بعد حضور الكثير من المؤتمرات التقنية حول العالم، حدث ما كنت أنبه الآخرين بتوخي الحذر منه: سُرقت حقيبة ظهري خلال حضوري فعاليات المؤتمر العالمي للاتصالات الجوالة في مدينة برشلونة نهاية فبراير (شباط) الماضي، والتي كانت تحتوي على كومبيوتري المحمول وبطارية محمولة للهاتف الجوال وشاحن الهاتف ووثائق مهمة. وعلى الرغم من سلبية الحدث، فإنه أوجد فرصة لي لتطبيق الأمور النظرية التي كنت أقرأ عنها وتخبرنا بها شركات التقنية فيما يتعلق بتوفير بطارية الهاتف الجوال، حيث بقي لرحلة العودة بضعة أيام، وأستطيع خلال تلك الفترة إما شراء شاحن للهاتف من المتجر المجاور للفندق، أو اختبار العمل على الهاتف بأقل قدر ممكن من استهلاك البطارية دون انقطاع الاتصال بالآخرين أو بالإنترنت. وأذكر لكم ملخص التجربة لعلها تكون ذات فائدة للآخرين أثناء السفر، دون حدوث أي سرقة بإذن الله.
- توفير استهلاك الطاقة
الخطوة الأولى كانت خفض شدة سطوع الشاشة بالكامل، ذلك أنها تستخدم نسبة كبيرة من قدرة البطارية، وخصوصا أن الهاتف الذي أحمله «هواوي مايت 10» يعمل بشاشة كبيرة يبلغ قطرها 5,9 بوصة تدعم عرض الصورة بالدقة الفائقة، وهو يستخدم بطارية بقدرة 4000 ملي أمبير في الساعة. الخطوة الثانية هي تعديل إعدادات الشاشة لتستخدم أقل دقة ممكنة (720x1280 بكسل) عوضا عن أعلاها (1440x2560 بكسل)، الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على كمية استهلاك البطارية. ولم أستطع إيقاف عمل وظيفة الاتصال بالإنترنت عبر شبكات الجيل الرابع، نظراً لحاجتي للتواصل مع الدوائر الرسمية في إسبانيا عبر البريد الإلكتروني لمشاركة تقرير الشرطة، وحاجتي إلى معلومات متعلقة بالكومبيوتر المحمول المسروق سأتحدث عنها بعد قليل، ولكنني استطعت إيقاف عمل ميزة الاتصال بالإنترنت عند عدم الحاجة إليها. كما تستطيع الحصول على المزيد من الطاقة بإيقاف عمل ميزة استشعار ميلان الهاتف في الهواء لتعديل وضعية الصورة (عموديا أو أفقيا Auto Rotate)، وأوقفت كذلك عمل شبكات «بلوتوث».
واستخدمت هاتفا أحمله معي كجهاز احتياطي في حال فقدان الهاتف الرئيسي، ووضعت شريحة ثانية لي به واستخدمت هاتفي الأساسي للاتصال بالإنترنت وإجراء بعض المحادثات المتعلقة بالعمل والآخر للتحدث مع الآخرين، وذلك بعد إيقاف عمل وظيفة التحدث عبر شبكات الجيل الرابع من قائمة الإعدادات في الهاتفين والاستعاضة عنها باستخدام شبكات الجيل الثالث لتوفير استهلاك البطارية. ولو استخدمت شريحتي الاتصال في الهاتف نفسه، لكانت البطارية ستنفد أسرع بسبب أن الهاتف يتصل بشبكة الاتصالات لكل شريحة.
واستخدمت في الهاتف الثاني («إتش تي سي يو 11+» ببطاريته التي تبلغ قدرتها 3930 ملي أمبير في الساعة) نمط توفير البطارية Power Saver لخفض استهلاكه للطاقة، مع وضعه في نمط التوفير الفائق Extreme Power Saving Mode في بعض الأحيان، والذي يوقف عمل غالبية وظائف الهاتف والشاشة الرئيسية، ويستعيض عنها بشاشة بسيطة تعرض القليل من وظائف الهاتف، مثل الاتصال وقراءة وكتابة الرسائل النصية والبريد الإلكتروني والبحث في جدول المواعيد واستخدام الآلة الحاسبة فقط. ولن يستطيع المستخدم تصفح التطبيقات الموجودة في هاتفه إلا بعد الخروج من هذه الشاشة. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من وظائف نظام التشغيل «آندرويد» لا تعمل في هذا النمط، ومنها إيقاف عمل الجهاز عن بعد في حال سرقته، وتحديد موقعه من خلال الكومبيوتر الشخصي أو حذف البيانات الموجودة فيه عن بعد. كما يستخدم الهاتف في هذا النمط سرعات منخفضة جدا للمعالج لخفض استهلاك الطاقة قدر المستطاع.
