على إيقاع آلة «الدنقة» الشعبية وتراقص الخيول العربية الأصيلة، احتفل الليبيون باليوم الوطني للزي الشعبي في أنحاء مختلفة من البلاد، في أجواء كرنفالية تضمنت عروضاً فنية، وإلقاء للموشحات الطرابلسية، في ظل حرص الجميع من مختلف المراحل العمرية على ارتداء ملابس تعكس المورث الثقافي والتاريخي للشعب الليبي.
وفي ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس، توافد مئات المواطنين فرادى وجماعات، مساء أول من أمس، للمشاركة في المهرجان الوطني بنسخته الرابعة، وهم يرتدون ملابس زاهية الألوان ما بين المطرزة بمفتول الحرير الخالص والسادة فخيمة المظهر.
ويعكس المهرجان الذي تنظمه جمعية الميعاد للثقافة والفنون، العادات والتقاليد الشعبية، وحرص الليبيين على التمسك بتاريخيهم، وسعيهم نحو تحقيق البهجة، في محاولة للتغلب على مصاعب الحياة اليومية وويلات الاقتتال والانقسام السياسي الذي يضرب البلاد منذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011.
وقال رامي المنصوري رئيس جمعية ميعاد للثقافة والفنون في بنغازي، «يحرص جميع المواطنين على المشاركة في اليوم الوطني للزي الليبي، منذ انطلاق أعماله في عام 2013 تحت رعاية وزارة الإعلام والثقافة التابعة الآن لحكومة الوفاق الوطني». وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «حاولنا إقامة هذا اليوم في المنطقة الشرقية، لكن لم نتمكّن لأسباب أن مدينة بنغازي كانت في فترة حرب وقد جرى إلغاء المهرجان»، مشيراً إلى أن الجاليات الليبية في الخارج تحرص على المشاركة أيضاً في هذا اليوم.
لا يقف التسابق في هذه المناسبة على التزين باللباس الوطني التاريخي، عند سن معينة، فالرّجال يرتدون «البدعية» بسروالها المميز، وهي أشبه بالصديري المطرز عند حوافه بخيوط بارزة داكنة اللون، لكنّه طويل، كما يلتحفون بـ«الجرد»، وهو قريب من العباءة العربية، ويختلف في طريقة ملبسه، وكان يرتديه أمير المجاهدين الراحل عمر المختار، ويعرف في غرب البلاد بـ«الحولي» من منطلق أنّ الشخص يلفه حول جسمه.
وتحضر «الشنة» أو «الشاشية» في هذه المناسبة بقوة، وهي غطاء للرأس يرتديه الرجال والصبيان، ويطلق عليها أيضاً «أكمبوس» و«الطاقية التاجورية» و«الطاقية المصراتية»، حسب المنطقة الجغرافية في البلاد، وتتميز باللون الأحمر الذي يميز المنطقة الشرقية، والأسود في غرب ووسط ليبيا، وغالباً ما يظهر بها رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح في لقاءات بشيوخ وأعيان القبائل.
لا يفوت المرأة الليبية المشاركة في هذا اليوم، بمختلف أزيائها التاريخية، بداية من «الجرد» أو «الفراشية»، حيث لا يرى منها إلّا عينها اليسرى فقط، أو بفساتين وقمصان من الكتان والحرير.
ووسط عروض للخيول العربية وترديد موشحات طرابلسية، تنطلق مسيرة للمشاركين من قوس ماركوس ونقطة التجمع في ميدان الشهداء على وقع «الدنقة»، وهي آلة يعلّقها العازف على كتفه الأيسر، ويعزف عليها باستعمال عصا معقوفة وباليد الأخرى يقرع «الدنقة» بأنامله فينتج إيقاعاً راقصاً.
و«الدنقة» هي تقليد أفريقي قديم، يروج استخدمها في مناطق غرب طرابلس وجنوبها، خصوصاً في جبل نفوسة.
وامتنع جنوب ليبيا عن المشاركة في المهرجان هذا العام، وقال المجلس البلدي في سبها، إنّه نظراً لما تعيشه المدينة من أحداث دامية واشتباكات، «أُجّل الاحتفال بيوم الزي الليبي الوطني إلى يوم آخر على أمل تحسن مجريات الأمور». ومظاهر الاحتفال بمهرجان الزي الوطني لم تتوقف على الفعاليات التي أقيمت في ميدان الشهداء بالعاصمة، فقد لوحظت أيضاً مشاركات واسعة في أكثر من منطقة، من بينها مدارس ليبية عديدة وسط حرص الطلاب على ارتداء الزي الوطني، بجانب ارتداء المواطنين له في مدن وبلدات مختلفة.
اليوم الوطني للزي الليبي... بهجة مؤقتة تقاوم الانقسام السياسي
اليوم الوطني للزي الليبي... بهجة مؤقتة تقاوم الانقسام السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة