معرض «هويات دائمة» لكاتيا طرابلسي... رسائل إنسانية في قذائف حرب

تتمنى ضم مجموعات منه إلى أحد المتاحف في لبنان

تمثل القذائف الحربية المتحولة إلى قطع فنية لكاتيا طرابلسي صرخة مدوية لإيقاف الحروب
تمثل القذائف الحربية المتحولة إلى قطع فنية لكاتيا طرابلسي صرخة مدوية لإيقاف الحروب
TT

معرض «هويات دائمة» لكاتيا طرابلسي... رسائل إنسانية في قذائف حرب

تمثل القذائف الحربية المتحولة إلى قطع فنية لكاتيا طرابلسي صرخة مدوية لإيقاف الحروب
تمثل القذائف الحربية المتحولة إلى قطع فنية لكاتيا طرابلسي صرخة مدوية لإيقاف الحروب

في معرض «هويات دائمة» لكاتيا طرابلسي ستلمسك رسائل إنسانية حاكتها على قذائف حرب بعد أن زخرفتها ونحتتها لتتحول إلى وسيلة اتصال بحضارات مختلفة.
فمن خلال 47 عملا فنيا يمكن وصفها بالتحفة للدقة في صنعها وللجمالية التي تسودها، تقدم الفنانة التشكيلية صرخة مدوية إلى صناع الحرب علّهم يكفون عن نشرها هنا وهناك. فبحسب طرابلسي مهما حاول الآخرون تدمير هيكلية شوارع وأبنية في دول وبلدان عدة، إلا أنهم لن يستطيعوا أن يأتوا على هويتها لأنها متجذرة فيها وستبقى الشاهد الحي على فظائعهم. «المعرض يحكي عن الهوية والحرب عبر تاريخ لا يمكن إسكاته وقد حكته على قذائف تستعمل لتدمير البلدان وشعوبها» تقول كاتيا طرابلسي في حديث لـ(«الشرق الأوسط») وتضيف: «كل قطعة فيه تخبرنا قصة بلد وعلاقته المتجذرة مع تاريخه، والذي مهما عصفت به من مآس ستبقى هويته صامدة ومنتصبة أبدا. كما أن هذه القطع مجتمعة تحاكي بعضها البعض لأنني أردت التأكيد بأننا جميعا نشكل قوة شعب واحد". اختارت كاتيا طرابلسي ومن القارات الخمس بلدانا غنية بتاريخها وتراثها وتقاليدها كلبنان والصين بريطانيا وفلسطين وأستراليا وكندا والمكسيك وغيرها. ونسجت حول هذه البلدان الرواية تلو الأخرى، التي تحدث ناظرها عن تاريخ يعبق بحقبات تركت أثرها وما زالت تحفر في ذاكرتنا رغم حروب ودمار ألمت بها. فمن ألمانيا مثلا اختارت طرابلسي جدار برلين الإسمنتي وغطته برسوم غرافيتي تعلوها أسلاك شائكة ترمز إلى هذا الجدار الذي سقط تماما في عام 1989. فيما منحوتة فلسطين البرونزية تروي بمفاتيحها التي نسخت العشرات منها من مفتاح قديم اشترته الفنانة من «سوق الأنتيكا" في منطقة البسطا، قصّة نزاع من دون حلّ متمنية أن يكون مفتاح العودة موجودا بين تلك المجموعة. وبين الأزرق والأبيض لعبت طرابلسي على تلك العلاقة التي تربط ما بين الصين وهولندا من خلال ثقافة البورسلين المشهورة في البلدين. فيما حاولت في منحوتة أوزبكستان أن تشمل حضارة 6 بلدان أخرى مجاورة لها من خلال ركونها إلى فن «السوزاني» السائد في تلك المنطقة».
