رفض مشروع قرار روسي في مجلس الأمن لإدانة الضربات

بعثة «حظر السلاح الكيماوي» تخطط لزيارة دوما... ومسؤول أميركي يؤكد استعمال النظام للسارين والكلور

TT

رفض مشروع قرار روسي في مجلس الأمن لإدانة الضربات

فشلت روسيا السبت في الحصول على دعم مجلس الأمن الدولي لإدانة الضربات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على البرنامج الكيماوي السوري، ردا على هجوم كيماوي شنته قوات النظام على دوما، في وقت يتوقع أن يقوم وفد من مفتشي «منظمة حظر السلاح الكيماوي» بزيارة دوما. وكان مشروع القرار الروسي في هذا الصدد بتأييد ثلاثة أصوات فقط، أي أقل بكثير من الأصوات التسعة المطلوبة لتبني مشروع القرار. وصوتت ثماني دول أعضاء في المجلس ضد المشروع بينما امتنعت أربع دول عن التصويت.
وكان مشروع القرار يهدف إلى إدانة «العدوان» على سوريا، ويطالب الحلفاء الثلاثة بعدم شن أي ضربات إضافية.
وطالب سفير روسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا الغرب بـ«الإنهاء الفوري لتحركاته ضد سوريا والامتناع عنها في المستقبل». وقال: «أنتم تضعون أنفسكم فوق القانون الدولي، بل وتحاولون إعادة كتابة القانون الدولي». ودعمت كل من الصين وبوليفيا مشروع القرار الروسي، بينما عارضته الدول الحليفة الثلاث والسويد وهولندا وبولندا والكويت وساحل العاج، وامتنعت كل من بيرو وكازاخستان وإثيوبيا وغينيا الاستوائية عن التصويت. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه طلب من المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا العودة إلى نيويورك بالسرعة الممكنة لوضع خطة مستقبلية للوضع في سوريا. وفي كلمة أمام المجلس دعا غوتيريش جميع الدول إلى احترام القانون الدولي، محذرا من أن «سوريا اليوم تمثل أخطر تهديد للسلام والأمن العالميين».
إلى ذلك، حاول مفتشون عن الأسلحة الكيماوية السبت الوصول إلى موقع يشتبه أنه شهد هجوما بغاز سام في مدينة دوما السورية بعد ساعات من شن دول غربية ضربات جوية ردا على ذلك الهجوم. وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في بيان إن بعثة لتقصي الحقائق «ستواصل انتشارها في الجهورية العربية السورية للوقوف على الحقائق فيما يتعلق بمزاعم استخدام أسلحة كيماوية في دوما».
وأطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أكثر من مائة صاروخ على سوريا في وقت مبكر من صباح اليوم السبت في أول تدخل عسكري غربي منسق ضد حكومة دمشق. وتقول الدول الثلاث إن الضربات عقاب على قتل عشرات الأشخاص الكثير منهم نساء وأطفال بذخيرة سامة محظورة.
وأدانت دمشق وحليفتها روسيا التحرك الغربي خاصة بسبب رفضه الانتظار لحين ظهور نتائج بعثة تقصي الحقائق التي أرسلتها المنظمة في أعقاب الواقعة التي حدثت في السابع من أبريل (نيسان).
وقال عمال إنقاذ إن العشرات قتلوا في الهجوم. وتقول واشنطن إنها تأكدت من استخدام غاز الكلور فيه ولديها اشتباه غير مؤكد بعد في استخدام محتمل أيضا لغاز أعصاب. وتنفي دمشق وموسكو المسؤولية عن أي هجوم مماثل.
وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إن الفريق سيزور الموقع لفترة وجيزة إذا سمحت الأوضاع الأمنية. وأضافت أن الفريق سيعمل بالتعاون مع إدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة لضمان تأمينه.
ووافقت دمشق على التخلي عن ترسانتها من الأسلحة الكيماوية في 2013 والانصياع لعمليات تفتيش من المنظمة. وكان من المفترض أن تكون الحكومة السورية قد دمرت كل مخزوناتها من غازات الأعصاب أما فيما يخص غاز الكلور فكان من المسموح لها استخدامه في أغراض مدنية لكن ليس لأغراض عسكرية.
وسيحاول فريق المنظمة تحديد ما إذا كانت أسلحة كيماوية استخدمت، لكن لن تقع على عاتقه مهمة تحديد الجهة التي استخدمتها. وعلى الرغم من أن الاتفاق الروسي - الأميركي نص على القضاء الكامل على برنامج الأسلحة الكيماوية السوري بعد قتل المئات بغاز السارين في الغوطة في 21 أغسطس (آب) من عام 2013 لم تتمكن المنظمة من التأكد من أن كل منشآت التصنيع والتخزين والأبحاث دمرت. ومن بين المواقع التي قيل إنها استهدفت خلال الليل مركز الدراسات والبحوث العلمية وهو منشأة لعبت دورا رئيسيا في برنامج سوريا للأسلحة الكيماوية منذ السبعينات.
وأثار مفتشون من المنظمة تساؤلات عن ذلك المركز منذ 2013 عندما وافقت دمشق على التخلي عن أسلحتها الكيماوية لتجنب ضربات أميركية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
لكن مصادر قالت لـ«رويترز» إن سوريا لم تتمكن من تفسير الكثير من النتائج التي توصل إليها مفتشون بما يشمل وجود مواقع غير معلنة للبحث والتطوير ووجود كيماويات محظورة وذخيرة مفقودة.
إلى ذلك، قال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية للصحافيين السبت إن الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على سوريا استهدفت مواقع تحتوي على مواد كان من الممكن استخدامها لإنتاج أسلحة كيماوية مثل غاز السارين. وقال المسؤول إن الأدلة تبين أن كلا من السارين والكلور استخدما في أحدث هجوم كيماوي وقع في سوريا مما دفع الولايات المتحدة لشن الضربات.


مقالات ذات صلة

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».