مصر: إيقاع متباطئ في آخر أيام «الرئاسية»

«هيئة الانتخابات» تحشد بـ«تغريم المتغيبين»... والنتائج الاثنين المقبل

ناخبات في أحد مراكز الاقتراع أمس (إ.ب.أ)
ناخبات في أحد مراكز الاقتراع أمس (إ.ب.أ)
TT

مصر: إيقاع متباطئ في آخر أيام «الرئاسية»

ناخبات في أحد مراكز الاقتراع أمس (إ.ب.أ)
ناخبات في أحد مراكز الاقتراع أمس (إ.ب.أ)

خيم إيقاع تصويت «متباطئ» على مسار اليوم الثالث والأخير في الانتخابات الرئاسية المصرية التي انطلقت الاثنين الماضي، ويخوضها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي المرجح فوزه بشكل كبير، ورئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى. ورغم ذلك لم يخل محيط بعض مراكز الاقتراع من مظاهر احتفالية تمثلت في تلويح مواطنين بالأعلام في محافظات القاهرة والإسكندرية والدقهلية والجيزة والقليوبية.
وفي حين بدا محاولة لحشد الناخبين في الساعات الأخيرة قبل إغلاق باب التصويت، مساء أمس، لوحت «الهيئة الوطنية للانتخابات» بفرض غرامة على المقاطعين. وقالت إنها «ستعمل على تطبيق أحكام القانون في شأن توقيع غرامة مالية قدرها 500 جنيه على كل ناخب يتخلف عن الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية بغير عذر».
ورصد مراسلو «الشرق الأوسط»، أمس، إقبالا أقل كثافة من اليومين الماضيين، في عدد من لجان القاهرة والجيزة والقليوبية، وكذلك أظهرت مشاهد وصور بثتها وسائل إعلام محلية تراجع الطوابير أمام مقار التصويت في محافظات الصعيد والوجه البحري.
وقال المتحدث باسم هيئة الانتخابات المستشار محمود الشريف، إن «إعلان النتائج النهائية الرسمية للانتخابات الرئاسية سيكون يوم الاثنين المقبل، بينما يحق لوسائل الإعلام عرض المؤشرات الأولية لعمليات الفرز والحصر العددي داخل اللجان الفرعية في المحافظات المختلفة».
وأكد الشريف، خلال مؤتمر صحافي في مقر هيئة الانتخابات، أمس، أن العمل في 13 ألف لجنة انتخابية انتظم في التاسعة صباح أمس، ولم تزد مدة تأخير فتح بعض اللجان عن نصف الساعة.
وأشار إلى أن «غالبية الشكاوى التي تلقتها غرفة عمليات الهيئة الوطنية لم تخرج عن رغبة الوافدين (الناخبين المقيمين في محافظات بعيدة عن مقرات لجانهم الانتخابية) في التصويت في أقرب لجنة». وأوضح أن «الهيئة أتاحت لمن يرغب في فبراير (شباط) الماضي، تسجيل نفسه في لجنة الوافدين، وتم إغلاق باب نقل محل الانتخاب قبل بدء التصويت، لإعلان الكشوف النهائية، وكل من لم يتمكن من الإبلاغ مسبقا عن رغبته في التصويت بصفته وافدا لم يتمكن من الاقتراع».
وقال الشريف إن «المصريين توافدوا بكثافة وقوة أمام صناديق الاقتراع، ولم يستجيبوا لدعوات الكارهين وشائعاتهم حول الانتخابات»، بحسب تعبيره. ودافع عن إعلان الهيئة نيتها تطبيق الغرامة على من لم يدل بصوته، مشيرا إلى أنه «القانون نص على هذا الأمر، ولم تستحدثه الهيئة، ويسري على كل من تخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته، وفي جميع الانتخابات والاستحقاقات».
وفي منتصف يوم أمس، أصدر رئيس هيئة الانتخابات المستشار لاشين إبراهيم بيانا تضمن تحفيزا للناخبين على التصويت. وقال إن «الوطن هو الخاسر الأكبر في حال عدم الإقبال على التصويت». وأضاف قبل ساعات من إغلاق باب التصويت، مساء أمس، أن «جهود الدولة في التنمية ومحاربة الإرهاب الأسود، تتطلب من الجميع في هذه المرحلة التكاتف والحرص على النزول الكبير للجان الاقتراع».
وأشار إلى أن «المصريين ناضلوا طويلا من خلال ثورتين شعبيتين هما 25 يناير (كانون الثاني) و30 يونيو (حزيران) من أجل كسر قيود الديكتاتورية وتحقيق المكسب السياسي الأهم، والمتمثل في التعددية السياسية، وإجراء انتخابات نزيهة تخرج نتيجتها معبرة عن إرادتهم الحرة، وهو الأمر الذي يتطلب من الجميع احترام هذا النضال الطويل والحرص على المشاركة في الانتخابات، تأكيدا على أن تلك المطالب الشعبية لم تكن أمرا عارضا في تاريخ الأمة».
وأكد إبراهيم أن الهيئة «حرصت على توفير التيسيرات والتسهيلات وسبل الراحة التي تعين الناخبين على أداء واجبهم». وأعرب عن اعتزازه وأعضاء الهيئة «برسالة التحدي والصمود التي بعث بها المواطنون في محافظة شمال سيناء، عبر اصطفافهم ومشاركتهم الكبيرة في العملية الانتخابية، ما يقطع بوجود استقرار أمني كبير في المحافظة».
حكومياً، اعتبر رئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل أن «العملية الانتخابية سارت بشكل جيد، وشهدت إقبالا بنسب جيدة». وأوضح أن «سوء الأحوال الجوية في محافظات الإسكندرية والوادي الجديد وأسيوط أمس (أول من أمس) تسبب بانخفاض نسبة المشاركة، في حين أن نسب المشاركة في بقية المحافظات جيدة، ولم توجد معوقات أمام سير الاقتراع».
وقالت غرفة عمليات مجلس الوزراء، إن الانتخابات «تسير بصورة منتظمة وجيدة خلال اليومين الماضيين»، مشيرا إلى أن «الغرفة لم تتلق أي شكاوى تعيق عملية الانتخاب، وشهدت كثافة عالية، خصوصا بعض المحافظات، منها بني سويف وأسيوط وشمال سيناء والمنيا والشرقية، إلى جانب القاهرة والجيزة والإسكندرية».
وعلى صعيد التأمين، أجرى وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي جولة لتفقد لجنة انتخابية في محافظة القليوبية، فيما تفقد رئيس الأركان الفريق محمد فريد لجانا في محافظة الإسماعيلية. وكذلك أعلنت وزارة الداخلية أن مديري الأمن في مختلف المحافظات راجعوا تأمين مقار لجان الانتخابات.
وقالت وزارة الصحة، إن حصيلة المصابين بأعراض مرضية داخل اللجان خلال أيام التصويت بلغت 235 حالة، فيما توفيت سيدة (45 عاماً) بعد تعرضها لهبوط حاد في الدورة الدموية، نتيجة الوقوف في الشمس لفترة طويلة وانخفاض في الضغط. وأفاد المتحدث باسم الوزارة بأن معظم المصابين خضعوا للعلاج وغادروا المستشفيات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.