لبنان وحده حاز على منحوتتين في مجموعاتها بحيث تتحدث واحدة منها عن الفينيقيين الذين يمثلون تاريخ لبنان العريق، وقد نحتتهم على خشبة الأرز يجدفون بسفنهم التي جالوا فيها العالم هم المعروف عنهم تفوقهم في عالم التجارة. فيما حملت المنحوتة الثانية حقبة حديثة من لبنان جمعت فيها الأحزاب اللبنانية بشعاراتها ورموزها الملونة. «هم 18 حزبا يمثلون لبنان السياسة وهو موضوع يخرج عن الإطار العام للمعرض، ولكنه على علاقة مباشرة بالحرب اللبنانية التي اندلعت في السبعينات». توضح طرابلسي في سياق حديثها. وتتابع: «عشت الأمرين بفعل الحرب اللبنانية التي تابعتها على مدى 15 عاما متتالية. فولدت في أعماقي الخوف وكان لا بد لي من أن أتوجه بصرخة أخرجتها من اعماقي لأعبر فيها عن رأي وعن أشخاص غيري يرغبون في أن تنتهي الحروب في العالم أجمع، ولا سيما في سوريا اليوم التي تنزف وتعيش فترة حالكة تشبه إلى حد كبير تلك التي عشناها في الماضي».
وفي منحوته سوريا يتألق فن «الأرابيسك» بعد أن نحتته على الخشب مرصعا بالورود البيضاء. وإذا ما تمعنت في كل قذيفة على حدا فإنك سترسم في مخيلتك صورا سوريالية وأخرى من الفنتازيا الحالمة، بحيث تشعرك بأنك أمام قصر مصغر (في منحوتة المملكة المتحدة)، أو أنك في حضرة قبيلة تستقبلك (في منحوتة كندا)، وكذلك كأنك تتواجد في بلاط في مدينة أثينا (في منحوتة اليونان). اعتمدت طرابلسي على مواد مختلفة في تنفيذ قطعها الفنية فهي لم تكتف بالخشب والبورسلين بل تجاوزتها لتلامس الـ«ريزين» (كما في منحوتة برلين) والرخام (كما في منحوتة فيتنام) إضافة إلى الغرانيت الذي استخدمته في منحوتة مصر كون استعماله يشير تلقائيا إلى هذه البلاد." هي مواد تشير إلى هوية كل بلد يندرج في هذه المجموعات والتصاميم فالحجر فكما الخشب يمثل تاريخ بلد».
«أعرف تماما بأن صرختي هذه لن تلامس صناع الحرب وناشريها في العالم، ولكن كان علي أن أقوم بهذه التجربة لتوعية جيل الشباب وبينهم أولادي، كي لا يشاركوا يوما ما في وصول حرب إلى بلدهم ويعيشون المأساة التي عشناها قبلهم».
تتمنى كاتيا طرابلسي أن تعرض بعض قطع مجموعاتها في متحف في لبنان يوما ما، لتكون بمثابة شاهد حي على صرخة لفنانة حاولت أن تنزع فتيل الحرب بين الناس على طريقتها. «هو مشروع ستبقى أصداؤه الثورية حية حتى بعد رحيلي». تختم كاتيا طرابلسي التي تخلصت من ذيول حرب سكنتها بفضل قطع فنية رسمتها على قذائف حربية يستمر عرضها في غاليري «صالح بركات» في منطقة كليمنصو حتى 28 الجاري.



قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)
TT

قضية ابنة شيرين عبد الوهاب تجدد الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني»

شيرين وابنتها هنا (إكس)
شيرين وابنتها هنا (إكس)

جدد الحكم القضائي الصادر في مصر ضد شاب بتهمة ابتزاز وتهديد الطفلة «هنا»، ابنة الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب، الحديث عن «الابتزاز الإلكتروني» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وسبب انتشاره بكثافة، ومدى المخاطر التي يحملها، لا سيما ضد المراهقات.

وقضت محكمة جنايات المنصورة بالحبس المشدد 3 سنوات على المتهم، وهو طالب بكلية الهندسة، بعد ثبوت إدانته في ممارسة الابتزاز ضد ابنة شيرين، إثر نجاحه في الحصول على صور ومقاطع فيديو وتهديده لها بنشرها عبر موقع «تيك توك»، إذا لم تدفع له مبالغ مالية كبيرة.

وتصدرت الأزمة اهتمام مواقع «السوشيال ميديا»، وتصدر اسم شيرين «الترند» على «إكس» و«غوغل» في مصر، الجمعة، وأبرزت المواقع عدة عوامل جعلت القضية مصدر اهتمام ومؤشر خطر، أبرزها حداثة سن الضحية «هنا»، فهي لم تتجاوز 12 عاماً، فضلاً عن تفكيرها في الانتحار، وهو ما يظهر فداحة الأثر النفسي المدمر على ضحايا الابتزاز حين يجدون أنفسهم معرضين للفضيحة، ولا يمتلكون الخبرة الكافية في التعامل مع الموقف.

وعدّ الناقد الفني، طارق الشناوي، رد فعل الفنانة شيرين عبد الوهاب حين أصرت على مقاضاة المتهم باستهداف ابنتها بمثابة «موقف رائع تستحق التحية عليه؛ لأنه اتسم بالقوة وعدم الخوف مما يسمى نظرة المجتمع أو كلام الناس، وهو ما يعتمد عليه الجناة في مثل تلك الجرائم».

مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «أبناء المشاهير يدفعون أحياناً ثمن شهرة ومواقف ذويهم، مثلما حدث مع الفنانة منى زكي حين تلقت ابنتها حملة شتائم ضمن الهجوم على دورها في فيلم (أصحاب ولاّ أعز) الذي تسبب في موجة من الجدل».

وتعود بداية قضية ابنة شيرين عبد الوهاب إلى مايو (أيار) 2023، عقب استدعاء المسؤولين في مدرسة «هنا»، لولي أمرها وهو والدها الموزع الموسيقي محمد مصطفى، طليق شيرين، حيث أبلغته الاختصاصية الاجتماعية أن «ابنته تمر بظروف نفسية سيئة للغاية حتى أنها تفكر في الانتحار بسبب تعرضها للابتزاز على يد أحد الأشخاص».

ولم تتردد شيرين عبد الوهاب في إبلاغ السلطات المختصة، وتبين أن المتهم (19 عاماً) مقيم بمدينة المنصورة، وطالب بكلية الهندسة، ويستخدم حساباً مجهولاً على تطبيق «تيك توك».

شيرين وابنتيها هنا ومريم (إكس)

وأكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع، أن «الوعي لدى الفتيات والنساء هو كلمة السر في التصدي لتلك الجرائم التي كثُرت مؤخراً؛ نتيجة الثقة الزائدة في أشخاص لا نعرفهم بالقدر الكافي، ونمنحهم صوراً ومقاطع فيديو خاصة أثناء فترات الارتباط العاطفي على سبيل المثال»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «كثيراً من الأشخاص لديهم وجه آخر صادم يتسم بالمرض النفسي أو الجشع والرغبة في الإيذاء ولا يتقبل تعرضه للرفض فينقلب إلى النقيض ويمارس الابتزاز بكل صفاقة مستخدماً ما سبق وحصل عليه».

فيما يعرّف أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بمصر، الابتزاز الإلكتروني بوصفه «استخدام التكنولوجيا الحديثة لتهديد وترهيب ضحية ما، بنشر صور لها أو مواد مصورة تخصها أو تسريب معلومات سرية تنتهك خصوصيتها، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين».

ويضيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «مرتكب الابتزاز الإلكتروني يعتمد على حسن نية الضحية وتساهلها في منح بياناتها الخاصة ومعلوماتها الشخصية للآخرين، كما أنه قد يعتمد على قلة وعيها، وعدم درايتها بالحد الأدنى من إجراءات الأمان والسلامة الإلكترونية مثل عدم إفشاء كلمة السر أو عدم جعل الهاتف الجوال متصلاً بالإنترنت 24 ساعة في كل الأماكن، وغيرها من إجراءات السلامة».

مشدداً على «أهمية دور الأسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية والإعلامية المختلفة في التنبيه إلى مخاطر الابتزاز، ومواجهة هذه الظاهرة بقوة لتفادي آثارها السلبية على المجتمع، سواء في أوساط المشاهير أو غيرهم».