«معارك إدارية» بين العبادي ووزيري التعليم والنقل

TT

«معارك إدارية» بين العبادي ووزيري التعليم والنقل

بعيداً عن الجدل والاتهامات بالتزوير في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات العامة في العراق، والنقمة الشعبية الناجمة عن مشكلتي الماء والكهرباء، التي حازت على اهتمام المواطنين ووسائل الإعلام المختلفة، تفجرت مؤخرا «معركة إدارية» أطرافها، رئيس الوزراء حيدر العبادي، من جهة، وكل من وزيري النقل كاظم فنجان الحمامي والتعليم عبد الرزاق العيسى، من جهة أخرى، على خلفية عدم قبول وزير النقل بتعيين العبادي مديرا جديدا لهيئة الطيران المدني، ورفض العبادي قرار إحالة وزير التعليم بإحالة مفتش الوزارة العام إلى التقاعد لبلوغه السن القانونية.
ففي الأسبوع الماضي رفض وزير النقل الامتثال لقرار صادر عن رئيس الوزراء يقضي بتعيين عباس موسى عمران مديرا لسلطة الطيران المدني وإلغاء أمر نقله إلى دائرة أخرى في وزارة النقل، حيث حاجج الوزير الحمامي بقانون الوزارة رقم 45 لسنة 1991 الذي ينص على أن «يخول الوزير المختص صلاحية نقل المديرين والعاملين ضمن دوائر وتشكيلات الوزارة». وورد في كتاب وزير النقل أيضا «يتعذر علينا إلغاء أمرنا الوزاري المتضمن نقل (عباس عمران موسى) إلى الشركة العامة لنقل المسافرين والوفود بدرجة مدير عام، فالمومأ إليه لا يمتلك أدنى مواصفات التأهيل الهندسي الوظيفي الذي يؤهله لإدارة المطارات العراقية». وعلل عدم أهليته بالقول: «تحصيله الدراسي محدد بشهادة الدبلوم الزراعي في الإنتاج الحيواني وشهادة البكالوريوس في الآداب وبالتالي فإن مؤهلاته تتقاطع تماما مع المهمة المعقدة المكلف بها».
وردا على رفض قرر تعيين عباس عمران من قبل وزير النقل الحمامي، أصدرت الأمانة العامة لمجلس الوزراء الأسبوع الماضي بيانا بينت فيه أسباب قرارها فصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل، معتبرة أن القرار لا يتعلق بتعيين عمران. وقال بيان الأمانة العامة: «في الوقت الذي نؤكد فيه تجاوز وزير النقل للنظام الداخلي لمجلس الوزراء رقم 8 لسنة 2014 والقواعد المعتمدة في الوظيفة العامة من خلال تغيبه (وزير النقل) عن جلسة مجلس الوزراء دون إذن رسمي، فإننا نود أن نبين أن قرار مجلس الوزراء بفصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل وربطها بمجلس الوزراء يأتي انسجاما مع أحكام المادة 33 من قانون الموازنة العامة الاتحادية». ويشير البيان إلى أن القرار يتيح لـ«مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء إعادة هيكلة الوزارات القائمة بدمج تشكيلاتها وضمنها شركاتها العامة مع دوائر قائمة أو تغيير جهة ارتباطها أو نقلها وتحديد مهامها أو إلغاء تلك التشكيلات».
وتابع البيان، أن «قرار فصل سلطة الطيران المدني عن وزارة النقل وربطه بمجلس الوزراء لا يمت بصلة لموضوع تكليف أو إنهاء تكليف عباس عمران بوصف أن الأمر المذكور يدخل ضمن اختصاص رئيس مجلس الوزراء بوصفه المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة».
مصادر في وزارة النقل أبلغت «الشرق الأوسط» أن «الوزير متمسك بقراره بشأن عدم القبول بتعيين عباس عمران في منصبه الجديد». وتشير المصادر إلى أن «عمران عضو في حزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي وهو نسيب للقيادي في حزب الدعوة الآخر، عبد الحليم الزهيري، كما أنه لا يتمتع بالكفاءة اللازمة وقد خرج موظفو الوزارة مظاهرة ضده عام 2016. عندما كان يشغل منصب مدير عام النقل البري».
وفي «معركة إدارية» أخرى، عمد رئيس الوزراء إلى تعيين ضياء محمد مهدي باقر مفتشا عاما لهيئة الإعلام والاتصالات وإعادة تكليفه بمهام مفتش عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعد ثلاثة أيام من إحالته على التقاعد من قبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الرزاق العيسى. وكانت وزارة التعليم قالت في كتاب إحالة ضياء محمد مهدي باقر على التقاعد: «نظرا لمرور خمس سنوات على تكليف، ضياء محمد مهدي باقر، مفتشا عاما لوزارة التعليم العالي تقرر عده محالا إلى التقاعد بحكم القانون اعتبار من تاريخ انتهاء تكليفه لعدم تجديده». ويستغرب مصدر في التعليم العالي تمسك العبادي بإعادة تعيين باقر، ويرى أن «ذلك مخالف للقانون لأنه حاصل على شهادة في الكيمياء ولا يجوز تعيينه مفتشا عاما أصلا، لأن قانون المفتشية يوجب تعيين حملة شهادة القانون والاقتصاد حصرا». ويضيف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «عمره 67 عاما وقد تجاوز السقف الزمني للتعيين وأحيل أصوليا إلى التقاعد». ويؤكد المصدر عضوية ضياء باقر إلى حزب الدعوة أيضا، شأن الموظف في وزارة النقل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.