البيت الأبيض يهدد الواردات الصينية برسوم عقابية تصل إلى 60 مليار دولار

بكين تنتصر جزئياً في {منظمة التجارة} في قضية رسوم أميركية من 2014

عمال ينقلون حبوب الصويا في ميناء شرق الصين (أ.ف.ب)
عمال ينقلون حبوب الصويا في ميناء شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

البيت الأبيض يهدد الواردات الصينية برسوم عقابية تصل إلى 60 مليار دولار

عمال ينقلون حبوب الصويا في ميناء شرق الصين (أ.ف.ب)
عمال ينقلون حبوب الصويا في ميناء شرق الصين (أ.ف.ب)

أعلن البيت الأبيض أمس عن اتجاه الولايات المتحدة لفرض رسوم جمركية عقابية على وارداتها من المنتجات الصينية بقيمة 60 مليار دولار، بسبب ما وصفه مستشارو الرئيس دونالد ترمب التجاريون بالممارسات التجارية غير العادلة من جانب الصين.
جاء إعلان البيت الأبيض في أعقاب سبعة أشهر من التحقيقات التي أمر بها الرئيس ترمب في العام الماضي، بشأن الممارسات التجارية الصينية، بما في ذلك إجبار الشركات الأميركية على القبول بحصة الأقلية في الشركات العاملة في الصين. وقال إيفرت آيسنستات، نائب مدير المجلس الاقتصادي الوطني التابع للبيت الأبيض، إن الرسوم ستشمل مجموعة واسعة من الواردات الأميركية من الصين، وسيتم الانتهاء منها خلال 60 يوما.
وأمر الرئيس دونالد ترمب مساعديه أمس، بتشكيل قائمة بالمنتجات الصينية التي سيتم فرض رسوم جمركية عليها وذلك خلال مدة خمسة عشر يوما، وسيتم طرح هذه القائمة للنقاش من جانب مجتمع الأعمال والمختصين قبل تفعيلها.
وأعلن ترمب أن واشنطن سترفع شكوى رسمية لمنظمة التجارة العالمية، معتبرا أن المنظمة كانت كارثة للتجارة الأميركية وطالما تعاملت بصورة غير عادلة مع الأميركيين.
وانتقدت الصين العقوبات التي تعتزم الولايات المتحدة فرضها عليها تحت زعم أنها تقوم بسرقة الملكية الفكرية للشركات الأميركية، ولوحت وزارة التجارة في بيان بـ«اتخاذ كافة الإجراءات الضرورية» للدفاع عن مصالحها، ما يثير مخاوف من اندلاع حرب تجارية بين البلدين. وقال سفير الصين لدى منظمة التجارة العالمية، إن بكين تعكف على إعداد حزمة إجراءات للرد على الرسوم الأميركية، كما تدرس تقديم شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد هذه الرسوم.
وجاءت هذه التصريحات بعد الإعلان عن جدول الأعمال الذي نشره البيت الأبيض والذي شمل توقيع الرئيس دونالد ترمب على «مذكرة تستهدف العدوان التجاري الصيني». وتتخذ الولايات المتحدة هذه الإجراءات ضد الصين بناء على البند 301 من قانون التجارة، لمكافحة ما تقول أميركا إنه جهود تقودها الدولة الصينية لسرقة التكنولوجيا الأميركية والملكية الفكرية.
وقبل أيام دعا رئيس الوزراء الصيني، لي كه تشيانغ، الولايات المتحدة إلى تجنب الانفعال والتعامل مع مسائل التجارة «بعقلانية». وقال لي: «نأمل أن يظل الجانبان ملتزمين بالعقلانية وعدم التصرف تحت تأثير العاطفة، وتجنب حرب تجارية». وتعهد لي بتوفير «حماية صارمة للملكية الفكرية للشركات الأميركية».
وعلى مكتب ترمب، وضع الممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت لايتايزر حزمة مقترحة منفصلة لرسوم تقدر بـ30 مليار دولار على الواردات الصينية.
وكان ترمب فرض نهاية يناير (كانون الثاني) رسوما حمائية على الألواح الشمسية المستوردة من الصين. وستطال الرسوم المزمع فرضها خصوصا قطاعي التكنولوجيا والاتصالات.
في 2017 ارتفعت واردات السلع الصينية إلى الولايات المتحدة إلى 505 مليارات دولار والعجز التجاري إلى 375 مليار دولار، وكلاهما قياسيان.
وتتهم واشنطن بكين منذ زمن بأنها ترغم الشركات الأميركية على كشف معلومات تجارية والتخلي عن ملكيتها الفكرية لقاء السماح لها بالعمل في الصين.
وقال مسؤول كبير في مكتب لايتايزر إن إدارات كلينتون وبوش وأوباما حاولت عبر عقود إقناع الصين باحترام اقتصاديات السوق وتحرير التجارة، لكنها فشلت.
وفي أواخر أغسطس (آب) الفائت، فتحت إدارة ترمب تحقيقا في سلسلة من المزاعم ضد الصين، من بينها، إجبار بكين الشركات الأميركية على الدخول في شراكات ونقل التكنولوجيا والأسرار التجارية للشركاء المحليين إذا ما رغبت الشركات الأميركية في العمل في الصين. ويزعم مسؤولون أميركيون أيضا أن الصين اخترقت شبكات أميركية وقامت بأعمال تجسس صناعية لسرقة حقوق ملكية فكرية أميركية.
وأرسل الرئيس الصيني كبير مستشاريه الاقتصاديين لواشنطن هذا الشهر لمناقشة ملف التوتر التجاري، لكن المسؤول الأميركي قال إن بكين لم تقدم مقترحا بناء.
وقال المسؤول: «بشكل عام، لدينا أدلة قوية أن الصين تستخدم قيود الملكية الأجنبية وشروط الشركات المشتركة وقيود المساواة الأجنبية للطلب والضغط من أجل نقل التكنولوجيا من الشركات الأميركية للكيانات الصينية».
من جهة أخرى قالت لجنة امتثال تابعة لمنظمة التجارة العالمية في حكم أصدرته أول من أمس إن الولايات المتحدة لم تلتزم بالكامل بحكم صادر في 2014 ضد رسوم مكافحة الدعم التي فرضتها على منتجات صينية. ويمكن للطرفين الطعن على هذا الحكم خلال 20 يوما. ولجأت الصين إلى منظمة التجارة في 2012 للطعن على رسوم مكافحة الدعم الأميركية المفروضة على صادرات صينية مثل الألواح الشمسية وأبراج طاقة الرياح وأسطوانات الصلب والألومنيوم.
وفي هذا الوقت قالت الصين إن شكواها شملت صادرات إلى الولايات المتحدة تصل قيمتها السنوية إلى 7.3 مليار دولار.
وقضت لجنة منظمة التجارة العالمية بأن الولايات المتحدة لم تستخدم أسعار بلد ثالث بشكل صحيح لتقييم الدعم لكنها أيدت التأكيد الأميركي بأن الصادرات كانت تحصل على دعم من «مؤسسات عامة» صينية رغم تأكيد الصين على العكس.
وقالت وزارة التجارة الصينية إن حكم منظمة التجارة العالمية يظهر أن الولايات المتحدة «تنتهك مرارا» إجراءات إصلاح التجارة وحثت على تحرك فوري لتصحيح الممارسات المعيبة.
وإذا اجتازت الشكوى الصينية التماسا محتملا فسوف تقترب خطوة من فرض عقوبات مضادة للعقوبات الأميركية لكن ينبغي أن يتفق الجانبان أولا على قيمة العقوبات، وهو ما سيشمل جولة من تقديم الدفوع.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصيني هوا شونينج في مؤتمر صحافي: «الصين تعارض بشدة الإجراءات الأحادية والحمائية من جانب الولايات المتحدة الأميركية»، مضيفة أن الصين، صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم لن «تسكت وتتجاهل» الإضرار بحقوقها ومصالحها. وأضافت المتحدثة: «لا تتخذوا إجراءات من شأنها الإضرار بالجانبين».
وأشارت هوا إلى أن الصين تستورد بمفردها 62 في المائة من فول الصويا الأميركي و25 في المائة من طائرات البوينغ، وهما قطاعان بالاقتصاد الأميركي ربما يتضرران من الإجراءات المحتملة التي قد تتخذها بكين.


مقالات ذات صلة

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات محبطة قد تشير إلى تباطؤ بالنمو الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يشتري الناس الهدايا في منطقة تايمز سكوير في نيويورك (رويترز)

تضخم الجملة يقاوم الانخفاض في الولايات المتحدة

ارتفعت تكاليف الجملة في الولايات المتحدة بشكل حاد خلال الشهر الماضي، ما يشير إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال قائمة في الاقتصاد حتى مع تراجع التضخم من أعلى مستوياته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة مكتوب عليها «نوظف الآن» في مغسل سيارات بأحد شوارع ميامي بفلوريدا (رويترز)

زيادة غير متوقعة في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع، الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.