فضائح «فجوة الأجور» البريطانية ربما تفيد مزيداً من النساء

السلم الوظيفي «مائل»... وخبراء يقولون إن «الأرقام الصماء» خادعة

فضائح «فجوة الأجور» البريطانية ربما تفيد مزيداً من النساء
TT

فضائح «فجوة الأجور» البريطانية ربما تفيد مزيداً من النساء

فضائح «فجوة الأجور» البريطانية ربما تفيد مزيداً من النساء

استحدثت المملكة المتحدة قانونا جديدا طالبت بمقتضاه الشركات التي يتجاوز عدد منتسبيها 250 موظفا بريطاني الجنسية بالإبلاغ عن حالات فوارق الأجور بين الجنسين... وجاءت الأرقام الواردة عن أعداد البلاغات حتى الآن لتكشف فجوة كبيرة في التوظيف بين الجنسين.
ففي مؤسسة «ديلويت» البريطانية، كشفت الأرقام الواردة انخفاضا في متوسط سعر ساعة عمل المرأة بواقع 18 في المائة مقارنة بالرجال، ويصل الفارق في بعض الحالات إلى 43 في المائة بعد إضافة الشركاء وأصحاب رأس المال. فمثلا في فروع شركة «إنتل» بالمملكة المتحدة، تحصل النساء على متوسط أجر أقل من الرجال بواقع 33 في المائة، بحسب مصدر في شركة «إنتل»، فيما يصل الفارق في مؤسسة «غولدمان ساكس» البريطانية إلى 65 في المائة.
ونتيجة للبلاغات التي ركزت في الغالب على الأجور الأقل من 100 ألف جنيه إسترليني سنويا، الأمر الذي استدعى شن حملة في المملكة المتحدة عبر الإنترنت باسم «باي مي تو»، وتعني «ادفع لي أيضا» مثل الرجال، فقد أسرعت المئات من الشركات البريطانية لتقديم بياناتها قبل نهاية المهلة المحددة في 4 أبريل (نيسان) الجاري، ولا يزال هناك الكثير من الشركات التي لم تبلغ بعد عن تلك الفوارق.
بالإضافة إلى حساب فوارق العلاوات وإجمالي متوسط الدخل ومتوسط الفجوات في سعر ساعة العمل، وجميعها لا تضع في حسبانها أشياء مثل التوصيف الوظيفي ومستوى التعليم وسنوات الخبرة، من المتوقع أن تكشف الشركات المزيد من الوضع التفصيلي للعاملين من الجنسين وفق شرائح الأجور الأربعة في البلاد، من الأعلى إلى الأدنى.
لن تشكل الأرقام مفاجأة لمن درس تلك القضية، حيث إنه من المعروف أن الشركات تعمد إلى تقليص عدد النساء في المناصب القيادية، ولذلك تقل نسبتهن في الوظائف مرتفعة الأجر، مما يتسبب في حالة من انعدام التجانس عند حساب الأعداد الإجمالية للعاملين من الجنسين.
وفي هذا السياق، تساءلت شيري بينارشيك، مديرة وحدة المساواة في الأجور بمؤسسة «فيشر فييبس» للتوظيف بالولايات المتحدة، قائله إن «هذا الطرح ينسحب بنا إلى السؤال الأزلي: لماذا نرى أعدادا أكبر من النساء في الربع الأدنى من السلم الوظيفي مقارنة بالربع الأعلى؟»، مضيفة أن «البيانات في المملكة المتحدة تعكس تلك الحقيقة».
لكن بتسليط الضوء على ما يطلق عليه «فجوة المناصب»، والمعنى هنا يشير إلى عدد النساء اللاتي تقلدن المناصب العليا في السلم الوظيفي، تكشف البيانات أيضا أن مراجعة البيانات الخاصة بكل شركة على حدة يكشف تلك الفجوة ومدى تأثيرها على الوضع الإجمالي. إن عجز الشركات عن إخفاء تلك الأرقام المخجلة ربما يضع المزيد من الضغط على الشركات لحثها على الدفع بالنساء إلى أعلى السلم الوظيفي.
وفي هذا الصدد، قال غيل غرينفيلد، المدير بمؤسسة «ميركر»، الاستشارية المختصة بالموارد البشرية ومقرها نيويورك: «سنتمكن من مراقبة هذا الأمر مع مرور الوقت»، مضيفا: «في العام الأول ربما ينجحون بتقدير مقبول ويقرون بأنهم كانوا يجهلون وضعهم الحقيقي... لكن في العام التالي عندما يرسلون لنا بتقاريرهم لن يكون لديهم عذر».
تكشف بعض الشركات عن بيانات مزودة بشرح عن الجهود التي بذلوها لزيادة عدد النساء في المناصب العليا ومحاولاتهم تعديل كفتي الميزان، بحسب غرينفيلد. وأضاف أنه «من المؤكد أنهم سيخضعون للضغوط لإظهار بعض التحسن في عدد النساء في ربع السلم الأعلى».
بالنسبة للكثير من الشركات في قاعدة بيانات الشركات البريطانية، التي تضم أكثر من 9000 مدير بالشركة، فإن الرسوم البيانية التي تظهر نسب النساء والرجال في شرائح الأجور الأربعة تبدو حرفيا وكأنها سلم؛ تشغل النساء درجاته الدنيا، وهي حقيقة أزلية جسدها واقع السلم الوظيفي العتيق في المؤسسات البريطانية. وفي مؤسسة «غولدمان ساكس» البريطانية، على سبيل المثال، فإن 17 في المائة من شاغلي الربع العلوي من السلم الوظيفي مرتفع الأجر من النساء، وتتراجع النسبة إلى 31 في المائة في الربع الثاني، و58 في المائة في الربع الثالث، و62 في المائة في الربع الأدنى.
