوقت الذي أكد فيه الرئيس رجب طيب إردوغان عزم بلاده على مواصلة محاربة الإرهاب في سوريا والعراق.
وقال إردوغان في لقاء جماهيري مع أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم في سكاريا (شمال غربي تركيا) أمس: «سنواصل الكفاح في سوريا والعراق حتى القضاء على آخر إرهابي يوجه سلاحه إلى بلادنا».
في السياق ذاته، أكد نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ أن بلاده قد تدخل منطقة قنديل في وقت لاحق و«إن كل شيء أصبح ممكناً في أي لحظة». وأشار بوزداغ، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الوزراء برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان الليلة قبل الماضية، إلى أن بلاده نفذت الكثير من العمليات ضد منطقة قنديل، معقل العمال الكردستاني في شمال العراق. وأضاف أن تركيا تحتفظ بحق تنفيذ عمليات عسكرية في المناطق التي سماها بـ«مناطق الإرهابيين والتهديدات الإرهابية»، بما فيها جبال قنديل، من الآن فصاعدا، ويمكن لتركيا أن تدخل قنديل أيضاً في وقت لاحق. فكل شيء أصبح ممكناً في أي لحظة». وأكد أن «الإرهابيين والتهديدات الإرهابية وجميع مصادر الإرهاب هدف لتركيا أينما كانوا».
ويتخذ العمال الكردستاني المحظور في تركيا من جبال قنديل في شمال العراق، معقلاً له، وينشط في العديد من المدن والبلدات العراقية، كما يحتل 515 قرية من القرى الكردية في شمال العراق بحسب الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وكان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو أعلن أول من أمس أن عملية عسكرية للجيش التركي ضد مواقع «العمال الكردستاني» في جبال قنديل، هي «مسألة وقت فقط، وأن الأمر لم يعد حول وجود عملية أم لا؛ وإنما تحول إلى مسألة وقت فقط، قنديل لم تعد بعيدة عنا. تمت السيطرة على كثير من المواقع المؤدية إلى قنديل».
وجاءت تصريحات الوزير التركي وسط مؤشرات على الاستعداد لعملية عسكرية موسعة في شمال العراق، حيث تفقد رئيس الأركان التركي خلوصي أكار السبت الماضي الوحدات العسكرية في قضاء «يوكسك أوفا» بولاية هكاري جنوب شرقي البلاد والواقعة على الحدود مع العراق. ورافق رئيس الأركان قائدا القوات البرية يشار جولر، والبحرية عدنان أوزبال، والنائب الثاني لرئيس الأركان أوميت دوندار.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، أن بلاده أقامت 11 قاعدة إقليمية في شمال العراق، وضاعفت عدد قواتها، مشيرا إلى احتمال توغل قوات تركية جديدة داخل الأراضي العراقية. ونقلت صحيفة «حرييت» التركية عن يلدريم أمس قوله: «لقد ضاعفنا تواجدنا العسكري في شمال العراق. لدينا 11 قواعد إقليمية هناك. هدفنا هو القضاء على الإرهاب قبل أن يتمكن الإرهابيون من التسلل إلى حدودنا». ولفت رئيس الوزراء التركي إلى أن «تركيا يجب أن توفر الأمن لحدودها مع سوريا والعراق، حيث يشكل حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري (وحدات حماية الشعب الكردية) تهديدا منذ فترة طويلة». وقال إن «هناك شريطا محميا بطول 250 كيلومترا على جانبي الحدود، لكن لا تزال هناك حاجة لحماية ألف كيلومتر متبقية من الحدود». وتابع: «لدينا مشكلة شرق الفرات، على طول الحدود الإيرانية العراقية مع تركيا. وهذا يعني أننا ما زلنا نواجه مشاكل على طول 1000 كيلومتر من حدودنا».
وقال يلدريم: «الأميركان والأوروبيون توحدوا ويقولون: فلننشئ دولة للأكراد. دولة الأكراد هنا في أراضي الأناضول». وأضاف في كلمة أمام تجمع انتخابي لحزب العدالة والتنمية في ولاية هكاري جنوب شرقي البلاد أمس: «ليست لدينا مشكلة مع الأكراد، فأنتم إخوة لنا. اعتزّوا بقوميتكم الكردية وأفصحوا عن ذلك بفخر». وتابع: «إخواننا الأكراد لديهم مشكلة مع حزب العمال الكردستاني. فهذه المنظمة بلاءٌ للأكراد والأتراك وجميع الأبرياء. ولقد قررنا سوياً القضاء على هذا البلاء، ولن يكون هناك أي (إرهابي خسيس) في هذه الأراضي. سنستأصل شأفتهم جميعاً».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.