في سياسة الأمن القومي الجديدة الصادرة قبل يوم واحد من انتهاء ولاية الحكومة الحالية، وصفت حكومة باكستان تنظيم داعش الإرهابي بأنه يشكل أكبر التهديدات الأمنية على البلاد خلال الشهور المقبلة.
وكشفت سياسة الأمن القومي الجديدة أن ظهور «داعش» داخل باكستان يثير التحديات الأمنية الداخلية الجديدة. وأصدر وزير الداخلية المنتهية ولايته إحسان إقبال سياسة الأمن القومي الجديدة (2018 – 2023) في مؤتمر صحافي، في شعبة وزارة التخطيط الباكستانية.
وذكر التقرير: «إن تهديد الجماعات الإرهابية العابرة للحدود قد نما بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تشير التقارير الأمنية الأخيرة إلى أن تنظيم داعش يعمل على إيجاد موطئ قدم لعناصره في الأقاليم الأفغانية المتاخمة لباكستان». كما أضاف التقرير أيضا إمكانية الانتشار داخل باكستان بدعم من حركة طالبان الباكستانية وفروعها، وهو الاحتمال الذي لا يمكن التغاضي عنه بحال.
وعلى الصعيد ذاته، أضاف التقرير أن الأوضاع قد تفاقمت بسبب عودة المسلحين المخضرمين والمدربين من سوريا والعراق.
كما أن هناك أدلة مقبولة على أن التطرف والتشدد لم يعودا يقتصران على المدارس الدينية وحدها، بل صارا يضمان شبانا من خلفيات ميسورة نسبيا، ومن أبناء الطبقة المتوسطة، ويحصلون على التعليم الجامعي وفي المدارس العادية، وهم عرضة للأفكار والخطاب المتطرف. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإرهاب ظاهرة مدنية حضرية، بقدر ما هو ظاهرة ريفية قبلية، ويلزم التصدي له وفق هذه الصفات.
وأخيرا، ظهر الفضاء السيبراني كمجال من المجالات الرئيسية لانتشار الأفكار المتطرفة بين المواطنين.
وتشعر باكستان بقلق كبير أيضا حيال صعود «داعش» كقوة مسلحة في ولاية نورستان الشرقية في أفغانستان، التي تقع على الحدود قبالة الأراضي الباكستانية.
وأعرب المسؤولون العسكريون الباكستانيون عن قلقهم من صعود تنظيم داعش في نورستان، التي يصفونها بمصدر من مصادر العنف الطائفي داخل الأراضي الباكستانية.
ويقول خبراء الأمن في باكستان، إن بعض الجماعات التي كانت متحالفة في الماضي مع حركة طالبان أصبحت متحالفة الآن مع تنظيم داعش في نورستان. ويبدو أن أغلب الهجمات الطائفية في باكستان قد تمت بواسطة عناصر «داعش» وشركاء التنظيم المحليين، وهم في الغالب من الجماعات الطائفية المحظورة.
وعلى الرغم من أن الحكومة الباكستانية تنكر بشدة الوجود المنظم لتنظيم داعش كتهديد قائم على أراضيها، فقد نظرت السلطة المدنية والقيادة العسكرية في اجتماع أخير إلى الوضع الأمني الإقليمي الجديد الناتج عن أعمال العنف التي ينفذها تنظيم داعش في أفغانستان ومدينة كويتا الباكستانية.
ويقول الخبراء الأمنيون الباكستانيون: «إن قضية صعود (داعش) في أفغانستان قد أثارها المسؤولون الإيرانيون والروس، خلال الشهور الستة الماضية، عندما قامت القيادة المدنية والعسكرية الباكستانية بزيارة رسمية إلى طهران وموسكو لإجراء مباحثات ثنائية سياسية وعسكرية مع النظراء هناك».
ولم تدخل باكستان، حتى الآن، في أي ترتيب رسمي مع هذه الدول الإقليمية بشأن تشكيل آلية للنظر في الآثار الأمنية الناجمة عن صعود «داعش» في أفغانستان. ومع ذلك، هناك تقارير إخبارية تفيد بأن الاتحاد الروسي، وإيران وتركيا، قد وافقوا بصفة رسمية على تشكيل آلية لمراجعة الآثار الأمنية المترتبة على صعود التنظيم الإرهابي في أفغانستان.