استنكر السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر تناقضات زعيم الميليشيات الحوثية عبد الملك الحوثي، بعيد خطاب حاول فيه زعيم الميليشيات أول من أمس تمرير أوامر لنهب اليمنيين واستمرار القتل ودعوات الموت.
وغرد آل جابر في حسابه على «تويتر» قائلا: «قائد الميليشيات الحوثية الإرهابية الإيرانية يختبئ في كهفه بحراسة خاصة من الحرس الثوري الإيراني، ويأمر أتباعه بقتل اليمنيين ونقض الاتفاقيات، ويغدر بحلفائه، ويعتدي على جيرانه سافكا الدم المسلم، ثم يخرج ذليلاً من كهفه؛ ليتحدث باسم الإسلام واليمن».
واستغل الحوثي مقتل الصماد لشرعنة نهب اليمنيين بمشروع قانون أمر النواب الخاضعين لجماعته في صنعاء بإسراع إصداره، ليتيح له جباية مزيد من أموال اليمنيين وثرواتهم لتمويل مجهوده الحربي والإنفاق على ميليشياته.
وفيما يتندر اليمنيون على مساعي الميليشيات لشرعنة سرقة أموال الشعب، تضمن خطاب زعيم الميليشيات توجيهات مباشرة لرجال الأعمال والتجار لدفع المزيد من الأموال لتمويل المجهود الحربي والإنفاق على عناصر الجماعة الملتحقين بجبهات القتال.
كما فضح الحوثي مدى تسلطه كاشفا عن إمساكه المحكم بكافة شؤون جماعته وتحركات قادته، إضافة إلى معرفته بالتفاصيل الصغيرة، المتعلقة بما يدور في كواليس صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها الجماعة، إذ أكد أن رئيس مجلسه الانقلابي الصريع صالح الصماد كان لا يتحرك ميدانيا أو يتخذ أي أمر إلا بالرجوع إليه لأخذ الإذن، بما في ذلك مسألة الانتقال الميداني الذي لقي فيه حتفه.
ويعكس هذا الاعتراف الحوثي بتسلطه، بحسب ما يقوله كثير من المراقبين للشأن اليمني، عن زيف الخطاب العام الذي تردده الميليشيات عن رغبتها في التعايش والشراكة مع القوى الأخرى، إذ إن زعيمها هو الحاكم المطلق، وهو ما يدلل كذلك على مسؤوليته المباشرة عن كافة الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها أتباعه.
ورغم أنه حاول أن ينفي مسؤوليته المباشرة عن تعيين صهره ومدير مكتبه مهدي المشاط رئيسا لمجلس حكم الميليشيا خلفا للصماد، إلا أن هذا النفي، يرجح في حد ذاته العكس تماما، إذ إنه هو من أوعز لقادة الميليشيات باختيار خليفة الصماد، إمعانا منه في تركيز كافة أنواع السلطة في يد أتباعه والمقربين من دائرته المباشرة، حتى يضمن عدم تسرب أي صلاحيات في القرار إلى ممثلي القوى الأخرى المتحالفة معه.
ولم يفوت زعيم الميليشيات عملية استثمار مقتل الصماد، لإبداء الإعجاب بمدى إخلاصه للجماعة، بل زعم أن مصرعه لم يؤثر على معنويات بقية قادته، في الوقت الذي بدا فيه متوسلا لحشد المقاتلين، إضافة إلى محاولته إيهام سكان محافظة الحديدة أن الصماد لقي حتفه وهو يحاول الدفاع عنهم، وليس لسرقة أراضيهم وأموالهم كما كان يفعل غيره من أتباع النظام السابق، في إشارة اتهامية إلى قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» وأتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وتضمن خطاب الحوثي هجوما مبهما على وزراء قال إنهم يحاولون البحث عن بطولات لتلميع أنفسهم كما يحاولون التسلق على ظهور الآخرين، دون القيام بواجباتهم، في إشارة مبطنة إلى النائب في البرلمان ووزير حكومة الانقلاب للصناعة والتجارة الذي شن قبل أيام هجوما ناريا على الميليشيات الحوثية متهما إياها بالسطو على موارد الدولة.
وحتى لا يتطاول حلفاء الميليشيات في صنعاء على عناصرها الطائفيين، لمنازعتهم أي سلطات، قطع الحوثي عليهم الباب بتذكيرهم أن جماعته هي التي تضحي وتقدم القتلى من بين قياداتها «من مختلف المستويات من الصف الأول إلى كل المستويات» على حد قوله.
إلى ذلك، كانت الدعوة إلى التحشيد والبحث عن المقاتلين، هي الخلاصة التي أراد الحوثي أن يوصلها من خلال خطابه إلى أتباعه في مناطق سيطرتهم، لجهة النزيف المستمر الذي باتت تعانيه الجماعة جراء تناقص أعداد مقاتليها في المواجهات وضربات طيران تحالف دعم الشرعية.
غير أن الشق الآخر الأهم من هذه الدعوة تمثل في مخاطبة رجال الأعمال والتجار لحضهم على مزيد من الإنفاق لتمويل المجهود الحربي ورعاية أسر المقاتلين، على رغم الضرائب التي يدفعونها والإتاوات المستمرة التي قادت بعض التجار خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة إلى الإفلاس.
وفي موازاة هذه الدعوة التي يرجح المراقبون أن تقوم الميليشيات بترجمتها عمليا في أرض الواقع، شدد الحوثي على النواب الخاضعين لقبضة الجماعة في صنعاء للإسراع بإقرار قانون للزكاة كانت الميليشيا أرسلته للنواب في انتظار أن يقوموا بإقراره لمنحه شرعنة صورية باطلة.
واتساقا مع نزوع زعيم الميليشيات إلى تركيز كافة شؤون سلطته في قبضة الجماعة، تولت شقيقته بشرى الحوثي زعامة المجتمع النسائي في صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة، إضافة إلى قيادة عناصر الأمن النسائي للجماعة المعروفات بالزينبيات.
وفي هذا السياق، ذكرت المصادر الرسمية للميليشيات أن شقيقة الحوثي أقامت حفل عزاء في صنعاء، لمقتل الصماد، بحضور زوجة الأخير وقريباته، إضافة إلى القيادات النسائية المواليات للجماعة.