اليمن: الحوثيون يكثفون هجماتهم المسلحة ويقطعون طريق مطار صنعاء

المانحون يجتمعون في صنعاء غدا لبحث التعهدات

اليمن: الحوثيون يكثفون هجماتهم المسلحة  ويقطعون طريق مطار صنعاء
TT

اليمن: الحوثيون يكثفون هجماتهم المسلحة ويقطعون طريق مطار صنعاء

اليمن: الحوثيون يكثفون هجماتهم المسلحة  ويقطعون طريق مطار صنعاء

دخلت الحرب بين الجيش اليمني وجماعة الحوثي المسلحة مرحلة تنذر بتطورات ميدانية عنيفة، حيث كشف الحوثيون عن وجودهم المسلح بصورة علنية في العاصمة صنعاء بعد قيامهم، أمس، بقطع الطريق بين مطار صنعاء الدولي وبقية أحياء العاصمة، حيث تمركزوا في منطقة «الجراف» في الجهة الشمالية من العاصمة وهي المنطقة التي تفصل بين المطار و«قاعدة الديلمي» الجوية.
وفي سياق توسيع جماعة الحوثي عملياتها المسلحة حول العاصمة صنعاء، يقوم الحوثيون بحصار قرية الظفير التي تبعد بضعة كيلومترا عن العاصمة، إضافة إلى قيامهم بقصف معسكر الاستقبال التابع للقوات المسلحة، في الوقت الذي يواصلون محاولاتهم السيطرة على منطقة همدان المهمة قرب صنعاء من جهة الشمال الغربي، في حين تتواصل المعارك العنيفة بمحافظة عمران (شمال صنعاء)، وهي المحافظة التي تشهد نزوحا كبيرا للسكان جراء المعارك التي يخوضها الحوثيون من أجل السيطرة على المحافظة التي تعد المعقل الرئيس لأسرة آل الأحمر، كبار مشايخ حاشد المؤيدين لحزب «التجمع اليمني للإصلاح» (الإخوان المسلمون).
وخلال الأيام الماضية من المعارك الشرسة، استهدفت ميليشيات الحوثيين الخدمات الأساسية للمواطنين كالكهرباء، كما قاموا بتفجير الكثير من المدارس، الأمر الذي أدى إلى توقف امتحانات النقل في الشهادات العامة بعمران.
وحسب مراقبين ومحللين سياسيين لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحوثيين يحاولون فرض وجودهم في المشهد اليمني بالقوة المسلحة استباقا لتطبيق مخرجات الحوار الوطني، وطالبت بعض الأطراف السياسية في الساحة اليمنية الرئيس عبد ربه منصور هادي «باتخاذ إجراءات حاسمة ضد الجماعات المسلحة التي تقود البلاد نحو أتون حرب أهلية، سواء جماعة الحوثي أو غيرها من الأطراف التي تحمل السلاح ولديها خلافات سياسية ومذهبية مع الأطراف الأخرى». وحسب مصادر في المعارضة اليمنية بالخارج، لـ«الشرق الأوسط، فإن «الأوضاع في اليمن مرشحة لمزيد من التدهور في الأيام القليلة المقبلة إذا لم يكن هناك تحرك في الداخل ومواقف حاسمة من الأطراف الراعية للمبادرة الخليجية، وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية».
إلى ذلك، يعقد اجتماع في صنعاء بين الحكومة اليمنية والدول المانحة بتنظيم من الجهاز التنفيذي للتسريع باستيعاب المساعدات الخارجية، وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي، الدكتور محمد السعدي، إن «عقد هذا الاجتماع يندرج ضمن الاجتماعات المنتظمة التي جرى الاتفاق على عقدها بين الحكومة والمانحين بهدف تقييم سير تخصيص التعهدات المعلنة من المانحين لليمن في مؤتمر الرياض المنعقد في الرابع من شهر سبتمبر (أيلول) 2012»، وكذا «الاجتماع الرابع لمجموعة أصدقاء اليمن المنعقد بنيويورك في الـ27 من الشهر ذاته»، وأضاف الوزير اليمني أن «الاجتماع سيقف أمام ما أنجز على صعيد تنفيذ الالتزامات المحددة في الإطار المشترك للمسؤوليات المتبادلة بين الحكومة والمانحين»، وأن «الحكومة تمكنت من الوفاء بالكثير من التزاماتها وهو ما يحظى بتقدير مجتمع المانحين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.