ما انتهت المشاورات النيابية الملزمة التي أجراها أمس رئيس الجمهورية ميشال عون، وأفضت إلى تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، حتى أطلت خلافات التأليف برأسها، وبدأت الكتل النيابية صراعاً مستميتاً على الحصص الوزارية، ولم تقف أزمة التمثيل عند الطائفة السنيّة التي يحاول تيار «المستقبل» تسمية كامل وزرائها، باعتباره الممثل المطلق لهذه الطائفة بعد حصوله على 17 نائباً سنياً من أصل 27. بل انسحب الأمر على الطائفة الدرزية، حيث يصرّ الحزب التقدمي الاشتراكي على حصر تمثيلها بكتلته، فيما يسعى النائب طلال أرسلان إلى الاحتفاظ بالمقعد الوزاري الذي يشغله في الحكومة المنتهية ولايتها، وهو ما أثار حفيظة كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب تيمور وليد جنبلاط، والحزب الاشتراكي الذي حذّر من المساس بالميثاقية، أو الإخلال بالتوازنات التي أرستها الانتخابات.
وشكّل قرار تكتل «لبنان القوي» برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، القاضي برفد أرسلان بثلاثة نواب، ليصبح لدى الأخير كتلة تخوّله الحصول على مقعد وزاري، استفزازاً للحزب الاشتراكي، الذي رأى في ذلك محاولة لاقتناص حقيبة وزارية من حصته، إلا أن عضو تكتل «لبنان القوي» النائب ماريو عون، أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ترؤس النائب طلال أرسلان لكتلة «ضمانة الجبل» تأتي ترجمة للاتفاق الذي أبرمه مع الوزير باسيل قبل الانتخابات النيابية، وكان عنوان تحالفنا الانتخابي في دائرة الشوف - عاليه». وقال عون وهو أحد أعضاء تكتل «ضمانة الجبل» الذي يرأسه أرسلان، إن «حصول هذا التحالف على أربعة نواب في الشوف وعاليه، ترجم مضمون الاتفاق وبات أرسلان رئيساً لهذه الكتلة». وأضاف: «من الطبيعي أن يسري هذا الاتفاق على الوضع الحكومي وأن يتمثّل تكتل «ضمانة الجبل» بالحكومة، لأنه سيكون نواة جبهة سياسية ستشكل لاحقاً، وتضمّ كلّ الأحزاب السياسية في الجبل»، رافضاً أن يكون تمثيل التكتل «سبباً في عرقلة تشكيل الحكومة». ودعا ماريو عون النائب السابق وليد جنبلاط إلى «الاعتراف بأن الطائفة الدرزية لها ممثلون غيره أيضاً، وبالتالي يحق لهذا التكتل أن يطرح اسم شخصية لتوزيرها في الحكومة الجديدة».
ويشكّل توزّع التكتلات النيابية الكبرى على كتل صغيرة، مدخلاً لتوسيع دائرة المحاصصة في الحكومة العتيدة، والتسبب في عرقلة التأليف وتصعيب مهمّة الرئيس سعد الحريري، الذي يتوخّى ولادة حكومته بسرعة كبيرة، وكشف قيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود «توجه لدى بعض المراجع الرسمية والقوى السياسية، لاستيلاد كتلٍ نيابية هجينة، لا تعكس التركيبة الحقيقية للمجلس النيابي وإرادة الناخبين، بهدف الدخول إلى الحكومة»، لافتاً إلى أن الانتخابات الأخيرة «أرست توازنات سياسية لا يمكن تجاهلها، وأي محاولة للالتفاف على تمثيل «اللقاء الديمقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط لن تمرّ، وسيتصدّى لها الحزب التقدمي الاشتراكي بكل ما أوتي من قوّة».
وكان الخلاف استفحل بعد الانتخابات، بين الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط من جهة، وبين الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة طلال أرسلان من جهة ثانية، خصوصاً بعد مقتل أحد مناصري الحزب الاشتراكي، خلال إشكال بين الطرفين في منطقة الشويفات، جنوب العاصمة بيروت.
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فحذر من «التذاكي» ورأى أنه «يمكن لأي كتلة أن تضيف 4 أو 5 نواب قبيل التأليف أو تأليف كتلة من هنا أو هناك، ونقوم باحتساب عدد النواب، هذا كله ليس عملا جدياً، فعندما سنصل إلى الجد، الجميع يعلم إلى ما أدت إليه الانتخابات النيابية، وأقصى تمنياتنا أن تحترم نتائج الانتخابات، وأن تؤخذ الإرادة الشعبية على محمل الجد، وسنتمسك بهذا المطلب».
توزير إرسلان يستفزّ جنبلاط و«الاشتراكي» مستعدّ للمواجهة
توزير إرسلان يستفزّ جنبلاط و«الاشتراكي» مستعدّ للمواجهة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة