«لتكن المحبة زادكم اليومي وأنتم تعملون.. وأنتم تأكلون.. وأنتم تتحدثون.. وأنتم تغنون»، كانت تلك هي إحدى وصايا وديع الصافي الدائمة لأبنائه، حسب ما عبر عنه نجله جورج فرنسيس خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط».
وبالمحبة سلّح وديع نفسه وظهرت جلية في أغانيه وتراقصت مع أوتار الطبيعة الجبلية التي عايشها في بلدته ومسقط رأسه نيحا الشوف، فتنوعت أغنياته بين الفرح والحزن والأمل والحكمة. أحبه كثيرون وامتلك ألقابا كثيرة، منها «عملاق الغناء» و«صوت الجبل» و«صاحب الحنجرة الذهبية»، كما أصبح مدرسة للغناء والتلحين يحتذى بها في لبنان وفي الكثير من الدول العربية.
رحل وديع الصافي عن عمر يناهز 92 سنة، بعد أن ترك لنا ميراثا فنيا فريدا ونثر أغنياته التي دخلت إلى جميع البيوت العربية بنغمة وشعور وعاطفة استمرت لأكثر من ثمانية عقود.
وعند زيارة بلدة نيحا، التي تقع في أقصى جنوب شرقي قضاء الشوف ومحافظة جبل لبنان وترتفع 1020 مترا عن سطح البحر وتمتد على مساحة 3750 هكتارا، التقت «الشرق الأوسط» مع رئيس بلديتها حسان أبو هدير في حديث خاص.
وردا على سؤال: «كيف ستكرم نيحا وديع الصافي بعد وفاته؟»، قال: «منذ نحو السنة أنشأنا لجنة من أجل تكريم تراث وديع الصافي تألفت من أخيه العميد الجنرال إيلي فرنسيس ومن أولاده أنطوان وجورج وأيضا من بعض الأشخاص من البلدة ومن أعضاء البلدية. وأخذنا قرارا بتسمية الشارع الذي يؤدي إلى المتحف باسم وديع الصافي. وكانت اللجنة ستستضيف مهرجانا لتكريمه. كما وضعنا النص لدعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان. ولكن في الأسبوع نفسه مرض وديع ودخل المستشفى، فأوقفنا كل شيء ولم يعد التكريم واردا ووديع على هذه الحال ولم تتحسن صحته. ولكننا تابعنا اجتماعاتنا بغية إنشاء لجنة قانونية وقدمنا أوراقنا إلى الوزارة المعنية للتسجيل في الدولة من أجل التكريم».
وحبا في وديع تقدم بعض من أبناء نيحا وتبرعوا بأرض لبناء المتحف ومن بينهم غسان فرحات. وجدت الأرض وبدأ التفكير بوسيلة لتأمين المال الكافي لمباشرة البناء، فدرست البلدية واللجنة كيفية تأمين التكاليف والاتصال بوزارة التربية ووزارة السياحة والأشخاص المعنيين واستضافة مهرجان من أجل جمع التبرعات من محبيه، ولكن للأسف ساءت صحته.
لم تستطع بلدة نيحا تكريم ابنها وديع وهو حي يرزق لأن المنية طالته فعاد إلى ترابها ليدفن في مكان خاص على أن ينقل لاحقا إلى مدفن سيشيد على قطعة أرض تقع في ضواحي البلدة على طريق قلعة نيحا المؤدي إلى قلعة فخر الدين، قدمها الشيخ بدري علي غيث الذي تكفل أيضا بتغطية كاملة للمشروع.
وأضاف أبو هدير: «الأرض والمال تأمنا، أما بالنسبة للتراث فأولاده وأخوه سيجمعون كل تراثه ويضعونه في المتحف. ونحن في البلدية ورابطة التضامن الاجتماعي سنضمن استمرارية هذا المتحف وصيانته والإشراف عليه مع اللجنة التي تكونت من أجل هذا التكريم. وعندما سينتهي بناء المتحف وتنقل الرفات سوف نستضيف مهرجانا افتتاحيا وسنطلق على الشارع المؤدي إلى المتحف اسم وديع الصافي».
وقال جورج فرنسيس نجل وديع الصافي: «إنهم يعملون جيدا من أجل هذا الموضوع ويتسابقون إلى تخليد اسم هذا الكبير، والنيات الحسنة موجودة لدى الجميع». ثم أضاف: «أهل الدكوانة أيضا سيسمون شارعا باسمه وفي جديدة المتن سينشئون ساحة كبيرة في الجامعة وتمثالا لوديع».
وعن الزمن المحدد لبدء العمل، أجاب: «المهندس شفيق أبي راشد، من ضمن اللجنة، عندما ينتهي من رسم الخريطة سنقدم الأوراق إلى التنظيم المدني ولا أعتقد أن هنالك أية إشكاليات ما دامت الماديات موجودة والأرض موجودة، فالعملية أصبحت عملية وقت ليس أكثر. أما الأموال العائدة من زيارة المتحف فستشرف اللجنة على صرفها وستصب في تحسينه وتوسيعه وتجميله وصيانته».
وديع الصافي يعود إلى أحضان جبل نيحا
أبناء بلدته بصدد إقامة متحف يخلد تراث الحنجرة الذهبية
وديع الصافي يعود إلى أحضان جبل نيحا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة