تعتبر العلاقات التجارية بين السعودية وأميركا، إنموذجاً عالمياً للعلاقات الدولية ذات الجذور القوية، والاهتمام المشترك، فيما تعتبر الدولتان من أبرز القوى الاقتصادية في العالم أجمع، يأتي ذلك من خلال الناتج المحلي الأميركي، ومن خلال ثقل ومكانة السعودية على صعيد أسواق النفط.
وتؤكد الأرقام الاقتصادية المتعلقة بحجم التبادل التجاري بين السعودية وأميركا، حجم العلاقات القوية التي تجمع البلدين، فيما من المتوقع أن تفتح زيارة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، للولايات المتحدة الأميركية، آفاقاً أوسع من العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بين البلدين.
وبناءً على البيانات الأولية لعام 2017 الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء، تحتل أميركا المرتبة الثانية في حجم التبادل التجاري للمملكة مع دول العالم بمقدار 135 مليار ريال (36 مليار دولار)، بواقع 69 مليار ريال (18.4 مليار دولار) تمثّل صادرات المملكة إلى الولايات المتحدة، التي تشكّل ما نسبته 51 في المائة من حجم التبادل التجاري للمملكة مع الولايات المتحدة.
وتعد المنتجات المعدنية، والمنتجات الكيميائية العضوية، والأسمدة، والألمنيوم ومصنوعاته واللدائن ومصنوعاتها، من أهم السلع التي تصدرها المملكة إلى الولايات المتحدة، فيما تعد السيارات وأجزاؤها، والمركبات الجوية وأجزاؤها، والأجهزة والمعدات الكهربائية، والأجهزة الطبية، من أهم السلع التي تستوردها المملكة من أميركا.
وأمام هذه المعلومات، فإن الاتفاقيات الضخمة التي وقعتها السعودية وأميركا خلال شهر مايو (أيار) الماضي، من المنتظر أن تقفز بحجم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين خلال المرحلة القادمة، وهي الاتفاقيات الضخمة التي تعكس حجم حرص ورغبة أميركا في تعزيز شراكتها التجارية مع السعودية. وفي هذا الشأن، وقعت السعودية مع أميركا مايو الماضي، اتفاقيات ومذكرات تعاون اقتصادية غير مسبوقة بقيمة 280 مليار دولار، يتوقع منها خلق مئات آلاف الوظائف في البلدين بالسنوات المقبلة.
وتتصدر أهم الاتفاقيات الموقعة، اتفاقيات لأرامكو السعودية بـ50 مليار دولار مع شركات أميركية، كما وقعت «جنرال إلكتريك» صفقات قيمتها 15 مليار دولار بالصناعة والتعدين، فيما ستطور «ريثيون العربية» أنظمة الدفاع الجوي والأسلحة الذكية بالسعودية.
ومن ضمن الاتفاقيات الموقعة، اتفاقيات بين «إكسون موبيل» و«سابك»، وهي الاتفاقية التي تستهدف مشاريع إنتاج مواد بتروكيماوية، فيما وقعت «لوكهيد مارتن» اتفاقية أخرى من شأنها دعم تجميع 150 طائرة هليكوبتر بلاكهوك إس - 70 بالسعودية.
ووقعت «جنرال داينامكس» اتفاقيات أخرى تستهدف توطين تصميم وتصنيع ودعم العربات القتالية المدرعة في السعودية، كما تم توقيع اتفاقية أخرى تعنى بتصميم منصات حفر بحري بـ7 مليارات دولار مع شركة «روان».
ووقعت «نابورز» اتفاقية من شأنها توسيع نطاق مشروع مشترك بالحفارات النفطية بـ9 مليارات دولار، فيما وقعت «أرامكو» و«ناشيونال أويلويل» مشروعاً مشتركاً جديداً بـ6 مليارات دولار.
وفي هذا الشأن، وقعت «ويذرفورد» اتفاقية من شأنها تنفيذ مشاريع بملياري دولار لتوطين سلع وخدمات حقول النفط في السعودية، كما وقعت «داو كيميكال» اتفاقية بناء منشأة لإنتاج البوليمرات ودراسة مشاريع أخرى.
ووقعت «مكديرموت» مذكرة بـ2.8 مليار دولار لتوطين سلع وخدمات أرامكو، كما وقعت «هانيويل» مذكرة بـ3.6 مليار دولار لمشاريع مع «أرامكو»، كما تم توقيع اتفاقية شراء طائرات بين الخطوط السعودية و«بوينغ»، كما وقعت «جاكوبز إنجنيرينج» مذكرة تفاهم بـ250 مليون دولار تتعلق بمشاريع نفطية.
وأمام هذه التطورات، تعد العلاقات التجارية بين السعودية وأميركا ركناً أساسيا في العلاقات بين الدولتين بشكل عام، وتعود جذور هذه العلاقات إلى اكتشاف الشركة الأميركية «Standard Oil Company Of California» النفط في المملكة عام 1933. ومنذ ذلك الحين حرص قادة البلدين على تنمية العلاقات التجارية والاستثمارية وتعزيزها من خلال إنشاء مجالس ولجان عمل مشتركة وتبادل الزيارات للوفود التجارية.
ويبلغ عدد المشروعات السعودية الأميركية والمختلطة العاملة في المملكة 474 شركة، منها 90 شركة صناعية، و384 شركة خدمية، فيما بلغ إجمالي رؤوس الأموال المستثمرة في هذه الشركات نحو 57 مليار ريال (15.2 مليار دولار).
وحرصت السعودية وأميركا على تنمية التجارة والاستثمار لخدمة مصالح البلدين في مجالي التجارة والاستثمار، حيث أبرمت في عام 2003 اتفاقية إنشاء مجلس سعودي أميركي للتجارة والاستثمار (TIFA) يتكوّن من ممثلين عن الجانبين، ويترأس الجانب السعودي فيه وزارة التجارة والاستثمار، فيما يرأس الجانب الأميركي مكتب الممثل التجاري أميركا (USTR)، وبمشاركة مسؤولين في وحدات حكومية أخرى.
ويعد المجلس مظلة لخدمة رجال الأعمال من التجار والمستثمرين، ويعمل على إزالة العوائق كافة، التي تعترض انسياب التجارة والاستثمار بين البلدين.
وعقد المجلس منذ تأسيسه خمس دورات كان آخرها في يناير (كانون الثاني) 2017 بالرياض، وصدر عنه عدة توصيات بشأن التجارة والمواصفات والمقاييس والجودة، والجمارك والهيئة العامة للاستثمار، والغذاء والدواء، وحماية المستهلك، وقضايا الملكية الفكرية، والصندوق السعودي للتنمية.
ويشكّل منتدى فرص الأعمال السعودي الأميركي الذي يرأسه وزيرا التجارة في البلدين، أهمية كبيرة في الارتقاء بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، لترقى إلى متطلبات القرن الحادي والعشرين في مختلف المجالات.
ويحظى المنتدى بمشاركة عددٍ من صنّاع القرار وكبار المسؤولين الحكوميين، وعددٍ من رجال وسيدات الأعمال والتجارة في كلا البلدين الصديقين، وأقيمت أولى دورات المنتدى في مدينة شيكاغو ومدن أميركية أخرى، وقد عقد حتى الآن أربع دورات للمنتدى، كان آخرها في العاصمة الرياض في شهر مارس (آذار) لعام 2016.
السعودية وأميركا... شراكة استراتيجية بين قوتين اقتصاديتين عالميتين
واشنطن تحتل المرتبة الثانية في حجم التبادل التجاري مع الرياض
السعودية وأميركا... شراكة استراتيجية بين قوتين اقتصاديتين عالميتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة