عمّق فريق من الباحثين المختصين في الآثار من تونس (المعهد الوطني للتراث)، وبريطانيا بقيادة الباحثة كوريساند فينويك، دراساته الميدانية للكشف عن «الإرث البيزنطي» في بلاريجيا، وهي مدينة تاريخية أثرية، تقع قرب مدينة جندوبة، شمال غربي تونس، وذلك من خلال الشواهد والمخلفات التي تركتها تلك الحقبة التاريخية، تحديداً خلال القرن الخامس للميلاد. وتحاول البعثة العلمية المشتركة تحديد نمط العيش والأكل والعادات السائدة وكيفية دفن الموتى لدى البيزنطيين في تلك الحقبة الزمنية، بحكم شح المعلومات العلمية بشأنها.
ويهدف المشروع الذي انطلقت أولى حفرياته سنة 2010، وتدعمت أكثر خلال السنة الماضية، إلى التعرف على طبيعة حياة أولى التجمعات السكنية من المسيحيين الذين استوطنوا بلاريجيا، وغيرها من المناطق التونسية.
وخلال بداية السنة الحالية، أعلن فريق الباحثين عن اكتشاف كنيسة ومقبرة تحتوي على 154 قبراً على مقربة من الموقع الأثري ببلاريجيا، تعود للعهد البيزنطي خلال القرن الخامس والسادس والسابع للميلاد، كما عُثر على لوحة فسيفسائية فريدة من نوعها تحاكي قصة سيدنا يونس - عليه السلام - وتتضمن الحوت والسفينة ومدينة نينوى العراقية.
من جانبه، بيّن محي الدين الشوالي، الباحث في علم الآثار ومدير الموقع الأثري ببلاريجيا، أنّ تناول «الإرث المسيحي» يجري من خلال دراسة الهياكل العظمية المودعة في المقابر، وذلك بأخذ عينات منها وإخضاعها للتحليل الجيني، بهدف التعرف على طبيعة الأمراض المنتشرة وأسباب الوفاة، والمورثات الجينية، وطريقة تنظيم مواكب الموت والجنائز وطرق الدفن، وطريقة بناء المدن وإعمارها، والتعرف على طبيعة الحياة، سواء بالنسبة لطبيعة الغذاء في تلك الفترة، وتحديداً في جهة بلاريجيا، وكل ما يتعلق بحياتهم اليومية من أنشطة وطعام ومعدل الأعمار، وغيرها من المعلومات التاريخية. وأشار إلى أنّ نتائج البحث ستُستغلّ لفائدة طلبة التاريخ وعلم الآثار والأنثروبولوجيا التونسيين والأجانب، وذلك بالنظر إلى أهمية مدينة بلاريجيا وقيمتها من الناحية التاريخية.
وتعتبر بلاريجيا (المدينة الجميلة)، من أشهر المدن في عهد قرطاج والعهدين الروماني والبيزنطي، ولا تزال آثارها تدل عليها إلى اليوم.
وتعود جذور بلاريجيا إلى القرن الرابع قبل الميلاد، إذ خضعت المدينة سنة 203 قبل الميلاد، لسيطرة الرومان قبل أن تصبح عام 156 قبل الميلاد عاصمة للملك النوميدي «ماسينيسا» حليف روما.
ويتضمن الموقع الأثري في بلاريجيا معالم أثرية كثيرة، مثل الفوروم، والمسرح الأثري، والحمامات، وأغلبها يرجع إلى العهد الروماني، ويعرض المتحف الأثري في المنطقة لوحات فسيفسائية وتوابيت، بالإضافة لآثار عدّة ترجع للعهد القرطاجي والنوميدي والروماني.
مشروع تونسي ـ بريطاني للكشف عن «الإرث البيزنطي» في بلاريجيا الأثرية
العثور على كنيسة ومقبرة
مشروع تونسي ـ بريطاني للكشف عن «الإرث البيزنطي» في بلاريجيا الأثرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة