سكان الموصل مستاؤون من «الإدارة الجديدة» في المدينة

مجلس محافظة نينوى يتوقع انسحاب «داعش»

أطفال نزحوا مع أسرهم من معارك تلعفر في مخيم بسنجار أمس (إ.ب.أ)
أطفال نزحوا مع أسرهم من معارك تلعفر في مخيم بسنجار أمس (إ.ب.أ)
TT

سكان الموصل مستاؤون من «الإدارة الجديدة» في المدينة

أطفال نزحوا مع أسرهم من معارك تلعفر في مخيم بسنجار أمس (إ.ب.أ)
أطفال نزحوا مع أسرهم من معارك تلعفر في مخيم بسنجار أمس (إ.ب.أ)

تفيد الأنباء الواردة من الموصل بأن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) سحب ما كان سماه «وثيقة المدينة»، بعد أن رأى أن ما ورد فيها شكل صدمة لأهالي المدينة الذين باتوا يشعرون بالحصار داخل بيوتهم، خاصة بعد أن جرى قطع الماء والكهرباء.
وقالت الطبيبة «ميم»، التي تعمل بالموصل، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في الوقت الذي بدت فيه الأيام الأولى طبيعية، حيث لم يلاحظ أحد أن هناك استفزازا من المسلحين، الذين حرص الجميع على أن يطلق عليهم (داعش) إلى الحد الذي فرضوا على من يقول (داعش) عقوبة الجلد، فإنه بدأت ممارسات لا ترضي أهالي الموصل».
وتضيف الطبيبة أن «الأيام الأولى شهدت عودة الكثير من الأهالي الذين نزحوا إلى كردستان عند بدء العملية العسكرية، لكن الآن وبعد قطع الماء والكهرباء وخلو الدوائر من الموظفين وعدم قدرة إدارة المحافظة الجديدة على تمشية الأمور الحياتية للناس، عادت عمليات النزوح، لا سيما مع قرب احتمال شن عملية عسكرية، رغم عدم وجود حشود عسكرية تدلل على ذلك حتى الآن».
بدورهم، عبر مواطنون قدموا مدينة الموصل إلى إقليم كردستان أمس عن استيائهم من تدهور الأوضاع المعيشية في مدينتهم، وأشاروا إلى نقص حاد في الخدمات مع شح كبير في المواد الغذائية.
وقال علاء عبد الله، الموظف في إحدى الدوائر الحكومية، إن «المدينة من الناحية الأمنية تعيش في ظروف هادئة». وأفاد الشاب يونس عمر بأن مسلحي «داعش» في المدينة قلوا. وأضاف: «هناك نقص حاد في الخدمات الرئيسة، فانعدمت الطاقة الكهربائية والمياه، وبدأت شحة كبيرة في المواد الغذائية في الأسواق». وأضاف : «تركنا المدينة بسبب نقص الخدمات والغذاء والخوف من قصف الحكومة».
بدوره، توقع بشار كيكي، رئيس مجلس محافظة نينوى الذي اتخذ من قضاء تلكيف التابع لنينوى مقرا لمجلس المحافظة: «أن ينسحب تنظيم (داعش) من الموصل ويسلم إدارتها إلى الجماعات المسلحة الأخرى في المدينة»، مبينا أن انتشار تنظيم «داعش»، ومنذ البداية، كان قليلا جدا داخل المدينة. وقال كيكي إنه «رغم الهدوء النسبي الذي تعيشه مدينة الموصل حاليا بسبب عدم وجود العمليات العسكرية فيها، فإنها حقيقة تتجه نحو الفوضى لعدم وجود الحكومة والدولة فيها، هناك أزمة في كل القطاعات الخدمية، وعدد ساعات التزويد قل إلى ساعتين في اليوم فقط، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى جانب انقطاع المياه، فأهالي الموصل بدأوا ينزحون إلى مناطق الإقليم». وتابع كيكي: «الحياة متوقفة في الموصل هنا كنقص حاد في الغذاء والدواء، هناك توقف اقتصادي، والدوائر جميعها أصبحت مغلقة، إلى جانب التخوف من المستقبل المجهول».
من جانبها، أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، الأربعاء، استمرار نزوح العوائل من الموصل بسبب تدهور الأوضاع، مبينة أنها اتخذت التدابير كافة اللازمة لمساعدة النازحين بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان. وقال كاثرين روبنسون، مسؤولة العلاقات العامة لمفوضية اللاجئين، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه «كل نصف ساعة ينزح نحو 100 عائلة من الموصل باتجاه إقليم كردستان، هناك 267 خيمة في مخيم خازر أعدت لإيواء النازحين، واتخذنا مع شركائنا في المنظمات الدولية السبل كافة لمساعدة النازحين ومواجهة هذه الكارثة الإنسانية». وأضافت: «نتفقد المخيم يوميا، للوقوف عند حاجة النازحين وتوفير المياه والغذاء والاحتياجات للنازحين في المخيم»، وأكدت روبسون أنه لا يوجد أي تنسيق حالي مع الحكومة العراقية في مجال مساعدة النازحين من الموصل، وهناك تنسيق مع حكومة الإقليم فقط.
وطبقا للأنباء والتسريبات المتداولة، فإن القوات العراقية تعد العدة لاقتحام الموصل بوصفها المفتاح الرئيس لاستعادة زمام المبادرة بيد القوات العسكرية العراقية. وقال الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك إعادة تقييم شاملة للأوضاع التي حصلت خلال الفترة الأخيرة، وإنه طبقا للمعلومات التي حصلت عليها جرت إعادة تنظيم للمؤسسة العسكرية، مما يمهد لحصول تطورات مهمة على هذا الصعيد»، مبينا أن «الموصل تختلف عن الأنبار كثيرا، إذ إنها تمثل ناقوس الخطر الإقليمي والدولي، ومن ثم فإن ما حصل فيها استفز القوى الإقليمية والدولية بعكس ما حصل في الأنبار، الذي كان يحتمل الحلول السياسية»، مؤكدا أن «المعادلة تغيرت اليوم بعد احتلال الموصل، ولذلك فإن الحل فيها ليس سياسيا مثلما جرى تداول حلول سياسية في الأنبار حتى مع استمرار احتلال الفلوجة، ففي الموصل لا يمكن أن يكون الحل إلا عسكريا». وأضاف الشريفي أن «القيادة العسكرية العراقية تعيد الآن ترتيب الأوراق للقيام بعمل وشيك في الموصل مع تأمين الجهد الجوي والغطاء الجوي للعملية من خلال الأميركيين، حيث ينتظر الآن أن يقول الأميركيون كلمتهم في هذا الأمر في القريب العاجل».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.