جدل حول ترؤس مسؤول إيطالي وفد ليبيا في اجتماع أوروبي

النيجر تنفي وجود مسلحين معارضين لها في الأراضي الليبية

TT

جدل حول ترؤس مسؤول إيطالي وفد ليبيا في اجتماع أوروبي

في سابقة تعد الأولى من نوعها، شارك مسؤول إيطالي باسم حكومة الوفاق الوطني الليبية في اجتماع أوروبي، عقد أول من أمس لمناقشة قضايا تتعلق بالجمارك والحدود والهجرة، نظمته منظمة الجمارك العالمية داخل مقرها بالعاصمة البلجيكية بروكسل، في وقت نفى فيه الحسين ملول، سفير النيجر في طرابلس، وجود مسلحي معارضة بلاده على الأراضي الليبية.
وأظهرت صور فوتوغرافية الإيطالي لوتشيالو كالاتشبورا، الذي يعمل مستشار جمارك ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة بالإدارة الشاملة للحدود في ليبيا، وهو يجلس وقد وضعت أمامه لافتة باسم دولة ليبيا في الاجتماع.
وكشف يوسف إبراهيم، مندوب ليبيا لدى المنظمة العالمية للجمارك، تفاصيل الواقعة في رسالة وزعها مع صور فوتوغرافية، وجهها إلى مسؤولين ودبلوماسيين في حكومة الوفاق، التي يترأسها فائز السراج بالعاصمة طرابلس، تساءل فيها «عما إذا كانت الدولة الليبية مستقلة أم لا؟».
وأوضح إبراهيم أنه تم تكليف الإيطالي بإيعاز من مسؤولين في حكومة السراج لرئاسة وفد ليبيا في اجتماع الدورة «37» للجنة الإنقاذ، التابعة لمنظمة الجمارك العالمية، لافتا إلى أن الاجتماع ناقش قضايا تخص الاستخبار الجمركي، وذات صلة بالأمن القومي للدول الأعضاء بالمنظمة، تحت بند سري جدا. وقال إبراهيم بهذا الخصوص: «لسنا من الدول التي توجد عليها وصاية، والإجراء يعتبر مخالفا للقوانين والأعراف الدولية»، موضحا أنه وجد الإيطالي يجلس في القاعة مكان رئيس الوفد الليبي، وأمامه لوحة معدنية تحمل اسم ليبيا، ودعا إلى إيقاف التصرفات التي وصلت حد انتهاك سيادة ليبيا والتطاول على الأمن القومي في واقعة تخص تمثيل الدولة بالمحافل الدولية، مشددا على أن هناك أفرادا داخل إدارة الجمارك الليبية لن يقبلوا بالوصاية.
وانتقد ناشطون ليبيون ووسائل إعلام محلية الواقعة، التي حاولت حكومة السراج احتواءها أمس، حيث طالب وزير المالية أسامة حماد بضرورة فتح تحقيق على وجه السرعة في موضوع تمثيل المستشار الإيطالي للدولة الليبية، مطالبا مدير عام مصلحة الجمارك موافاته بنتائج التحقيق خلال ثلاثة أيام، نظرا لما وصفه بـ«خطورة الأمر»، معتبرا أن ما حدث بمثابة «تفريط في مقتضيات المحافظة على الأمن القومي وسيادة ليبيا».
وبينما قالت القوات البحرية الليبية، إن إيطاليا شاركت في المرحلة الثانية من دورة تدريبية لسرية حماية قاعدة طرابلس البحرية، أفادت السفارة الفرنسية في ليبيا بأن غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، أجرى أمس ما وصفته بـ«محادثة شيقة للغاية مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي عن لجنة الشؤون الخارجية والدفاع»، مشيرة في بيان مقتضب إلى أن أعضاء مجلس الشيوخ أكدوا دعم فرنسا لمهمته، وللوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، نفى الحسين ملول، سفير النيجر في طرابلس، وجود مسلحي معارضة بلاده على الأراضي الليبية، ونقل عنه المجلس الأعلى للدولة في العاصمة طرابلس في بيان، عقب اجتماعه عقده رئيسه عبد الرحمن السويحلي مع سفير النيجر، أنه نفى وجود أي مجموعات معارضة مسلحة من بلاده داخل التراب الليبي، مؤكدا «احترام النيجر لسيادة واستقلال ليبيا، ودعمها الكامل للسلطات لاستعادة الأمن والاستقرار في البلاد».
وطبقا للبيان، فقد وجه السفير دعوة رسمية للسويحلي لزيارة بلاده قصد مناقشة الأزمة الراهنة، وسبل التعاون المشترك، بينما اعتبر الأخير في المقابل أن «النيجر بلد جار وصديق مهم لليبيا، التي تتأثر سلبا أو إيجابا بالوضع الأمني في النيجر والعكس صحيح»، مشددا على ضرورة تعزيز التعاون بين البلدين، خصوصا في المجال الأمني وملف الهجرة غير الشرعية.
وبعدما أشاد بما وصفه بـ«وقوف النيجر على مسافة واحدة من جميع الأطراف في ليبيا»، طالبها بالاستمرار في هذا النهج لتشجيع الفرقاء على الحوار والتوافق.
وتشن مقاتلات تابعة لسلاح الجو بالجيش الليبي منذ الأسبوع الماضي، ضربات جوية تستهدف عددا من العصابات المسلحة الأفريقية التي تنشط في مدن الجنوب، عقب انتهاء مهلة الجيش التي طالب فيها بمغادرة الأجانب الأفارقة الجنوب أو «مواجهة القوة».
إلى ذلك، قال جهاز مباحث الأحوال المدنية بمدينة بنغازي (شرق)، إنه اعتقل أكبر مزوري الجنسية والوثائق الليبية على مستوى البلاد.
وأكد المقدم أسامة الدرسي، رئيس الجهاز، أنه بناء على معلومات بشأن وجود أشخاص يقومون ببيع الجنسيات وشهادات الميلاد وبطاقات الإقامة المزورة، تم ضبط بعض الأشخاص في منزلهم، وبحوزتهم مستندات مزورة، ومبالغ مالية كبيرة، بالإضافة إلى معدات وشهادة جامعية مزورة، وشرائح هاتفية تستخدم في اتصالاتهم مع الشبكة، وتم إحالتهم إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
ويتم ضبط بين الحين والآخر أشخاص متورطين في عمليات تزوير جوازات سفر ووثائق ليبية رسمية، لكن الشبكة التي تم ضبطها في بنغازي تعد الأكبر في البلاد حتى الآن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».