12 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر... و«التطوير العقاري» يستهدف الأجانب

انخفاض تكلفة المعيشة عنصر جذب

عقارات الإسكان الاجتماعي في مدينة بدر شرق القاهرة («الشرق الأوسط»)
عقارات الإسكان الاجتماعي في مدينة بدر شرق القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

12 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر... و«التطوير العقاري» يستهدف الأجانب

عقارات الإسكان الاجتماعي في مدينة بدر شرق القاهرة («الشرق الأوسط»)
عقارات الإسكان الاجتماعي في مدينة بدر شرق القاهرة («الشرق الأوسط»)

تشهد سوق العقارات في مصر طفرة كبيرة في مجال البناء والتشييد. ورغم إعلان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في آخر تعداد له العام الماضي، عن وجود أكثر من 12 مليون وحدة سكنية فارغة في مصر، فإن هذا الإعلان لم يؤثر على حركة التشييد والبناء التي ما زالت مستمرة بالقوة نفسها، ويتوقع خبراء العقارات أن تزداد في الفترة المقبلة، نظراً لزيادة حجم الطلب على شراء العقارات، فلماذا يشتري المصريون العقارات؟ ولمن سيتم تسويق هذه العقارات الفارغة؟
يعتبر المهندس عمرو سليمان، رئيس مجلس إدارة شركة «ماونتن فيو» للتطوير العقاري، وجود شقق سكنية فارغة في مصر «أمر طبيعي»، لأنه لدى المصريين سببين إضافيين لشراء العقارات، يختلفان عن السبب التقليدي المعروف في العالم كله (وهو السكن)، ويوضح أن «المصري يشتري العقار لأولاده، أو للاستثمار، وأخيراً للسكن».
ويقول سليمان لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك طلباً كبيراً على العقارات في مصر، فهناك مليون حالة زواج سنوياً، وهذا سبب كفيل بازدهار صناعة العقار، وزيادة العرض في مواجهة زيادة الطلب»، رافضاً الحديث عن إمكانية «حدوث فقاعة عقارية في مصر».
ووفقاً لتعداد السكان في مصر عام 2017، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة ‏والإحصاء، فإن هناك نحو 12.5 مليون وحدة سكنية مغلقة، أي نحو 29 في المائة من ‏عدد الوحدات السكنية في مصر، بينها 9 ملايين وحدة سكنية خالية، منها 4 ملايين ‏و662 ألف وحدة فارغة ومكتملة التشطيب، والباقي من دون تشطيب، و2 مليون و887 ‏ألف وحدة سكنية مغلقة لوجود مسكن آخر للأسرة، ومليون و159 ألف وحدة مغلقة ‏لسفر الأسرة خارج مصر.
ومن جانبه، يقول المهندس طارق الجمال، رئيس مجلس إدارة شركة «ريدكون» للتطوير العقاري، إن «هناك نحو 12.7 مليون وحدة سكنية تم تسليمها لأصحابها، لكنها غير مستغلة»، مشيراً إلى أن السبب من وجهة نظره هو أن «مصر هي الدولة الوحيدة التي تتبع سياسة تسليم الوحدات السكنية دون تشطيب لارتفاع تكلفة التشطيب».
ويطالب الجمال بأن «تتم مراعاة المعايير العالمية في هذا السياق، أو أن تطرح البنوك المصرية عروضاً تمويلية لتشطيب الوحدات السكنية».
وتسعى مصر لتطوير صناعة العقارات، من خلال وضع حلول تسويقية تزيد من انتعاش هذه السوق المتنامية، وتوفر عائداً اقتصادياً للبلاد، من خلال ضخ المليارات من العملات الأجنبية، حيث أقرت الحكومة المصرية قبل نحو عام، تحديداً في مايو (أيار) 2017، قانوناً يمنح الإقامة للأجانب مقابل تملك العقار. وبموجب القانون، يحق للأجنبي الذي يشتري عقاراً بقيمة 100 ألف دولار إقامة لمدة عام، بينما يحصل من يشتري عقار بقيمة 400 ألف دولار على إقامة لمدة 5 سنوات.
ويقول سليمان، وهو عضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري التابعة لاتحاد الصناعات المصرية، إن «هناك خطة لاستهداف الأجانب»، موضحاً أنه وفقاً للأرقام الرسمية هناك «5.4 مليون أجنبي مقيمين في مصر، يبحثون عن إقامة بطريقة قانونية، وتملك العقار أحد هذه الطرق».
ويضيف: «أعتقد أن ثلث هذا العدد، أي نحو 1.7 مليون أجنبي، قادر على شراء وحدة سكنية في مصر. ولو فرضنا أن مليون منهم اشترى وحدات سكنية بسعر 250 ألف دولار للوحدة، فهذا سيحقق عائداً كبيراً يصل إلى 250 مليار دولار».
ووفقاً لسليمان، فهذه «ليست خطة غريبة أو خيالية، فمصر لديها مميزات تنافسية تجعلها وجهة جيدة لسكن الأجانب، أهمها على الإطلاق انخفاض تكلفة المعيشة مقارنة بالدول المجاورة، أو الدول التي تمنح الجنسية مع الإقامة».
ويؤكد سليمان لـ«الشرق الأوسط» أن «صناعة العقارات صناعة مربحة، والاستثمار فيها يحقق عائدات كبيرة في مصر، في ظل زيادة الطلب باستمرار»، ضارباً المثل بأن سعر المتر الذي كان يبلغ ألف جنيه عام 2005، أصبح اليوم 9 آلاف جنيه.
ويعتبر سليمان الاستثمار العقاري أحد الدعائم الرئيسية للاقتصاد المصري، ويقول إن «هناك خطة في غرفة التطوير العقاري لاستغلال حالة الرواج الحالية، وفتح سوق خارجية للعقارات المصرية خلال 4 سنوات»، بحيث يصبح هناك طلب خارجي، جنباً إلى جنب مع زيادة الطلب الداخل، وبالتالي يدعم الاقتصاد.
ورغم حجم المعروض من العقارات حالياً في مصر، وزيادة الاستثمارات في هذا المجال، لا تكاد تمر في شارع رئيسي إلا وتجد إعلاناً لتجمعات عقارية جديدة، إلا أن هذا لا يغطي حجم الطلب.
ويقول سليمان إنه ما يزال المعروض حتى الآن لا يشكل سوى 35 في المائة من حاجة الفئات ذات الدخل المرتفع والمتوسط في مصر، مشدداً على أن السوق المصرية ما تزال تستوعب المزيد من الاستثمارات في هذا المجال.
أما عن فئة محدودي الدخل، فتتولى الدولة توفير مشروعات إسكان اجتماعي لها، بأسعار مخفضة بعض الشيء، ويقول سليمان إن «حاجة هذه الفئة متزايدة بشكل كبير، وبمجرد طرح وحدات سكنية للفئات محدودة الدخل، يتم حجزها، فأي مستثمر يرغب في مخاطبة هذه الفئة في مصر سيجد سوقاً رائجة».
ووفقاً لتقديرات خبراء العقارات، فإن إقبال الأجانب على شراء العقارات في مصر شهد زيادة ملحوظة منذ تعويم سعر صرف الجنيه المصري، لكن لا توجد أرقام رسمية توضح حجم الإقبال، وما إذا كانت خطة منح الإقامة للأجانب مقابل تملك العقارات قد نجحت في تشجيع الأجانب على شراء العقارات. فبعد عام على هذا القرار، ما زال الموضوع لا يعدو كونه خطة تسعى غرفة التطوير العقاري لتنفيذها، وتسويق العقارات للأجنبي المقيم في مصر، أو الذي يرغب في الإقامة فيها مستقبلاً.


مقالات ذات صلة

ارتفاع أسعار العقارات في السعودية 3.6 % خلال الربع الرابع

الاقتصاد عقارات في مكة المكرمة غرب السعودية (واس)

ارتفاع أسعار العقارات في السعودية 3.6 % خلال الربع الرابع

ارتفع الرقم القياسي لأسعار العقارات بنسبة 3.6 في المائة، خلال الربع الرابع من 2024، على أساس سنوي، ليسجل بذلك أعلى وتيرة نمو ربعي في 6 فصول.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ كيت ألكساندريا أنشأت صفحة على موقع «جو فند مي» لجمع التبرعات بعد احتراق شقتها في ألتادينا بكاليفورنيا (رويترز)

سكان لوس أنجليس يبحثون عن مأوى بعد حرائق مدمرة

وجد الآلاف من سكان مدينة لوس أنجليس الأميركية أنفسهم وسط منافسة شرسة للعثور على مكان يعيشون فيه بأسعار معقولة، وذلك بعد أن فقدوا منازلهم.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
عالم الاعمال تطبيق «ستيك» يوفر الاستثمار في العقارات السعودية

تطبيق «ستيك» يوفر الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت منصة ستيك عن تحقيق إنجاز جديد في السوق العقارية السعودية، حيث فتحت أبوابها للمستثمرين الدوليين.

الاقتصاد جناح صندوق التنمية العقارية في «منتدى مستقبل العقار 2023» بالرياض (موقع الصندوق الإلكتروني)

أكثر من 16 % نمو التمويل العقاري لمستفيدي الدعم السكني بالسعودية خلال 2024

كشف صندوق التنمية العقارية السعودي عن ارتفاع حجم التمويل العقاري لمستفيدي برامج الدعم السكني بنسبة 16.4 في المائة خلال عام 2024، مسجلاً 62.9 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح صندوق التنمية العقارية في «منتدى مستقبل العقار 2023» بالرياض (موقع الصندوق الإلكتروني)

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

ارتفعت العقود التمويلية في السعودية لبرامج الدعم السكني من قبل صندوق التنمية العقارية بنسبة 20 في المائة خلال عام 2024، وذلك نتيجة تنوّع الحلول التمويلية وإتاحة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».