وفي مذكرة أُرسلت إلى الموظفين، أفاد ليود بلانكفين، المدير التنفيذي لمؤسسة غولدمان، وديفيد سولومان، مدير المؤسسة، أنهما يتطلعان لأن تحتل النساء 50 في المائة من شريحة محللي البيانات الواردة إلى مؤسستهم بحلول عام 2021. وبحسب ما دونه المسؤولان في مارس (آذار) الماضي: «نطبق في شركة غولدمان ساكس معايير أجورا واحدة للرجال والنساء طالما أنهم يؤدون نفس العمل. بيد أن القضية الحقيقية بالنسبة لمؤسستنا ولغيرها من المؤسسات هو ضعف التمثيل النسائي والقيادي كلما ارتفعت إلى المستويات القيادية».
ففي شركة «إنتل»، يشكل النساء 13 في المائة من العاملين ذوي الأجور المرتفعة، و20 في المائة في الربع الذي يليه أسفل السلم، و33 في المائة و47 في المائة في الربعين التاليين. وفي تقريرها المفصل، أظهرت «إنتل» تفاوتا مشابها بأن ذكرت أن تحليلها الأخير «أكد على أن التفاوت الإحصائي لمعدلات الأجور بين الجنسين لم يعكس فوارق كبيرة في الأجور. فبيانات الأجور التي ننشرها اليوم عن المملكة المتحدة تعكس تدني مستوى التمثيل النسائي في المناصب العليا». وفي تقرير حديث، أفادت الشركة أيضا بأنها تراعي التنوع والتجانس في قوة العمل فيما يخص أعداد الرجال والسيدات في الولايات المتحدة.
وقد قامت بعض المؤسسات القانونية والخدمية المتخصصة باستبعاد شركائها من حساباتها في البداية باعتبارهم أصحاب رأس المال، لكنها سرعات ما استجابت للضغوط وأعادت حساب أعدادهم وضمهم إلى كشوف منتسبيها.
وقامت مؤسسة ديلويت، على سبيل المثال، في البداية بنشر أرقام أشارت إلى فجوة بنسبة 18 في المائة في أعداد العاملين من الجنسين بعد أن استبعدت الشركاء. وفي مارس (آذار) الماضي، قامت الشركة بتحديث الرقم (ليشمل الراتب والعلاوة وإجمالي الدخل السنوي لأصحاب رأس المال) لترتفع نسبة الفجوة بين الجنسين إلى 43 في المائة.
وفي سياق متصل، قالت إيما كود، الشريكة المسؤولة عن إدارة المواهب بمؤسسة ديلويت: «دعني أؤكد مرة أخرى أن من شأن هذه الحسابات أن توضح أنه ليس لدينا سيدات في المناصب العليا بأعداد كافية، وإن كان هذا لا يعني عدم المساواة في الأجر، فالمشكلة تتعلق ببنية شركتنا».
وقد انتقد البعض تركيز المملكة المتحدة على الأرقام كمؤشر أعمى لا ينظر إلى الأمر عن كثب فيما يخص تفاوت مستويات الدخل بين الجنسين، مما يؤدي إلى زيادة التعتيم في قضية ساخنة بالفعل.
فيما تساءل آخرون عن حقيقة ما تكشفه البيانات، فقد أفادت كلاوديا غولدن، خبيرة الاقتصاد بجامعة هارفارد والمتخصصة في دراسة فوارق الأجور بين الجنسين، بأن البيانات تفتقد إلى عنصر أساسي وهو متوسط الأجر المؤكد، الذي تدفعه الشركات لموظفيها. واستطردت «إن معرفة أرقام الشرائح الأربع في حد ذاته أمر جيد، لكننا في حاجة لمعرفة الدخل الحقيقي»، مشيرة إلى قطاع خدمات الغذاء كمثال، حيث تتضاءل الفوارق في الأجور بين الجنسين، لكن أجور الجميع متدنية.
وعلى نفس الصعيد، ترى ناتاشا لامب، موظفة لدي شركة مساهمة نجحت في الضغط على مؤسسات التكنولوجيا والبنوك الأميركية للكشف عما إذا كان الرجال والسيدات الذين يؤدون أعمالا متشابهة يتقاضون نفس الراتب، أن القانون البريطاني الواسع يعد بالغ الأهمية في هذا الخصوص. وأضافت أنها بدأت في حث الشركات على الإعلان عن فارق محدد لمتوسطات الأجور بين الجنسين، بدلا من الاكتفاء بعقد المقارنات في الأجور بين العاملين والعاملات من أصحاب المسمى الوظيفي الواحد.
فالاكتفاء بالمساواة في الأجور بين أصحاب نفس المسمى الوظيفي «لا يكشف الحقيقة كاملة، وهو ما يمثل عجزا هيكليا في مجتمعنا بصفة عامة. ولذلك نرى أن التمثيل الصادق للجنسين من شأنه أن يظهر كلا العنصرين، المساواة في الأجور وطبيعة العمل».

- خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.