وزيرة العدل تطالب بإنهاء النقاش حول «انتماء الإسلام إلى ألمانيا»

وزير الداخلية الجديد يدافع عن تصريحاته السابقة

TT

وزيرة العدل تطالب بإنهاء النقاش حول «انتماء الإسلام إلى ألمانيا»

دافع وزير الداخلية الألماني الجديد هورست سيهوفر، عن تصريحاته حول عدم انتماء الإسلام إلى ألمانيا، رغم الردود الرافضة لكلامه، ووسط دعوات لإنهاء هذا الجدل وتحذيرات من تأثيره على الأمن الداخلي للبلاد.
وفي مقتطفات من مقابلة جديدة أدلى بها لصحيفة «فيلت إم سونتاغ»، دعا سيهوفر إلى انفتاح أكبر في النقاش حول الإسلام، وقال إنه «لا يمكن لأحد أن ينكر جدياً أن ألمانيا تاريخياً وثقافياً هي مسيحية - يهودية، وليست إسلامية». لكنه استدرك بالقول: «بالطبع فإن غالبية المسلمين المسالمين في ألمانيا ينتمون إلى بلدنا».
ورغم الاعتراضات السياسية الواسعة على تصريحات وزير الداخلية، الذي تسلم مهامه قبل أيام قليلة، فإنه كان لافتاً تأييد غالبية الألمان لكلامه، حسبما أظهر استطلاع للرأي نشرته مجلة «فوكس» الألمانية.
وحسب المجلة، فإن 65٪ من المستطلعة آراؤهم اعتبروا أن طرح موضوع انتماء الإسلام إلى ألمانيا أمر «إيجابي»، بينما اعتبر 27٪ فقط أن النقاش في الموضوع «سلبي».
ولم تقتصر ردود الأفعال على كلام سيهوفر على السياسيين من مختلف الأحزاب والمسلمين في ألمانيا، بل عبّرت أيضاً نقابة الشرطة الألمانية عن قلقها من تصريحاته وتأثيرها على الأمن الداخلي، إذ قال رئيس النقابة أندري شولتز إن كلام سيهوفر عن عدم انتماء الإسلام إلى ألمانيا «غير فعال وقد يأتي بنتائج عكسية»، مضيفاً أن الوزير «يحرك صراعات اجتماعية داخلية… وسيكون على الشرطة أن تتحمل تبعاتها».
وأمام توسع الردود، صدرت دعوات لإنهاء الجدل حول مكانة الإسلام في ألمانيا، خصوصاً من سياسيي الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي وجه بعض أعضائه انتقادات لاذعة إلى سيهوفر، ما استدعى رداً من الأخير على كل الذين انتقدوه واتهموه بـ«التفرقة» بين مكونات المجتمع، وقال إن «الحزب الاشتراكي الديمقراطي مطالَب بأن يساعد على تجاوز الانقسامات في المجتمع وتقوية التعايش».
واستمرت التصريحات، أمس، ضد سيهوفر من كبار الحزب اليساري، حليفه في الحكومة، إذ قالت وزيرة العدل الجديدة كاتارينا بارلي لصحيفة «راينيشيه بوست» إن «المناقشات النظرية أُجريت على مدار فترة كافية... والمهم هو أن يتم حل المشكلات بصورة عملية... وفي ما يتعلق بقيمنا، فإن القانون الأساسي (الدستور) كان وسيظل هو أساس تعايشنا». ووافقتها وزيرة العائلة الجديدة فرانشيسكا غيفي، التي تنتمي أيضاً إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وقالت إن «هكذا نقاشات لا تساعد أبداً محلياً... ويجب خلق بيئة تعايش بين مختلف الأشخاص من خلفيات متنوعة».
من جهتها، قالت زعيمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أندريا ناهليس، إن هذا النقاش عقيم ولا يؤدي إلى نتيجة. لكنها رفضت الانجرار وراء الاتهامات، التي ساقها أعضاء في حزبها لوزير الداخلية حول تسببه في انقسامات في المجتمع، وقالت بهذا الخصوص: «لا أعتقد أنه (سيهوفر) كان يفكر بذلك عندما أدلى بتصريحاته. فهو وقّع على اتفاق الائتلاف الحكومي، الذي يتحدث عن العمل على تشديد اللحمة في بلدنا».
ونشرت صحف ألمانية، أمس، مقالات رفضت فيها تصريحات سيهوفر، إذ كتبت صحيفة «برلين زايتونغ» موضوعاً عن أقدم جامع في برلين، يقع في منطقة ويلمرسدورف ويعود تاريخه إلى عام 1972، وقالت إن هذا الجامع يشكل «جزءاً من تاريخ برلين، وهو ينتمي إلى العاصمة الألمانية تماماً كما ينتمي إليها حائط برلين»، مضيفة أن برلين تضم حالياً نحو 90 مسجداً، و300 ألف مسلم يعيشون في العاصمة.
ومع استمرار هذا النقاش في ألمانيا على الأقل خلال الأيام المقبلة، دعت وزيرة من أصول تركية، تدعى سيراب غولر، إلى نقاش بعنوان «أي إسلام ينتمي إلى ألمانيا؟»، وليس ما إذا كان الإسلام ينتمي إليها. وقالت في تصريحات صحافية: «بالطبع هناك بعض الأمور لدى المسلمين التي لا تتماشى مع القانون الألماني، ولكن هذا يتطلب نقاشاً مختلفاً. الإسلام السياسي لا ينتمي إلى ألمانيا، وليس الإسلام الذي هو دين نحو 4 ملايين ونصف المليون شخص يعيشون في هذا البلد».


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
ثقافة وفنون المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة الدكتور سالم بن محمد المالك (صورة من الموقع الرسمي للإيسيسكو)

«الإيسيسكو» تؤكد أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي

أكد المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، الدكتور سالم بن محمد المالك، أن المخطوطات شاهدٌ حيٌّ على أصالة العالم الإسلامي.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
أوروبا رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس يتحدث خلال اجتماع ترشيح الحزب في أوسنابروك ودائرة ميتيلمس في ألاندو بالهاوس (د.ب.أ)

زعيم المعارضة الألمانية يؤيد تدريب أئمة المساجد في ألمانيا

أعرب زعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس عن اعتقاده بأن تدريب الأئمة في «الكليةالإسلامية بألمانيا» أمر معقول.

«الشرق الأوسط» (أوسنابروك (ألمانيا))
المشرق العربي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬ في خطبة الجمعة بأكبر جوامع مدينة دار السلام التنزانية

أمين رابطة العالم الإسلامي يزور تنزانيا

ألقى معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى‬، خطبةَ الجمعة ضمن زيارة لتنزانيا.

«الشرق الأوسط» (دار السلام)
شمال افريقيا شيخ الأزهر خلال كلمته في الاحتفالية التي نظمتها «جامعة العلوم الإسلامية الماليزية» (مشيخة الأزهر)

شيخ الأزهر: مأساة فلسطين «جريمة إبادة جماعية» تجاوزت بشاعتها كل الحدود

لفت شيخ الأزهر إلى أن «ظاهرة جرأة البعض على التكفير والتفسيق وما تسوغه من استباحة للنفوس والأعراض والأموال، هي ظاهرة كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.