يتجه المؤتمر العاشر لحزب التقدم والاشتراكية المغربي، (الشيوعي سابقاً)، المشارك في الحكومة، للتجديد لنبيل بنعبد الله كأمين عام للحزب لولاية ثالثة.
فخلال أول مجابهة أمس مع منافسه سعيد الفكاك، الأمين العام السابق لشبيبة الحزب، حصل بنعبد الله على توقيعات الأغلبية الساحقة للمؤتمرين، ناهزت 8 أضعاف التوقيعات الداعمة التي حصل عليها منافسه. تجدر الإشارة إلى أن القانون الأساسي للحزب يشترط للترشيح للأمانة العامة جمع توقيعات 10 في المائة من المؤتمرين على الأقل، غير أن الحسم الأخير في المنافسة بين الرجلين سيكون عن طريق صناديق الاقتراع، وذلك بعد أن تحسم رئاسة المؤتمر في صحة توقيعات الداعمين لكليهما واستجابتها للشروط المحددة في القانون الأساسي.
ودافع بنعبد الله أمام المؤتمرين عن تحالفه مع حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، ومشاركته في حكومته الأولى برئاسة عبد الإله ابن كيران، ثم في حكومته الثانية برئاسة سعد الدين العثماني. وأشار بنعبد الله، لدى افتتاحه أول من أمس للمؤتمر العاشر للحزب بمنتجع بوزنيقة (جنوب الرباط) إلى أن الحزب دفع ثمن هذا الخيار بـ«حرمانه» من مقاعد برلمانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وقال بنعبد الله، في سياق حديثه عن الانتخابات البرلمانية، التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) من السنة الماضية: «كانت النتائج المعلن عنها صادمة، إذ لم تعكس الوزن السياسي أو الانتخابي لحزبنا، واتضح أنه تم حرمانه من مقاعد عديدة، فيما يبدو ضريبة سياسية عن مواقفه وتوجهاته وتعاقداته، بالإضافة إلى ما شاب العملية الانتخابية من اختلالات وممارسات مشينة وخارجة عن القانون، وهو ما سبق وشكل، في حينه، محور تحليل وتقييم ومساءلة ذاتية من قبل الدورة السابعة للجنة المركزية (30 أكتوبر 2016)».
وحول تبلور الموقف الداخلي للحزب من مشاركته في حكومة «العدالة والتنمية»، قال بنعبد الله: «انتقلنا من تحفظات داخلية متفهمة بخصوص بعض اختيارات الحزب وتموقعاته قبيل، ومع بداية، مشاركتنا في الحكومة السابقة، إلى شبه إجماع، بفضل نهج الحوار الدائم بيننا، من جهة... وبفعل التبين التدريجي من سلامة خطنا السياسي العام، ومن جهة ثانية، لا سيما أن التخوفات والتوجسات المشروعة ما لبثت أن تبددت حين حصل الاقتناع بأن مبررات مشاركتنا في حكومة ابن كيران بنيت على فلسفة مواصلة الإصلاح في كنف الاستقرار على أسس برنامجية محددة، الحكم فيها هو العمل والإنجاز وخدمة المصلحة الوطنية العامة، وأن تلك المشاركة، المتواصلة اليوم في حكومة العثماني، إنما غايتها الأساس الإسهام في الدفع بالإصلاحات الكبرى إلى أبعد مدى».
ووصف بنعبد الله منتقديه بأنهم «تعوزهم الموضوعية في التشخيص، حتى لا أقول النزاهة في التحليل»، مشيرا إلى أن الولاية الحكومية التي شارك فيها بقيادة حزب العدالة والتنمية لم يتخذ خلالها أي قرار «كان فيه مساس بالحقوق أو الحريات أو بالمجال والمكتسبات الديمقراطية، بل بينت التجربة أن حزب التقدم والاشتراكية ظل ساهرا يقظا بخصوص كل ما من شأنه مخالفة التوجه القيمي الديمقراطي والتحديثي». ودافع بنعبد الله أيضا في افتتاح مؤتمر حزبه عن أداء وزراء الحزب وحصيلتهم، سواء في الحكومة السابقة أو الحالية.
وفي سياق حديثه عن الوضع السياسي في المغرب، الذي يتميز بظهور احتجاجات ذات طابع اقتصادي واجتماعي في العديد من المناطق والدعوة إلى مقاطعة منتجات بعض الشركات بسبب الغلاء، دعا بنعبد الله إلى «ضرورة التجاوب مع المطالب الشعبية، ونهج الحوار في إطار ضمان ثنائية الحقوق والواجبات المؤطرة قانونيا». وقال: «يتعين عدم الاستهانة بالهواجس المتنامية لدى المواطنات والمواطنين، كما لا يجوز الاعتقاد بأن العزوف عن المشاركة السياسية يعني دائما عدم الاهتمام بسلوك الطبقة السياسية وبمآل الديمقراطية. وبالتالي، فإن الفاعلين في الحقل العمومي، على اختلاف مواقعهم ومسؤولياتهم، مدعوون، بإلحاح، إلى عدم إخلاف الموعد مع التاريخ، حيث بات ضروريا عدم إفساح المجال لسيادة أجواء القلق والشك، وسط مختلف شرائح وفئات المجتمع».
وأضاف: «في هذا الإطار، يجب الانتباه إلى أن تصاعد الحركة الاحتجاجية ببعض مناطق بلادنا، مثل الحسيمة وجرادة وزاكورة. انبنى، فعلا، على عدد من المطالب المادية والمعنوية المشروعة، بالنظر إلى الخصاص (النقص) المسجل في كثير من المجالات، وإلى حجم الانتظارات المعبر عنها من قبل المواطنات والمواطنين. وهو تعبير عن قلق مشروع لفئات اجتماعية مختلفة، وخاصة الفئات الشعبية المحرومة، حول مآل تطلعاتها نحو الديمقراطية والحرية والمساواة والكرامة، ونحو التنمية والعدالة الاجتماعية والمجالية، لا سيما أن مسلسل التنمية الاقتصادية، التي حققت فيها بلادنا منجزات كبيرة ونجاحاتٍ ملموسة، لم ينعكس، بالشكل الإيجابي والعادل المطلوب، على مستوى عيش الجميع بالمقدار نفسه». وأشار إلى أن ضرورة ارتكاز معالجة هذه التحديات على «مؤسسات قوية، وحياة سياسية سليمة، وحياد إيجابي للسلطات العمومية، وأحزاب متجذرة ومستقلة». وواصل مؤتمر الحزب أشغاله أمس في إطار اللجان الموضوعاتية التي ناقشت وثائق المؤتمر، والمصادقة على أعضاء اللجنة المركزية الذين انتخبتهم الفروع، وتقديم الترشيحات الرسمية للأمانة العامة والحملة الانتخابية للمرشحين.
زعيم «التقدم والاشتراكية» المغربي يدافع عن تحالفه مع الإسلاميين
زعيم «التقدم والاشتراكية» المغربي يدافع عن تحالفه مع الإسلاميين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة