الفريق الأممي للتحقيق في الانتهاكات باليمن يبدأ مهمته من عدن

الحكومة تشدد على تقصي جرائم الحوثيين وتعد بتسهيل مهمة الخبراء

رئيس فريق الخبراء الأمميين محمد جندوبي يتحدث خلال مؤتمر صحافي في عدن أمس (سبأ)
رئيس فريق الخبراء الأمميين محمد جندوبي يتحدث خلال مؤتمر صحافي في عدن أمس (سبأ)
TT

الفريق الأممي للتحقيق في الانتهاكات باليمن يبدأ مهمته من عدن

رئيس فريق الخبراء الأمميين محمد جندوبي يتحدث خلال مؤتمر صحافي في عدن أمس (سبأ)
رئيس فريق الخبراء الأمميين محمد جندوبي يتحدث خلال مؤتمر صحافي في عدن أمس (سبأ)

شدّدت الحكومة اليمنية، أمس، على ضرورة تقصي الحقائق حول مختلف الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيات الحوثيين الانقلابية بحق المواطنين، فيما تعهدت بتسهيل مهمة فريق الخبراء الدوليين الذي بدأ مهامه أمس من العاصمة المؤقتة عدن.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أقر في دورته الماضية في سبتمبر (أيلول) الماضي تشكيل فريق دولي للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن من مختلف الأطراف إلى جانب عمل اللجنة الوطنية التي كانت شكلتها الحكومة الشرعية للقيام بالمهمة نفسها. وأعلن المجلس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تسمية أعضاء فريق الخبراء المكلف التحقيق، برئاسة الوزير التونسي السابق محمد جندوبي؛ إذ من المتوقع أن ينجز الفريق تقريره بنهاية السنة الحالية.
ويضم فريق الخبراء الدوليين في عضويته إلى جانب رئيسه جندوبي، كلا من تشارلز جاراوي من المملكة المتحدة وميليسا باركي من أستراليا.
وفي حين استقبل وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية محمد عسكر في العاصمة المؤقتة عدن، أمس، فريق المحققين، فإنه شدّد «على ضرورة تقصي الحقائق والتحقيق في مختلف الجرائم والانتهاكات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي الانقلابية بحق اليمنيين». وتعهد الوزير عسكر بأن «تعمل الحكومة على تسهيل عمل فريق الخبراء الحقوقيين الدوليين وتقديم التسهيلات اللازمة كافة للقيام بمهامهم والاطلاع عن كثب على الانتهاكات التي تمارسها الميليشيات».
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع الوزير عسكر، أكد رئيس فريق الخبراء الحقوقيين الدوليين محمد جندوبي ضرورة إيجاد حل سلمي بين الفرقاء اليمنيين وتوحيد الجهود كافة التي من شأنها وقف الصراع الذي قال إنه أهدر كثيرا من طاقات وإمكانات الدولة اليمنية. وأوضح جندوبي أن فريقه جهة مستقلة دولية ستقوم بزيارة مناطق الصراع المختلفة في اليمن وتقابل جميع الأطراف دون استثناء، وأنها ستقدم رؤية واضحة حول تقصي الحقائق والانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في تقرير نهائي لمجلس حقوق الإنسان في نهاية العام الحالي.
وكان الوزير عسكر ناقش مع أعضاء الفريق قبيل المؤتمر الصحافي سبل دعم الوزارة والقضايا ذات الصلة برصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، إلى جانب عدد من القضايا المتعلقة بالأوضاع المعيشية التي تمر بها المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية. وتطرق النقاش، حسبما أفادت وكالة «سبأ» الرسمية، إلى «كيفية استغلال الأطفال ضمن عملية التجنيد القسري من قبل الميليشيات، والطرق العشوائية في زرع الألغام وما نجم عنها من ضحايا، ومعاناة الأسر المهجرة من قراها ضمن العقوبات الجماعية التي تفرضها الميليشيات ضد كل من يخالف عقائدها ومبادئها الطائفية، إضافة إلى مصير المعتقلين وظروفهم الصحية في السجون». وقال عسكر إن وزارته «ستقدم الدعم اللازم لتسهيل عمل الفرق واللجان الدولية في تقصي الحقائق والجرائم التي ترتكبها الميليشيات ضد اليمنيين والمخالفة للقانون الدولي الإنساني ومواثيق حقوق الإنسان». وأشار إلى أن الانتهاكات الحوثية التي ترصدها اللجنة الوطنية للتحقيق «طالت المرأة والطفل والمعتقلين والمنشآت السكنية والحكومية والممتلكات العامة بطرق غير إنسانية ولا أخلاقية ومخالفة للقوانين الدولية».
كذلك، اجتمع وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، أمس، مع رئيس فريق الخبراء الأمميين، في عدن، وبحث الجانبان قضايا متعلقة بحقوق الإنسان وانعكاسات الحرب التي شنتها ميليشيات الحوثي على الوضع الإنساني. وذكرت وكالة «سبأ» الحكومية أن الميسري استعرض خلال اللقاء «الجرائم التي ارتكبتها الميليشيات الحوثية بحق المدنيين خلال الحرب وتعمدها قصف الأحياء السكنية في المحافظات والمناطق الخاضعة لسيطرتها واستخدامها المواطنين دروعاً بشرية لتجنب غارات الطيران إلى جانب استخدامها الأحياء السكنية لتخزين أسلحتها»، وشدّد على أن الحكومة الشرعية تولي اهتماماً خاصاً بمجال حقوق الإنسان وتدعم كل الجهود الرامية إلى تحقيق ذلك داخلياً وخارجياً. وجدد الميسري التأكيد على عزم الشرعية والتحالف الداعم لها بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة إسقاط الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة، لافتاً إلى أن مراعاة حقوق الإنسان من أهم العوائق التي أخرت حسم المعركة. وأشار الميسري إلى أن «الحكومة الشرعية سعت للسلام وإنهاء الحرب من خلال التنازلات التي قدمتها في جولات المفاوضات ببيل والكويت، وهو ما قابلته الميليشيات بمزيد من التعنت والإصرار على استمرار الحرب تنفيذاً لأجندة إيران دون أي اعتبار لمصالح الشعب اليمني»، مؤكداً أن الحكومة «ستتعاون مع المبعوث الأممي الجديد وستقدم كل الدعم الممكن لتحقيق مهمته».
ومن المتوقع أن يصل الفريق الدولي في وقت لاحق إلى العاصمة صنعاء للقاء قيادات الميليشيات الحوثية، في حين كشفت مصادر مطلعة أن الجماعة أعدت تقارير مضللة تتضمن إحصاءات ووقائع عن انتهاكات لا صحة لحدوثها في محاولة للتأثير على عمل فريق المحققين. وكان «وزير خارجية» حكومة الانقلاب الحوثية أكد في اجتماع أن وزارته أنهت الاستعدادات اللازمة كافة لاستقبال فريق المحققين، بما في ذلك إعداد كمّ ضخم من الوثائق والصور.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.