تعرض الأطفال المبكر للميكروبات يقلل الإصابة بسرطان الدم

عدوى خارجية تؤدي إلى طفرة جينية تقود إلى حدوثه

تعرض الأطفال المبكر للميكروبات يقلل الإصابة بسرطان الدم
TT

تعرض الأطفال المبكر للميكروبات يقلل الإصابة بسرطان الدم

تعرض الأطفال المبكر للميكروبات يقلل الإصابة بسرطان الدم

من المعلومات التي أصبحت معروفة نتيجة لكثرة تداولها أن التعرض للميكروبات يسهم في تكوين ما يشبه المناعة للطفل من العدوى، وأن الأطفال الذين يعيشون في بيئة نظيفة تماماً أو أقرب إلى أن تكون خالية من الميكروبات هم أكثر عرضة للإصابة بالأنواع المختلفة من العدوى.
إن هذه النظرية صحيحة تماماً ومنطقية في حالات الإصابة بالبكتيريا أو بالفيروسات المختلفة، ولكن على ما يبدو فإن الآثار الجيدة للتعرض المبكر للميكروبات تمتد لتشمل الوقاية من الإصابة بالأورام التي تصيب الأطفال، ومنها مرض سرطان الدم أو اللوكيميا (lymphoblastic leukemia)، وذلك حسب الدراسة الجديدة التي نشرت في شهر مايو (أيار) من العام الحالي في مجلة الأبحاث الطبيعية للسرطان (journal Nature Reviews Cancer).
- سرطان الدم
وكانت الدراسة التي قام بها باحثون من معهد دراسات السرطان في لندن أشارت إلى أن التعرض المحدود للميكروبات من شأنه أن يقلل من فرص الإصابة بمرض سرطان الدم للأطفال، إذ إن المرض ينشأ من خطوتين منفصلتين؛ الأولى تحدث قبل الميلاد على شكل طفرة في الجينات تهيئ الطفل للإصابة باللوكيميا. والخطوة الثانية تحدث في الطفولة نتيجة لتغير جيني أيضاً، ولكن هذا التغير يكون بسبب الإصابة بعدوى أو بأكثر من أنواع العدوى المعروفة التي تحدث أكثر في الأطفال الذين لم يتعرضوا تقريباً (أو بشكل قليل جداً) للميكروبات خلال عامهم الأول.
وهاتان الخطوتان شبه ضروريتين لحدوث الإصابة، ولذلك فإن أقل من 1 في المائة من الأطفال المهيئين جينياً قبل الولادة سوف يصابون لاحقاً بالسرطان. كلما تعرض الطفل لاكتساب المناعة (جراء الإصابة) مبكراً، كان ذلك بمثابة وقاية له من اللوكيميا، والعكس صحيح.
ومن المعروف أن معدلات الشفاء التام من الإصابة بمرض سرطان الدم في الأطفال كبيرة جداً، وتصل إلى نسب تبلغ 95 في المائة، بعكس البالغين الذين تصل النسبة لديهم إلى 30 أو 40 في المائة فقط من إجمالي الإصابات. وهناك على وجه التقريب طفل من كل أفي طفل سوف يصاب باللوكيميا في الدول الصناعية قبل بلوغه 15 عاماً، إذ إن النخاع العظمي، المسؤول عن تكوين خلايا الدم، يكون في أوج نشاطه وإنتاجه نتيجة للنمو السريع للأطفال. ونتيجة لهذا النشاط الزائد، فإن هناك كثيراً من الخلايا غير الناضجة (immature cells) التي تتعارض مع تكوين خلايا الدم بشكل طبيعي، وتكون هناك زيادة كبيرة جداً في إنتاج نوع معين من خلايا كريات الدم البيضاء (lymphocytes)، ثم ينتقل المرض من الدم إلى بقية خلايا الجسم بالتدريج.
ويتم العلاج الحالي تبعاً لعدة اعتبارات، منها عمر الطفل وقت الإصابة وفي أي مرحلة من المراحل تم اكتشاف المرض وأيضاً أي نوع من الخلل الجيني حدث وأدى إلى حدوث السرطان. والعلاج الحالي عن طريق الإشعاع العلاجي (radiation therapy) أو الكيميائي، وأيضاً أخيراً العلاج بواسطة الخلايا الجذعية (stem cell). وعلى عكس التوقعات، فإن المرض ينتشر أكثر في المجتمعات المتقدمة والأكثر غنى، ويزداد بمقدار 1 في المائة سنوياً، وهو الأمر الذي يعتبر نتيجة متناقضة للتقدم المجتمعي والصحي، حيث وسائل الحماية والوعي الصحي أكبر.
- عدوى وطفرة جينية
أشارت الدراسة إلى أن ما يعزز تلك النظرية حالة التواؤم، وذلك لأن أثناء وجودهم في رحم الأم وحدوث طفرة جينية تهيئ بالإصابة باللوكيميا، فإنها تحدث لكلا التوأمين الذي يتشارك التغذية نفسها عن طريق الدم. ولكن بعد الولادة يحدث أن هناك طفلاً واحداً فقط يعاني من الإصابة بينما يكون الآخر سليماً.
وهذا الأمر يعني أن هناك عاملاً آخر حدث بخلاف الطفرة الجينية الأولى، وهو الإصابة بالعدوى سواء البكتيرية أو الفيروسية، وحدوث الطفرة الجينية الثانية التي سببت السرطان نظراً لأن الجسم لم يكن مستعداً بشكل كافٍ لمقاومة الميكروب.
وكانت دراسة سابقة في إيطاليا أشارت إلى أن فيروس الإنفلونزا هو الذي قام بتحفيز الإصابة باللوكيميا. وأيضاً أوضحت تجربة تم إجراؤها على فئران التجارب أن الفئران التي تحمل جينات معدلة جينياً بشكل يهيئها للإصابة باللوكيميا تمت إصابتها بالفعل عند نقلها من مكان معقم إلى مكان يحمل عدوى، نظراً لضعف مقاومتها للمرض.
وأوضح عدد من الدراسات السابقة التي أجريت على الأطفال أن التعرض البسيط والمتكرر للإصابة بالميكروبات، وكذلك الرضاعة الطبيعية والاختلاط بالأقران كان سبباً في الوقاية من الإصابة في الأطفال المهيئين جينياً لحدوث اللوكيميا، بحيث إنها تصبح عاملاً مساعداً في الوقاية مثلما يكون التلوث والإشعاعات والموجات الكهرومغناطيسية عاملاً مساعداً للإصابة.
وقال الباحثون إنه في حالة إثبات تلك النظرية بمزيد من الدراسات مستقبلاً، فإنها تعطي فكرة عن كيفية حدوث الأورام السرطانية بشكل عام، وإن عامل العدوى على الرغم من أنه يزيد من فرص الإصابة فإنه كلما كان الجهاز المناعي مهيئاً بشكل كافٍ فإن العكس تماماً هو الذي يحدث، وبالتالي يمكن تفادي حدوث الأورام عن طريق تحفيز الجهاز المناعي. ونصحت الدراسة الآباء بضرورة أن ينشأ أطفالهم في بيئة (طبيعية)، بمعنى أن الحرص الزائد والخوف على الأطفال من الإصابة بأي ميكروب قد يأتي بنتيجة عكسية، وأن الإصابة بمرض خطير مثل السرطان قد يمكن تفاديها بالمنطق نفسه الذي يتم به علاج الحساسية عن طريق ما يمكن تسميته (تعليم الجهاز المناعي) وتعويده على مواجهة الميكروبات المختلفة خصوصاً الضعيفة منها التي تجعله قادراً على محاربتها لاحقاً.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.