زوما: وفاة مانديلا «خسارة غير مسبوقة» لجنوب أفريقيا

بدء أسبوع حداد على الزعيم الراحل.. والعائلة تتذكر لحظاته الأخيرة * أوباما وبوش وكلينتون يشهدون جنازته

ويني ماديكيزيلا مانديلا الزوجة السابقة لنيلسون مانديلا.. ورئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما خلال حضورهما حفل تأبين مانديلا في كنيسة الميثودية برينستون بضواحي جوهانسبرغ جنوب أفريقيا (ا. ف. ب)
ويني ماديكيزيلا مانديلا الزوجة السابقة لنيلسون مانديلا.. ورئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما خلال حضورهما حفل تأبين مانديلا في كنيسة الميثودية برينستون بضواحي جوهانسبرغ جنوب أفريقيا (ا. ف. ب)
TT

زوما: وفاة مانديلا «خسارة غير مسبوقة» لجنوب أفريقيا

ويني ماديكيزيلا مانديلا الزوجة السابقة لنيلسون مانديلا.. ورئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما خلال حضورهما حفل تأبين مانديلا في كنيسة الميثودية برينستون بضواحي جوهانسبرغ جنوب أفريقيا (ا. ف. ب)
ويني ماديكيزيلا مانديلا الزوجة السابقة لنيلسون مانديلا.. ورئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما خلال حضورهما حفل تأبين مانديلا في كنيسة الميثودية برينستون بضواحي جوهانسبرغ جنوب أفريقيا (ا. ف. ب)

وسط تراتيل وكلمات تأبين تجمع أبناء جنوب أفريقيا من كل حدب وصوب للصلاة من أجل الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، الذي يعتبرونه نموذجا لبناء أمة وعالم أفضل. وتجمع المواطنون في الكنائس والمساجد والمعابد ومجالس البلدية في أنحاء البلاد من نهر ليمبوبو إلى إقليم الكاب، حيث نعى الملايين رجلا يعتبرونه «أبا الأمة» ومنارة عالمية للنزاهة والاستقامة والتصالح.
مانديلا أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا، قاد البلاد إلى الديمقراطية متعددة الأعراق، منهيا سياسة الفصل العنصري توفي الخميس الماضي عن 95 عاما بعد صراع مع المرض دام شهورا. ومنذ وفاته تنهال على جنوب أفريقيا التعازي وتتركز أعين العالم على منزله في جوهانسبورغ، حيث تضع الحشود الزهور والرسائل والبالونات.
وقال رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما إن وفاة الزعيم نيلسون مانديلا «خسارة غير مسبوقة» للبلاد. جاء ذلك خلال قداس كنسي أمس تكريما لأيقونة مناهضة الفصل العنصري (الأبارتايد). وأضاف زوما، وإلى جانبه زوجة مانديلا السابقة ويني ماديكيزيلا - مانديلا، وحفيد الزعيم الراحل، ماندلا مانديلا، أن الزعيم الحائز على جائزة نوبل للسلام ناضل من أجل العدالة والمساواة للجميع.
وتابع زوما أنه من المهم «أن لا ننسى بعض القيم التي دافع عنها، وناضل في سبيلها، وضحى بحياته لتحقيقها». وذكر زوما مئات الأشخاص الذين حضروا القداس في كنيسة ميثودية بضاحية بريانستون في مدينة جوهانسبورغ أن مانديلا ناضل ضد هيمنة البيض والسود.
ولم تتحدث ماديكيزيلا - مانديلا، التي بدا أنها لا تستطيع الحفاظ على رباطة جأشها، إلى الحشد المشارك في القداس. واتحد مواطنو جنوب أفريقيا، من أتباع جميع الديانات، أمس في دعاء وتأمل، حيث أقيمت مئات من الطقوس الدينية في أنحاء البلاد تكريما لمانديلا. وخصصت الحكومة أمس ليكون يوما وطنيا للصلاة والدعاء في بداية أسبوع من المراسم التذكارية الرسمية، التي تبلغ ذروتها بمراسم تشييع جنازة الزعيم الراحل. وقالت جيسي دوارتي، عضو حزب المؤتمر الحاكم، التي عملت مساعدة خاصة لمانديلا، إن أحد أبرز الأشياء بشأن الراحل هو أنه عرض صداقته مع الجميع. وخصصت الحكومة أمس ليكون يوما وطنيا للصلاة والدعاء في بداية أسبوع من المراسم التذكارية الرسمية، التي تبلغ ذروتها بمراسم تشييع جنازة الزعيم الراحل بقرية أسلافه، كونو، في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
ويتوقع أن يشارك مئات آخرون في أكبر كنيسة كاثوليكية في البلاد ببلدة سويتو، بالإضافة إلى آخرين في كاتدرائية «سانت جورج الإنجليكانية» في كيب تاون في مراسم يرأسها كبير الأساقفة السابق ديزموند توتو. وروى صديق مقرب من مانديلا، وهو عضو البرلمان بانتو هولوميسا، للمرة الأولى اللحظات الأخيرة في حياة «والد الأمة» الذي توفي مساء الخميس هو محاط بأسرته في منزله بمدينة جوهانسبورغ.
وحضر هذه اللحظات زوجة مانديلا غراسا ماشيل وزوجته السابقة ماديكيزيلا - مانديلا، وأبناؤه وأحفاده. وقال هولوميسا لإذاعة «كيب توك» المحلية: «كنت أقف هناك. رأيت ماديبا في حالة أسوأ مما كان عليه». «ماديبا» هو اسم عائلة مانديلا. ومع تزايد أعداد قادة ورؤساء العالم وكبار الشخصيات المتوقع حضورهم مراسم جنازة المناضل ضد الفصل العنصري (الأبارتايد)، قالت الحكومة إنها تستعد لتلبية «التحدي اللوجيستي» لترتيب مراسم دفن أول رئيس أسود للبلاد. ومع استمرار التحضيرات لجنازة الزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا، بدأت شخصيات عالمية رفيعة إعلان مشاركتها في التشييع الذي سيجري في 15 ديسمبر لوداع «ماديبا».
وقد أعلنت واشنطن أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وزوجته ميشيل سوف يتوجهان الثلاثاء إلى جوهانسبورغ للمشاركة في حفل تأبين نيلسون مانديلا، المناضل الجنوب أفريقي ضد التمييز العنصري. وسيشيع مانديلا يوم 15 ديسمبر في كونو (جنوب)، مسقط رأس الرئيس الجنوب أفريقي السابق الذي توفي الخميس عن عمر 95 عاما». وكان البيت الأبيض ذكر الجمعة أن الرئيس السابق جورج دبليو بوش وزوجته لورا سينضمان إلى أوباما وميشال على متن طائرة الرئاسة الأميركية، في زيارة جنوب أفريقيا هذا الأسبوع.
من جانبها أعلنت الأمم المتحدة أن أمينها العام بان كي مون سوف يشارك الثلاثاء في جوهانسبورغ بمأتم نيلسون مانديلا». وسيحضر الرئيس الأسبق بيل كلينتون أيضا مراسم جنازة مانديلا، لكن لم تعلن بعد خطط زيارته، بينما أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أنه سيحضر مراسم الجنازة. وتم منح تصاريح لتغطية الحدث لأكثر من 2500 صحافي من أنحاء العالم.
من ناحية أخرى، يقوم فريق طبي حاليا بإعداد جثمان مانديلا، لوضعه من أجل إلقاء نظرة الوداع عليه، بداية من الأربعاء المقبل.
ويتوقع أن يتدفق عشرات الآلاف من الأشخاص غدا إلى ملعب «ستاد البنك الوطني الأول» في جوهانسبورغ للمشاركة في أداء صلوات تذكارية على روح مانديلا. ويجري إنشاء مواقع إضافية في أنحاء البلاد لاستيعاب جماعات حاشدة يتوقع أن تتدفق لأداء الصلوات على روح مانديلا، رغم عدم إعلان الحكومة عطلة رسمية. وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» الجنوب أفريقية أن مناضل الحرية الراحل كان يتنفس طبيعيا في لحظاته الأخيرة، ولم يكن متصلا بأي أجهزة تنفس.
وقال ثيمبا ماثانزيما، المتحدث باسم عائلة مانديلا، إن الأيام التي مرت منذ وفاة مانديلا لم تكن هينة على أقاربه.



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.