المالكي يبدأ زيارة إلى إيران وسط خلافات عميقة داخل مكونات التحالف الشيعي

صورة التقطت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وبثت أمس لجندي عراقي وهو يحرس منصة نفطية قبالة البصرة (رويترز)
صورة التقطت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وبثت أمس لجندي عراقي وهو يحرس منصة نفطية قبالة البصرة (رويترز)
TT

المالكي يبدأ زيارة إلى إيران وسط خلافات عميقة داخل مكونات التحالف الشيعي

صورة التقطت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وبثت أمس لجندي عراقي وهو يحرس منصة نفطية قبالة البصرة (رويترز)
صورة التقطت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وبثت أمس لجندي عراقي وهو يحرس منصة نفطية قبالة البصرة (رويترز)

وصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى طهران أمس في زيارة تستغرق يومين يبحث خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين. ويلتقي المالكي اليوم الرئيس الإيراني حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية أن رئيس الحكومة العراقية دعي إلى إيران «لتوسيع العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية». وخلال زيارته التي تستمر يومين، سيتوجه المالكي إلى مدينة مشهد (شمالي شرق) الشيعية المقدسة أيضا. وبحسب وسائل الإعلام الإيرانية، فإن المباحثات قد تتناول أيضا النزاع السوري. أيضا، لا يزال العراق يستقبل على أراضيه معسكرا لمنظمة «مجاهدين خلق» المعارضة للنظام الإيراني.
وتأتي زيارة المالكي إلى إيران في وقت اتسعت فيه كثيرا خلال الفترة الأخيرة نقاط الخلاف بين مكونات التحالف الوطني الشيعي. وبينما تصمت بعض مكونات التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر داخل البرلمان العراقي) عن الخوض في تفاصيل الخلافات داخل منظومة التحالف الذي يتعرض الآن لأكبر هزة بعد إعلان التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، ليس فقط خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بقوائم منفصلة، وإنما أيضا فتح الباب أمام تحالفات من خارج التحالف لاختيار رئيس وزراء بديل للمالكي.
ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه المالكي، لا يزال يصر على إبقاء التحالف الوطني الذي يجب أن يرشح رئيس الوزراء على أن يكون في النهاية المالكي، وهو ما يرفضه الصدريون والمجلس الأعلى.
والمباحثات التي يجريها المالكي في طهران «لا تبدو بريئة» من وجهة نظر التيار الصدري، وذلك على لسان عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار الصدرية جواد الجبوري الذي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة تبدو في ظاهرها زيارة دولة لمسؤول كبير بمستوى رئيس وزراء يتعين عليه ترتيب علاقات العراق الدولية وفي المقدمة منها دول الجوار، ولكن المشكلة تكمن في اختيار الدول وتوقيت الزيارة، إذ إن القيام بزيارتين في وقت متقارب مع طرفين ولاعبين مهمين وهما الولايات المتحدة الأميركية وإيران، لا يجعل أي مراقب ينظر إلى هذه الزيارة ببراءة تامة».
وأضاف الجبوري أن «المالكي وفي هذه الزيارات التي تجري باسم بحث ملفات المنطقة وأزماتها المتلاحقة، مثل الأزمة السورية والملف النووي الإيراني، إنما يريد أن يقدم نفسه لهذه الدول على أنه هو القادر على المساعدة وترتيب الأمور، وبالتالي يمكن أن يوظف ذلك كبرنامج انتخابي، سواء على المستوى الشخصي له أو لحزبه»، معتبرا أن «مثل هذه الأمور يمكن أن تخل بالمعادلة الداخلية، لا سيما أننا جميعا الآن على أعتاب انتخابات نيابية في غاية الأهمية، وأن قضية الولاية الثالثة التي يطمح إليها السيد المالكي في مقدمة ما يهيمن عليها».
جبهة الحوار الوطني التي يتزعمها صالح المطلك، نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، لم تبتعد كثيرا عن رؤية التيار الصدري للزيارة. ففي مؤتمر صحافي عقده حيدر الملا، الناطق باسم الجبهة، قال إن «زيارة رئيس الوزراء إلى إيران، إذا كانت لغرض دعم حصوله على ولاية ثالثة، مرفوضة لأن اختيار شخصية لرئاسة الحكومة المقبلة يجب أن يكون من الداخل دون تدخل خارجي». وأضاف الملا أن «الكتل السياسية متفقة على أن تكون الشخصية المقبلة لرئاسة الحكومة من اختيار الشعب العراقي، ومقبولة من جميع الأطراف، من دون فرض أجندة خارجية».
من جهتها، رأت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي أنه «يجب التفريق بين الزيارات الحزبية التي تقوم بها وفود من مختلف الأطراف والكتل لهذه الدولة أو تلك، وزيارات الدول الرسمية». وقالت صفية السهيل، عضو اللجنة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارات التي يقوم بها المسؤولون الكبار، بدءا من رئيس الوزراء، يجب أن ينظر إليها من زاوية المصلحة الوطنية العليا من دون أي اعتبارات أخرى». وأضافت: «إننا في لجنة العلاقات الخارجية نؤكد باستمرار أهمية تعزيز علاقات العراق الخارجية لا سيما مع محيطه العربي والإسلامي، لأن الظروف الحالية في المنطقة تحتم علينا الانفتاح على الجميع، وبالتالي فإننا نؤيد الزيارة من هذا المنطلق». وأوضحت النائبة أن «هناك بالتأكيد من يرى هذه الزيارة على أنها مرتبطة بالانتخابات، لكن بودي الإشارة إلى أن كل الأطراف والكتل تقوم بزيارات حزبية لهذه الدولة أو تلك، وكلها تهدف إلى الحصول على دعم أو مباركات».
في السياق نفسه، أكد ره وز مهدي خوشناو، عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني، أن «النظرة إلى هذه الزيارة يجب أن تكون في إطار كونها زيارة دولة من أجل تطبيع العلاقات، وبالتالي، فإنها ذات بعد إيجابي في حال ركزت على العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين، خصوصا أن إيران دولة مهمة بالنسبة للعراق». وأضاف خوشناو: «أما إذا كانت الزيارة ذات غايات سياسية فقط، فإننا نعدّها مخيبة للآمال».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.