واشنطن: العلاقات مع القاهرة محورية و«ليست إما أبيض وإما أسود»

بريطانيا تعين جون كاسن سفيرا لها لدى مصر

السفير البريطاني جون كاسن
السفير البريطاني جون كاسن
TT

واشنطن: العلاقات مع القاهرة محورية و«ليست إما أبيض وإما أسود»

السفير البريطاني جون كاسن
السفير البريطاني جون كاسن

أعلنت الحكومة البريطانية أمس عن قرارها بتعيين الدبلوماسي جون كاسن، الذي عمل كسكرتير خاص لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على مدار أربع سنوات، سفيرا لها لدى مصر اعتبارا من شهر أغسطس (آب) المقبل، ليخلف السفير الحالي جميس وات، الذي قالت لندن إنه «سيتقاعد من العمل الدبلوماسي»، في وقت قالت فيه الخارجية الأميركية إن «تخوفها» حيال بعض النقاط الخاصة بحقوق الإنسان في مصر لا يتعارض مع تحالفها وشراكتها الاستراتيجية مع القاهرة، التي تعد «محورية للدبلوماسية الأميركية في العالم العربي»، ملخصة مبدأ العلاقة في القول إن «الأمر ليس إما أبيض وإما أسود».
واضطربت العلاقات المصرية الأميركية منذ الإعلان عن عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي في صيف العام الماضي، لكن المضي قدما في استحقاقات «خريطة المستقبل» المصرية، مثل نقطة ترجيح في تحسن العلاقات المشتركة، وخصوصا أن واشنطن تعد مصر شريكا استراتيجيا في الشرق الأوسط. وهو الأمر الذي تكلل بزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى القاهرة قبل يومين ولقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لكن كيري أعرب أول من أمس عن استيائه من أحكام قضائية لمجموعة من الصحافيين، لكنه لم يتطرق إلى ما وعد به قبل ذلك بيوم حول العمل على الإفراج عن مساعدات أميركية مجمدة إلى القاهرة، من بينها عشر طائرات أباتشي، ترى كل من واشنطن والقاهرة أنها ضرورية في مكافحة الإرهاب. وفي ردها على سؤال حول ازدواجية موقف حكومتها تجاه مصر، اختصرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف ذلك بقولها إن «الأمر ليس إما أبيض وإما أسود»، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ومصر تقيمان «علاقة معقدة».
ودافعت هارف في حديثها أمام الصحافيين ليلة أول من أمس عن الموقف الأميركي بقولها: «يمكننا أن نبدي قلقنا إزاء حقوق الإنسان، وأن نعبر أيضا عن مصلحتنا المشتركة في تقديم المساعدة (العسكرية) المخصصة لمكافحة الإرهاب، خصوصا في شبه جزيرة سيناء معقل الجماعات الجهادية»، مؤكدة أن «ما نفعله في مصر، وفي كل مكان آخر يكمن في إيجاد توازن بين هذه المصالح الاستراتيجية المشتركة، والأمن القومي للولايات المتحدة».
وعلى صعيد ذي صلة بالعلاقات الدبلوماسية المصرية مع الغرب، أعلنت الحكومة البريطانية أمس عن تعيين الدبلوماسي جون كاسن سفيرا لها لدى مصر اعتبارا من شهر أغسطس المقبل، ليخلف السفير الحالي جميس وات، الذي قالت لندن إنه «سيتقاعد من العمل الدبلوماسي». وحافظت العلاقات المصرية البريطانية على «هدوئها التقليدي» طيلة العام الماضي، ولم تشهد تأزمات، في ظل رصانة من لندن للتعامل مع المتغيرات التي تحدث في القاهرة، والتي تجد تفهما أكبر لدى بريطانيا، ربما أكثر من نظرائها الغربيين.
وأشارت الحكومة البريطانية في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» إلى أن كاسن عمل سكرتيرا خاصا للشؤون الخارجية لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2014، وأنه شغل سابقا منصب نائب السفير البريطاني لدى الأردن، ومدير إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية، إلى جانب مرافقته لكاميرون في زيارته إلى مصر عام 2011.
كما أشارت مصادر بالخارجية إلى أن كاسن شغل منصبا رفيعا خلال الفترة من عام 2002 إلى عام 2005، حين كلف بمهمة التواصل السياسي في الولايات المتحدة، من خلال عمله بالسفارة البريطانية في واشنطن، إضافة إلى أنه عمل بمنصب كبير المستشارين بالشؤون السياسية لوزارة الخزانة في بعثة المملكة المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وعقب قرار تعيينه قال كاسن إن «مرحلة التغيير المليئة بالتحديات التي تمر بها مصر حاليا سوف ترسم معالم المستقبل للمصريين، وسيكون لها أثر أساسي في المنطقة. ولدى بريطانيا اهتمام كبير بنجاح مصر سياسيا وأمنيا واقتصاديا، وبأن يرتبط البلدان بعلاقات واسعة ومثمرة تعم بفائدتها كلا الشعبين البريطاني والمصري. وإنني أتشرف بمنحي امتياز ومسؤولية قيادة فرق عملنا في مصر في هذه المرحلة الحيوية».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.