عرضت المفوضية الأوروبية أمس الأربعاء وضع حد للآلية التي بدأت بحق فرنسا العام 2009 بسبب العجز الكبير في ميزانيتها، بعدما عادت ضمن الهامش المسموح به أوروبيا، وهو قرار يعزز مصداقية الرئيس إيمانويل ماكرون في بروكسل.
وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيسي خلال مؤتمر صحافي: «إنها لحظة مهمة لفرنسا، نهاية تسع سنوات من آلية طويلة وشاقة، ومن جهود مالية أليمة أحيانا، إنما ضرورية».
ويتعين على وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي المصادقة على هذا الاقتراح قبل وقف الآلية فعليا في يوليو (تموز).
وبعدما سجل العجز في الميزانية العامة الفرنسية 2.6 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي العام 2017، من المتوقع بحسب آخر الأرقام الاقتصادية الصادرة عن المفوضية أن يصل إلى 2.3 في المائة العام 2018، ثم 2.8 في المائة العام 2019.
وبقاء العجز لثلاث سنوات متتالية دون «عتبة 3 في المائة» الأوروبية، بعدما تخطاها لعشر سنوات، يثبت برأي المفوضية أن التصحيح المالي في فرنسا مستديم.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير في بيان إن «الجهود التي بذلتها الحكومة (...) آتت ثمارها».
وأكد أن «الحكومة تعهدت مواصلة تصحيح ماليتها العامة طوال عهدها» البالغ خمس سنوات.
وقال موسكوفيسي الذي تولى وزارة المالية بين 2012 و2014 في عهد الرئيس فرنسوا هولاند: «لا أخفي عليكم أنها أيضا لحظة ذات قيمة رمزية بالنسبة لي كوزير سابق للمالية ومفوض حاليا».
وكتب الرئيس السابق منذ مساء الثلاثاء على «تويتر»: «إن كان هناك اليوم عجز في الميزانية العامة دون 3 في المائة ونمو أعلى من 2 في المائة واستحداث وظائف، فذلك لأن القرارات المتخذة (في عهده) كانت قرارات جيدة».
ويعزز إعلان بروكسل موقع الرئيس إيمانويل ماكرون، بعدما كان أداء بلاده المالي يطعن في مصداقية طموحاته لإصلاح الاتحاد الأوروبي في وجه تشكيك ألماني.
وكانت فرنسا بين آخر دولتين في منطقة اليورو ما زالتا موضع الآلية الأوروبية الخاصة بالعجز الطائل في الميزانية والتي يمكن أن تقود إلى عقوبات وغرامات، ولو أن ذلك لم يحصل مرة حتى الآن. وبذلك تبقى إسبانيا الدولة الوحيدة المعنية، حتى العام المقبل على أقرب تقدير.
لكن الأنظار تتجه كذلك إلى إيطاليا التي ستتولى السلطة فيها حكومة شعبوية مشككة في جدوى أوروبا، ما يثير مخاوف أوروبا والأسواق بسبب حجم دينها العام المقدر بـ130.7 في المائة من إجمالي ناتجها الداخلي في 2018.
وشدد موسكوفيسي على أن «الدين الإيطالي مسألة مهمة لمستقبل إيطاليا (...) وهذا يتطلب ردا ذا مصداقية».
طاولت هذه الآلية العام 2011 خلال مرحلة الأزمة الاقتصادية 24 من دول الاتحاد الأوروبي في آن.
وتهدف التشريعات الأوروبية الخاصة بالدين والعجز في المالية العامة إلى ضمان استقرار منطقة اليورو.
ومع خروج فرنسا المرتقب من الآلية، يتحتم على ميزانيتها أن تستوفي اعتبارا من السنة الجارية قوانين أكثر صرامة من مجرد عدم تخطي عتبة 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.
وبين المعايير الأساسية، الحد من العجز البنيوي، أي العجز المحتسب بدون مفاعيل النمو.
وهذا الجهد البنيوي الذي فرضته المفوضية يفترض أن يسمح بخفض الدين العام الفرنسي الذي يتوقع أن يصل إلى 96.4 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي العام 2018، ما سيشكل «معركة جديدة» لباريس.
وأوصت المفوضية الأوروبية بهذا الصدد باريس بـ«مواصلة الإصلاحات» في مجالي التعليم والتأهيل، و«الحرص» على أن «يكون الحد الأدنى للأجور متناسبا مع ضرورات استحداث الوظائف والتنافسية»، إنما كذلك خفض الضرائب والحد من النفقات.
ومن شأن القرارات الحكومية الأخيرة مثل التكفل بجزء من دين الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديد، أن تزيد النفقات العامة، ما قد يعني تعقيدات إضافية في العلاقة مع بروكسل.
فرنسا تخرج من 9 سنوات عجزاً طائلاً في الميزانية
فرنسا تخرج من 9 سنوات عجزاً طائلاً في الميزانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة