خلافا للسنوات الماضية، غابت البرامج والمسلسلات التلفزيونية خفيفة الظل في تونس على البرمجة الرمضانية خلال هذا الموسم واختفت تقريبا تلك الابتسامة التي توفرها برامج الكاميرا الخفية أو المسلسلات ذات الطابع الاجتماعي الكوميدي على غرار سلسلة «شوفلي حل» التي على بساطة فكرتها كانت ملاذا للعائلات التونسية وفضاء مناسبا للابتعاد عن مظاهر العنف والإجرام التي عرضتها قنوات تونسية على مشاهديها.
ولئن عولت القناة الوطنية الأولى (حكومية) على سلسلة «محطة الغسيل» لإضفاء البهجة على الصائمين، فإنها فقدت كثيرا من مشاهديها نتيجة عدم إنتاجها لعمل درامي في مستوى مؤسسة عمرها 80 سنة. وحاول هذا المسلسل إدخال البسمة على الوجوه ولأن طرح مشكلات المرأة التونسية من عزوبية ونظرة المجتمع إلى المرأة العاملة في غير الاختصاصات التقليدية، جعلت هذا العمل لا ينجح كثيرا في جوانبه الكوميدية.
وراهنت قناة «نسمة» الخاصة من جديد على مسلسل «نسيبتي العزيزة» «في جزئه الثامن، ولكن التونسيين ملوا تلك الشخصيات ولم يعد المتفرج على حد تعبير أحد النقاد المختصين في الفنون ينتبه إلى الأداء الباهت لنجوم هذه السلسلة، ولن يضحك من غباء» الفاهم «ولا بلاهة» خميسة «كما أنه تعود على التفكير الباهت لـ«المنجي» «وقلة حرفية» ببوشة «وكلها شخصيات رئيسية في هذه السلسلة التي أرادتها القناة فرجة للعائلة التونسية لخلوها من العنف وتعرية المجتمع التونسي بأسلوب فج».
وككل موسم، خلقت الفرجة المضمونة للأطباق الفنية خلال شهر رمضان منافسة حادة بين القنوات التلفزيونية التونسية سواء منها الخاصة أو العمومية، وحاولت كل قناة بطريقتها الخاصة شد انتباه المتفرجين، البعض منها لجأ إلى الإثارة المجانية والتطرق لمواضيع الإجرام والفتوة والبعض الآخر عول على كتب التاريخ مثل العمل الدرامي «تاج الحاضرة» الذي حاول استرجاع مجد حكام تونس من البايات الأتراك في إعادة مكررة لمشاهد «حريم السلطان».
وعاد مسلسل «المركز52» على قناة «قرطاج+» الخاصة إلى معالجة تعاطي المخدرات والإدمان وتدور أحداث العمل في مركز للتأهيل لمعالجة الشباب من الإدمان، الكل في المركز مدمن ولكل طريقته في تقديم الشخصية يختلفون حد الاتحاد، يجمعهم مكان واحد وهدف واحد يمثل في كيفية العلاج مع مواصلة الاستهلاك.
وفي السياق ذاته، خلق مسلسل «علي شورب» جدلا اجتماعيا وأخلاقيا حادا نتيجة عرض مشاهد الإجرام والدماء والصعلكة في أحياء تونس العتيقة للشخصية الرئيسية خلال عقد السبعينات من القرن الماضي. فهذه الشخصية عرفت في الأوساط الاجتماعية بقوة بطشها واعتدائها على خلق الله بكل الطرق اللفظية والجسدية، وهو ما حدا بكثير من علماء النفس والاجتماع إلى الامتناع عن ترك الأبناء يطلعون على السلوك غير السوي لتلك الشخصية مما يجعلها قدوة ونموذجا من قبل البعض من ضعاف الشخصية.
ولئن لعبت قنوات تلفزيونية على نسبة المشاهدة التي غالبا ما تترجم إلى عائدات مالية متأتية من الإشهار، فإن الواقع الإبداعي في القنوات التونسية لم تحدث به رجة فنية تخرجه من عنق زجاجة الإثارة المجانية. ولئن حاولت بعض القنوات العودة إلى الفكاهة البسيطة والضحكة الصادقة، فإن غياب نصوص إبداعية حقيقية وكتاب سيناريو على درجة من الوعي والحرفية أثر على المشهد الرمضاني كله وخلق جدلا موازيا ليس حول أهمية المواضيع المطروحة بل دار حول التأثير السلبي لمعظم الأعمال المعروضة على الناشئة ودورها في تشكيل شخصيات المستقبل.
الكوميديا تغيب عن الأعمال التلفزيونية الرمضانية في تونس
مسلسلات هذا العام تحاكي المشكلات المجتمعية
الكوميديا تغيب عن الأعمال التلفزيونية الرمضانية في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة