رغم كونها إحدى أصغر الدول في أوروبا شهدت كوسوفو مغادرة عدد كبير من شبانها للقتال في صفوف المتطرفين في الخارج وتسعى حاليا لإعادة تأهيلهم بعد عودتهم من سوريا والعراق، غير أن هناك مخاوف من أن يزيد احتجازهم وعزلهم في السجن من خطورة المشكلة. وقال سامي لوشتاكو، القيادي السابق في جيش تحرير كوسوفو، إن «الطوائف الدينية أفضل تنظيما من سلطات السجون». وهذا القيادي السابق تم سجنه ثم تبرئته على خلفية جرائم ارتكبت خلال حرب الاستقلال بين 1998 و1999.
تصريحات لوشتاكو التي نشرت على نطاق واسع خلال مقابلة مع الكثير من المحطات التلفزيونية جاءت بعد اعتقاله في سجنين، أحدهما مركز يخضع لإجراءات أمنية مشددة في غيردوك على بعد 25 كلم عن العاصمة بريشتينا. وترى حكومة هذه الدولة البلقانية الصغيرة ذات الغالبية المسلمة، في عودة المتطرفين تهديدا حقيقيا. وفي برنامج عملها 2018 - 2022 قالت الحكومة «إن كوسوفو مهددة من أولئك العائدين من مناطق القتال ويعتزمون تقويض مجتمع كوسوفو العلماني والمتعدد إتنيا وطائفيا وحكومتها الديمقراطية». وقال الصحافي فيسار دوريقي المتخصص في الشؤون الدينية إن عزل المتطرفين المسجونين يمكن أن «يمنعهم من التأثير على أشخاص انتهكوا القانون وهم أكثر ضعفا».
لكن النقاش مستمر حول تلك الاستراتيجية التي يقول معارضوها إنها ستؤدي فقط إلى زيادة عزلة المتطرفين في حين أنهم يجب أن يعاملوا مثل أي سجين آخر، إذا أردنا أن يعودوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية.
وبحسب أرقام رسمية، توجه نحو 300 كوسوفي للقتال في صفوف جبهة النصرة (المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي غيرت اسمها إلى فتح الشام) أو مع تنظيم داعش منذ 2012. وقتل أكثر من 50 كوسوفيا وعاد 130 إلى ديارهم حيث سجن 80 منهم.
وبحسب تقديرات «مركز مكافحة الإرهاب» الأميركي للأبحاث عام 2015 فإن «كوسوفو ومقارنة بعدد سكانها البالغ 1.8 مليون نسمة، تعد أكبر مصدر للجهاديين الأوروبيين إلى سوريا والعراق».
ويقول بوريم رمضاني نائب وزير القوات الأمنية «إن أكبر تحد هو جعل هؤلاء الرجال وطنيين وليس زيادة عدائيتهم». ويعتزم مركز مسلمي كوسوفو إرسال 20 إماما تحت إشرافه لزيارة المتطرفين. وقال رئيس أئمة كوسوفو صبري بايغورا لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يجب مساعدة المتطرفين على التفكير بطريقة «تعيدهم مواطنين عاديين... يجب عدم تركهم في عالمهم». غير أن بايغورا استدرك قائلا: «لا نعرف رد فعلهم على ذلك». وأوردت وسائل الإعلام في كوسوفو قضية المتشدد السابق فطيم لادروفتشي (28 عاما) الذي عاود نشاطه الدعائي على شبكات التواصل الاجتماعي فور إطلاق سراحه من سجن غيردوك. وسلط الضوء على المشكلة في المحاكمة الأخيرة لمجموعة من الشبان المتهمين بالتخطيط لهجوم على فريق إسرائيلي لكرة القدم في ألبانيا المجاورة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.
وقالت المدعية المكلفة القضية ميريتا بينا - روغوفا إن واحدا منهم فقط كان مقاتلا سابقا لكن جميعهم «كانوا على تواصل دائم بأعضاء تنظيم داعش في سوريا».
وأحد أعضاء الخلية ويدعى كنعان بلاكاج حكم عليه بالسجن 18 شهرا وأطلق سراحه بانتظار جلسات الاستئناف. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إنه يسعى للعودة إلى حياة طبيعية: «أنجب الأولاد وأواصل مهنتي كصيدلي وأجد عملا». لكن زعيم المجموعة ويدعى فيسار إيبيشي رفض مغادرة زنزانته في سجن غيردوك والمثول أمام المحكمة حيث حكم عليه بالسجن 10 سنوات. وقال خلال محاكمته: «أعرف عدالة الله فقط ولا أشعر بأني مذنب أو إرهابي». يقول إسكندر برتيشي المحلل لدى المركز الكوسوفي للدراسات الأمنية إن المتطرفين السابقين «ينتمون الآن لشبكة إرهاب دولية وتعلموا استخدام الأسلحة والمتفجرات وكانوا قريبين جدا من عمليات القتل والمجازر». وأضاف أن هذا هو نوع الخبرة «التي يحضرونها معهم إلى كوسوفو». وهؤلاء الرجال الذين خرجوا عن تقاليد الإسلام المعتدل في كوسوفو، وقعوا تحت تأثير أئمة متطرفين.
وبحسب خطة العمل الحكومية فإن أولئك الأئمة «لعبوا دورا في نشر التطرف». ودين ستة منهم، وحكم على أحدهم ويدعى زكريا كاظمي بالسجن 10 سنوات في 2016 لحضه على التطرف.
كوسوفو أمام معضلة عزل المتطرفين العائدين من القتال مع «داعش»
قتل أكثر من 50 وعاد 130 إلى ديارهم وسجن 80 منهم
كوسوفو أمام معضلة عزل المتطرفين العائدين من القتال مع «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة