رئيس جنوب السودان يبحث في أديس أبابا عملية السلام

قبيل تصويت مجلس الأمن على مقترح أميركي بفرض عقوبات على مسؤولين في جوبا

TT

رئيس جنوب السودان يبحث في أديس أبابا عملية السلام

وصل أمس رئيس جنوب السودان سلفاكير ميادريت إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في زيارة غير معلنة، هي الأولى من نوعها منذ تولي رئيس الوزراء الإثيوبي الدكتور آبي أحمد منصبه، كما تأتي قبيل تصويت مجلس الأمن الدولي على مقترح أميركي بفرض عقوبات على مسؤولين جنوب سودانيين، تشمل وزراء الإعلام والدفاع وشؤون مجلس الوزراء.
ورافق كير في زيارته مستشاره للشؤون الخارجية كبير مفاوضيه نيهال دينق نيهال وعدد من الوزراء، وعقد عددا من اللقاءات مع رئيس الوزراء لبحث عملية السلام في جنوب السودان والتطورات الإقليمية والدولية.
وقال السكرتير الصحافي لرئيس جنوب السودان اتيني ويك اتيني: «هذه أول مرة يجتمع فيها الزعيمان، وسيسلط كير الضوء على عدد من القضايا، ويطلع رئيس الوزراء الإثيوبي على وجهة نظر حكومة جنوب السودان حول وثيقة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (الإيقاد) التي قدمتها في جولة المحادثات الأخيرة، والتي انتهت الأسبوع الماضي»، مشيراً إلى أن كير سيطلع أيضا أحمد على الوضع السياسي والأمني في البلاد، كما سيلتقي المسؤولين في الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وأضاف السكرتير الصحافي أن هذه الزيارة تعتبر مهمة للغاية، لأن كير أكد فيها لرئيس الوزراء الإثيوبي عزم إدارته على إنهاء الحرب وتحقيق السلام في البلاد.
وقال مصدر في جوبا لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة تأتي بعد الضغوط الإقليمية والدولية على رئيس جنوب السودان وحكومته، لا سيما أن مجلس الأمن الدولي سيتداول اليوم المقترح الأميركي بفرض عقوبات على عدد من المسؤولين الحكوميين، والمقربين من كير، وفي مقدمتهم وزير الدفاع كوال ميانيق، ووزير مجلس الوزراء الدكتور مارتن آليا لومورو، ووزير الإعلام مايكل مكواي.
وأوضح المصدر أن هناك اجتماعاً مشتركاً يجمع بين هيئة (الإيقاد) وأعضاء مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك اليوم لمناقشة مصير محادثات السلام في جنوب السودان، وذلك على ضوء نتائج الجولة الأخيرة، التي رفضت فيها جميع الأطراف التوقيع على وثيقة (الإيقاد) حول تقاسم السلطة والترتيبات الأمنية، وقال إن أطراف النزاع ينتظرون أن تقدم ردها حول الوثيقة خلال الأيام المقبلة، ليتم بعدها التوقيع على الوثيقة في أديس أبابا بحضور إقليمي ودولي.
ويناقش أعضاء مجلس الأمن الدولي اليوم مسودة اقتراح قدمته الولايات المتحدة، تسعى من خلاله للحصول على موقف موحد لفرض عقوبات على كبار مسؤولي حكومة جنوب السودان، بعد أن اتهمتهم واشنطن بعرقلة جهود السلام، ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين. علما بأنه سبق لمجلس الأمن فرض عقوبات على عدد من المسؤولين من أطراف النزاع سنة 2015، غير أن أميركا فشلت نهاية عام 2016 في تمرير قرار بفرض حظر السلاح بعد أن رفضت روسيا المقترح بحجة أن ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية.
من جهة أخرى، قال وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل مكواي إن منتدى تنشيط عملية السلام «ركز على تقاسم المناصب الحكومية... وموقف المعارضة كله حول توزيع المناصب وهي القضية الأساسية. لكنها تقول إنها لا تناقش ذلك... هل يتوقعون أن يتخلى الرئيس سلفاكير ميارديت عن موقعه للدكتور ريك مشار؟»، داعيا المعارضة إلى تحديد موقفها حول القضايا التي تريد التفاوض حولها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».