انتخابات رئاسية مبكرة في أذربيجان تقاطعها المعارضة

تعزز موقع الرئيس إلهام علييف الذي يحكم البلاد منذ 15 عاماً

صورة أرشيفية تعود إلى عام 2005 للرئيس إلهام علييف الذي يحكم البلاد منذ وفاة والده في 2003 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تعود إلى عام 2005 للرئيس إلهام علييف الذي يحكم البلاد منذ وفاة والده في 2003 (أ.ف.ب)
TT

انتخابات رئاسية مبكرة في أذربيجان تقاطعها المعارضة

صورة أرشيفية تعود إلى عام 2005 للرئيس إلهام علييف الذي يحكم البلاد منذ وفاة والده في 2003 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تعود إلى عام 2005 للرئيس إلهام علييف الذي يحكم البلاد منذ وفاة والده في 2003 (أ.ف.ب)

قررت أحزاب المعارضة في أذربيجان، الجمهورية السوفياتية السابقة في القوقاز الغنية بالمحروقات، مقاطعة انتخابات رئاسية مبكرة، ووعدت بتنظيم مظاهرات احتجاجية ضدها مع بدء عملية التصويت ابتداءً من اليوم (الأربعاء). وتدين الأحزاب الكبرى نقص الشفافية في هذا الاقتراع والضغوط التي تعرضت لها، معتبرة أنها «قُمعت» وحرمت من القيام بحملة حقيقية. لكن الحزب الحاكم «أذربيجان الجديدة» يرفض انتقادات المعارضة ويؤكد أن التصويت سيكون حراً وشفافاً. ويشيد أنصار علييف بسيطرته على هذه الجمهورية التي تزود أوروبا بالمحروقات. لكن معارضيه يرون أنه يقمع المعارضة بوحشية ويحتكر السلطة. وينفي إلهام علييف كل الاتهامات بالفساد وبانتهاك حقوق الإنسان.
ويقول مراقبون إن الاقتراع سيعزز على الأرجح موقع الرئيس إلهام علييف الذي يحكم البلاد منذ 15 عاماً بعد وفاة والده في 2003. ولا يشك هؤلاء إطلاقاً في إعادة انتخابه.
وقالت الناشطة المعروفة بمكافحة الفساد خديجة إسماعيلوفا، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لعقود، احتكر أفراد عائلة علييف ثروات أذربيجان الوطنية وجمعوا ثروة سرية هائلة».
وأضافت الصحافية الاستقصائية، التي أمضت في السجن 17 شهراً بين 2014 و2016 لاتهامات قالت إنها تهدف إلى إسكاتها: «إنهم يتمسكون بالسلطة لمواصلة نهب ثروات البلاد».
وصرح رئيس حزب الجبهة الشعبية المعارض علي كريملي، لوكالة الصحافة الفرنسية، بأنهم «يحرمون الناس من حرية التعبير والتجمع ويُسكتون وسائل الإعلام ويقمعون المعارضة في أذربيجان... هذه الانتخابات مهزلة والجميع يعرفون أن علييف سيقوم بكل بساطة بتزوير النتائج».
وقالت هذه الأحزاب إن قرار علييف تنظيم انتخابات مبكرة في أبريل (نيسان)، بدلاً من أكتوبر (تشرين الأول) ليس سوى استراتيجية «لتقصير مدة الحملة» من أجل «كبح جهود المعارضة التي تهدف إلى الحد من تزوير الأصوات».
ورأى أحد قادة حركة «البديل الجمهوري» المعارضة ناطق جعفرلي، أنه «لم تُتَح للمعارضة إمكانية القيام بحملة طبيعية». وأضاف أن «كل الانتخابات السابقة في أذربيجان تم تزويرها ونُظِّمت بانتهاكات فاضحة للقانون الانتخابي، وهذه الانتخابات لن تكون استثناءً». وأُوقف رئيس حزب «البديل الجمهوري» إيلغارم محمدوف، الذي رُشح لمنافسة علييف، في 2013 وما زال معتقلاً.
وقالت بهار مرادوفا، القيادية في الحزب، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن «الانتخابات المبكرة تقررت بالكامل وفق القانون. ستكون منظمة بشكل جيد وديمقراطية».
انتُخب علييف رئيساً للمرة الأولى في 2003 بعد وفاة والده حيدر علييف الضابط السابق في جهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي) والزعيم الشيوعي الذي حكم البلاد من 1969 إلى 2003. وأُعيد انتخاب إلهام علييف في 2008 و2013. وفي 2009 وافق الأذربيجانيون عبر استفتاء على إلغاء سقف عدد الولايات الرئاسية الذي كان محدداً باثنتين. وفي 2016 أُدخلت تعديلات أخرى تنصّ على إطالة مدة الولاية الرئاسية لتصبح 7 سنوات. وعززت هذه التعديلات سيطرة عائلة علييف على البلاد وتمهد الطريق لابنه حيدر (19 عاماً) لتولي قيادة البلاد خلفاً لوالده. وعيَّن إلهام علييف أيضاً زوجته مهربان علييفا، نائبةً أولى للرئيس، بعد هذه التغييرات التي أقرها البرلمان. ورأى مجلس أوروبا في هذه التغييرات الدستورية «تغييراً خطيراً في توازن السلطات» يمنح الرئيس سلطة «غير مسبوقة».

أذربيجان جمهورية سوفياتية سابقة غنية بالمحروقات
> تقع أذربيجان التي تبلغ مساحتها 86 ألف كيلومتر مربع في القسم الشرقي للقوقاز تحدّها كل من إيران وجورجيا وأرمينيا وروسيا. ويعيش في باكو ثلث السكان البالغ عددهم 9,7 ملايين نسمة.
كانت قديماً جزءاً من إمبراطورية الأخمينيين الفارسية، وفي القرن الثامن فتحها العرب واعتنق أهلها الإسلام. وفي نحو القرن الحادي عشر استقرت فيها قبائل من البدو الرحّل من آسيا الوسطى، الناطقة بالتركية. وبعد أن تنافس عليها لفترة طويلة الأتراك والفرس احتلت روسيا الجزء الشمالي من هذه المنطقة في مطلع القرن العشرين وأصبحت جمهورية سوفياتية في 1920، ثم نالت استقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
أعلنت منطقة ناغورني قره باخ المأهولة بغالبيتها من الأرمن، والتي أُلحقت بأذربيجان في الحقبة السوفياتية، استقلالها (غير معترف به من المجتمع الدولي) على أثر نزاع خلّف 30 ألف قتيل، إضافة إلى مئات آلاف اللاجئين بين 1988 و1994. وفي 1994 تم توقيع اتفاق على وقف إطلاق النار، لكن باكو ويريفان لم تتوصلا إلى اتفاق حول وضع هذا الجيب الذي يبقى سبباً للتوتر. وفي أبريل 2016، قُتل 110 أشخاص على الأقل في أسوأ أعمال عنف منذ 1994. وقد وقع اتفاق لوقف إطلاق النار بين المتحاربين، لكن هناك مواجهات تجري بانتظام.
أذربيجان واحدة من الدول الإسلامية الأكثر علمانية لكن السلطات تشعر بقلق متزايد من ظهور الإسلام المتطرف. وتنتقد المنظمات غير الحكومية الدولية باستمرار السلطات لقمعها المدافعين عن حقوق الإنسان ومعارضي الرئيس علييف الذي ينفي هذه الاتهامات، كما جاء في تحقيق الصحافة الفرنسية من باكو.
يختزن باطن البلاد ثروات من النفط والغاز مع احتياطات قابلة للاستثمار لقرن إضافي على الأقل. وهي تملك نحو 80% من ثروات جنوب القوقاز. ويعد هذا البلد من أكبر البلدان المصدّرة للمحروقات ويشكّل نقطة انطلاق لطرق استراتيجية لنقل النفط من بحر قزوين إلى أوروبا مع الالتفاف على روسيا. كما يمثل أيضاً بالنسبة إلى أوروبا مصدر إمداد بالغاز بديلاً عن روسيا. ويعتمد هذا البلد إلى حد كبير على صادراته النفطية والغازية وتضرر من تراجع أسعار البترول، واضطر في فبراير (شباط) 2015، إلى تخفيض قيمة عملته المانات بنسبة 34% مقابل الدولار. وفي 2016، تراجع إجمالي الناتج الداخلي للبلاد 3,1% حسب البنك الدولي. وانضمت أذربيجان إلى مجلس أوروبا في 1991، وهي عضو في الشراكة من أجل السلام في حلف شمال الأطلسي منذ 1994.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».