نظم الذكاء الصناعي... أنواعها وتطبيقاتها العملية

أجهزة مساعدة تتخاطب كالبشر وأخرى تتعلم لتخزين المعلومات

نظم الذكاء الصناعي... أنواعها وتطبيقاتها العملية
TT

نظم الذكاء الصناعي... أنواعها وتطبيقاتها العملية

نظم الذكاء الصناعي... أنواعها وتطبيقاتها العملية

أحدثت نظم الذكاء الصناعي ثورة في مجال التكنولوجيا وبدأت تطبيقاتها تشهد انتشارا واضحا في جميع مجالات الحياة، فها نحن نراها في الروبوتات والسيارات الذاتية القيادة وألعاب الفيديو وصولا إلى الجوالات الذكية.
وتمكنت الأجهزة المدعمة بالذكاء الصناعي من الوصول إلى مستويات تضاهي فيها ذكاء الإنسان فاستطاعت على سبيل المثال التغلب على محترفي لعبة المحك «Jeopardy!» كما فازت على أساتذة لعبة «غو» الذهنية غو Go والتي تعتبر اللعبة الأكثر تعقيدًا على الإطلاق. وأضحت هذه الأنظمة الذكية قادرة على التعامل مع كميات هائلة من البيانات وتجري حسابات معقدة بسرعة كبيرة يصعب على الإنسان مجاراتها، وفي هذه السطور سنتعرف على أهم أنواع الذكاء الصناعي.
أنواع متعددة
- النوع الأول من هذه النظم. الذكاء الصناعي عن طريق رد الفعل. ويعتبر هذا النوع أكثر الأنواع بساطة ويعتمد كليا على التفاعل عن طريق رد الفعل. هذا النوع ليس لديه المقدرة على تكوين ذكريات أو الاستفادة من التجارب السابقة للمساعدة في اتخاذ القرارات الحالية ولعل أشهر مثال هو كومبيوتر الشطرنج ديب بلو Deep Blue الذي طورته شركة آي بي أم IBM العملاقة، والذي تمكن من الفوز على غاري كاسباروف في 1997. ليكون أول جهاز كومبيوتر يتغلب على بطل العالم في لعبة الشطرنج.
يستطيع ديب بلو التعرف على القطع على لوحة الشطرنج ويعرف كيف يتحرك كل منها كما يمكنه توقعات احتمالات الخطوة التالية له وخصمه مما يمكنّه من اختيار الحركات الأنسب من بين هذه الاحتمالات الكثيرة.
إلا أن المشكلة في ديب بلو أنه ليس لديه أي مفهوم عن الماضي، ولا يذكر أي شيء حصل له في السابق. فلو أخذنا الشطرنج كمثال، فإن ديب بلو يتجاهل كل شيء قبل اللحظة الحالية وكل ما يفعله هو أن ينظر إلى القطع الموجودة على اللوحة ثم اختيار الحركة المقبلة. أيضا المشكلة الأخرى التي يعاني منها هذا النوع من الذكاء الصناعي هو أنه عادة ما يكون مصمما لتنفيذ مهمة واحدة فقط ولا يستطيع البشر الاستفادة منه إلا للوظيفة التي تم تطويره من أجلها، وهي في حالة ديب بلو «لعبة الشطرنج».
- النوع الثاني. الذكاء الصناعي بذاكرة محدودة. هذا النوع من الذكاء الصناعي يحتوي على آليات تمكنه من النظر في الماضي وتخزين بعض المعلومات البسيطة لمدة وجيزة لتساعده في اختيار القرار المناسب بناء على هذه المعطيات. ولعل أفضل مثال لهذا النوع هو السيارات ذاتية القيادة التي تقوم بملاحظة وتسجيل سرعة السيارات الأخرى واتجاهها وأماكن الإشارات المرورية لكي تعرف متى تزيد من سرعتها ومتى تتوقف في الإشارة المرئية مثلا.
إلا أن هذه المعلومات لا يمكن تخزينها في ذاكرة الجهاز لكي يرجع لها في المستقبل ويستفيد منها كما يستفيد الإنسان من خبرته في القيادة لعدة سنوات، فكل مرة تتجول فيها السيارة ذاتية القيادة في الشوارع تكون ذاكرتها خالية تماما وتبدأ في تجميع المعلومات أولا بأول دون الرجوع إلى الرحلات السابقة.
ذكاء المستقبل
- النوع الثالث: نظرية العقل. لعلنا جميعا نتفق أن الفجوة الكبرى التي تفصل بيننا وبين الآلات الموجودة هو أن هذه الآلات خالية من المشاعر والأفكار الإبداعية النابعة من العقل.
ولذلك، فإن هذا النوع من الذكاء الصناعي سيمكن هذه الآلات بأن ترسم تصورا خاصا بها حول عالمنا، وهذا ما يعرف بـ«نظرية العقل» والتي تتمحور حول فكرة فهم أن الناس والمخلوقات والأشياء في العالم يمكن أن يكون لديهم أفكار ومشاعر تؤثر على سلوكهم.
وإذا أردنا أن نرى روبوتات تعيش معنا في المستقبل فلا بد لهذه الروبوتات أن تكون قادرة على إدراك أن لكل واحد منا أفكارا ومشاعر وتوقعات ويتعين عليها تعديل سلوكها وفقًا لذلك.
- النوع الرابع: الوعي الذاتي. تتمثل الخطوة الأخيرة في تطوير الذكاء الصناعي في بناء أنظمة يمكنها تصور العالم بنفسها وتكون قادرة على تكوين فكرة عامة حول ما يجري حولها وأن تمتلك الوعي الكافي للتنبؤ والتصرف بما يتناسب مع الموقف الموضوعة فيه.
ويعتبر هذا النوع امتدادا «لنظرية العقل» التي تمتلكها أجهزة الذكاء الصناعي من النوع الثالث ولكن هنا بدل أن يكون للأجهزة وعيها ومشاعرها الخاصة فحسب، فإنها أيضا تكون قادرة على قراءة مشاعر الناس حولها وأن تتخيل صورة كاملة لما يدور في أذهانهم والتنبؤ بردات فعلهم.
وإذا رجعنا إلى المثال الذي طرحناه مسبقا حول السيارات الذاتية القيادة، فلو أن سائقا ما خلفنا كرر الضغط على منبه السيارة على فترات متلاحقة، فإن النظام هنا يمكنه التنبؤ بأن السائق في لحظة غضب وأنه ربما يقوم برد فعل غير متوقع وعليه فإن النظام سيتمكن من التكيف مع هذا الوضع واتخاذ الإجراءات المناسبة لتفادي أي حادث عارض.
وعلى الرغم من أننا على الأرجح بعيدون جدا عن إنشاء آلات ذاتية الإدراك، فلا شك أن هذا النوع بالذات لو تم تطويره سيحدث ثورة غير مسبوقة تمهد إلى التكيف مع فكرة أن تعيش روبوتات فيما بيننا تقود السيارات وتتسوق في المحلات وتقوم بأشغال البيت، ولم لا؛ ربما تصل إلى مرحلة أن تحل محلنا في أماكن العمل.
تطبيقات الذكاء الصناعي
تبنت الكثير من الشركات الكبرى تقنية الذكاء الصناعي فقد فاجأتنا غوغل أخيرا بمساعدها الشخصي المتطور غوغل دوبليكس Google Duplex والذي استطاع أن يتظاهر وكأنه شخص عادي ليقوم بالاتصال بصالون حلاقة ويحجز موعدا بعد إجراء حوار طبيعي مع موظف خدمة العملاء؟ والمحير في الأمر أن الموظف لم يلاحظ أن الشخص الذي يحاول حجز الموعد ما هو إلا روبوت! وفي خطوة مشابهة، أعلنت مايكروسوفت خدمة مشابهة أطلقتها في الصين باسم تشاو آيس Xiaoice تستطيع أن تجري محادثة كاملة مع أي شخص دون الإحساس بأنك تكلم مساعدا شخصيا وهميا.
أما بالنسبة لسامسونغ، فقد قدمت لنا مساعدها الشخصي بيكسبي Bixby في جوالاتها الذكية الجديدة ومن خلاله تستطيع أن توجه الكاميرا على أي شيء وسيقوم بيكسبي في لحظات من معرفة الشيء المراد تصويره ويذكر لك اسمه ونوعه وأماكن شرائه من الإنترنيت.
من جهة أخرى، اقتصر استخدام الذكاء الصناعي في منتجات آبل على تقنيات محدودة كميزة فيس آي دي FaceID والتي ترسم صورة ثلاثية الأبعاد لوجه المستخدم لفتح الجهاز بمجرد النظر إليه، إضافة إلى ذلك استخدمت آبل الذكاء الصناعي في تقنية أنيموجي Animoji للواقع المعزز والتي تستطيع رسم أفاتار Avatar يشبه تماما شكل المستخدم ويمكنه محاكاة حركاته وأصواته.
أما هواوي، فاستخدمت تقنية الذكاء الصناعي في كاميرات جوالاتهها فتستطيع الكاميرا من خلاله معرفة العناصر الموجودة في الصورة سواء كان ذلك العنصر حيوانا أو غذاء أو شخصا أو نصا، وبالمناسبة يستطيع النظام ترجمة النصوص فوريا لأي لغة تريد.


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».