- وثائق إلكترونية
ولدى الذهاب إلى قسم الشرطة، طلبوا مني مشاركة طراز الكومبيوتر المفقود ورقمه التسلسلي، بالإضافة إلى بيانات متعلقة بالوثائق المفقودة. وكان هذا الأمر سهلا جدا بالنسبة لي، نظرا لأنني أحتفظ بصور من صندوق الكومبيوتر المحمول في خدمات التخزين السحابية الشخصية تحتوي على المعلومات المطلوبة، بالإضافة إلى صور ممسوحة ضوئيا (سكانر) لجميع الوثائق المهمة التي أحملها، والتي سهلت إتمام الإجراءات بشكل كبير. ويمكنك استخدام العديد من خدمات التخزين السحابية لهذا الغرض، ومنها «غوغل درايف» Google Drive و«بوكس» Box و«دروب بوكس» Drop Box و«وان درايف» One Drive و«أمازون درايف» Amazon Drive، وغيرها. وفور حصولي على تقرير الشرطة، طلبت من طاقم الاستقبال في الفندق مسح التقرير ضوئيا وإرسال نسخة إلى بريدي الإلكتروني، وذلك احتياطا في حال فقدان التقرير الورقي أو تلفه في الأجواء الممطرة.
واستطعت استخدام كومبيوتر مكتبي في مركز الأعمال في الفندق للعمل على مرفقات مجموعة «أوفيس» المكتبية بكل راحة من خلال فأرة ولوحة مفاتيح، وتبادل البريد الإلكتروني مع الآخرين. كما استطعت ربط هاتف «مايت 10» بشاشة التلفزيون في الفندق للعمل مساء من خلال وصلة «يو إس بي تايب - سي» تتصل بالهاتف من جهة وبمنفذ «إتش دي إم آي» تتصل بالتلفزيون من الجهة الأخرى، ليتحول الهاتف إلى كومبيوتر مكتبي متكامل يمكن التحكم به من خلال شاشة اللمس لتحريك مؤشر الفأرة على التلفزيون والكتابة على اللوحة الرقمية التي تظهر على الشاشة عند الحاجة. واستخدمت هذه الميزة لنحو 20 دقيقة يوميا لإنهاء المهام الضرورية، والمحافظة على بطارية الهاتف. وعلى الرغم من أنني كنت أستطيع استخدام الهاتف كبديل عن الكومبيوتر المحمول بفضل هذه الطريقة ووصله بمنفذ «يو إس بي» في التلفزيون لشحنه لاحقا، إلا أنني أردت تجربة العيش بأقل قدر ممكن من استخدام الهاتف الجوال للبطارية ومحاولة قضاء الرحلة دون شحنه على الإطلاق.
وخلال مجريات المؤتمر، استخدمت كومبيوترا محمولا لأحد الأصدقاء لكتابة موضوع اليوم الثاني من المؤتمر وإرساله إلى طاقم التحرير في صحيفة «الشرق الأوسط»، ولكن المشكلة التي واجهتها كانت أن الكومبيوتر المحمول لم يدعم الأحرف العربية في أزرار لوحة المفاتيح، ولكنه كان يدعمها في نظام التشغيل، الأمر الذي اضطرني للاعتماد على ذاكرة أصابعي لمواقع الأحرف العربية أثناء الكتابة وحدوث بعض الأخطاء المطبعية ولكنها كانت أقل من التوقعات.
وقبل رحلة العودة بيوم، تصفحت موقع شركة الطيران من هاتفي الجوال وأصدرت بطاقة الصعود إلى الطائرة وطلبت إرسال نسخة رقمية إلى بريدي الإلكتروني، لتنتهي احتياجاتي الرقمية في برشلونة. وبعد مرور 3 أيام على هذه التجربة، وصلت إلى المطار وتواصلت عبر تطبيق «واتساب» مع مجموعة من الإعلاميين المسافرين معي، وتجولنا في سوق المطار وتجمعنا مع الآخرين عند بوابة الإقلاع في الموعد المناسب. ولدى جلوسي في مقعد الطائرة، وصلت هاتفي الرئيسي بمنفذ «يو إس بي» في المقعد أمامي لشحنه ووجدت أن درجة شحنه بعد هذه التجربة انخفضت من 100 في المائة إلى 29 في المائة، الأمر المطمئن، بينما انخفضت شحنة الهاتف الثانوي من 100 في المائة إلى 47 في المائة. واستطعت شحن الهاتفين بالكامل خلال رحلة العودة إلى مدينة جدة، لتنتهي رحلة التقشف الكهربائي وكلي سعادة بفضل إتمام هذه التجربة بنجاح والتركيز على اختيار هواتف بأعلى قدرة ممكنة للبطارية خلال رحلات العمل.
الخطأ الوحيد الذي وقعت به هو عدم وضع شريحة تتبع الموقع الجغرافي في حقيبة الظهر المسروقة من بهو الفندق، والتي كان من الممكن أن توصلني إلى موقع اللص فور معرفتي بفقدانها، ولكن بعد التفكير مليا بهذا الأمر، وجدت بأن هذه الوسيلة لا تكون الأفضل لحقائب الظهر، ذلك أن عثوري على اللص فورا دون وجود أي رجل أمن حولي قد يعرضني إلى محاولة اعتداء جسدي بالسكين أو أي سلاح آخر في حال مفاجأته، والذي سيرمي حقيبتي بعد وصوله إلى منطقة آمنة ووضع محتوياتها في حقيبة أخرى خاصة به. نصيحة أخرى مهمة هي عدم وضع هاتفك الجوال داخل حقيبة ظهرك أثناء السفر، حتى لو كنت ترغب في شحنه بالبطارية المحمولة، ذلك أن العديد من اللصوص يستطيعون قص شريط الحقيبة وسرقتها منك أثناء ترجلك من سيارات الأجرة أو فتح الحقيبة أثناء السير.
كيف تمدد فترة استخدام هاتفك الجوال في الحالات الطارئة؟
رحلة تقشف كهربائي لـ«الشرق الأوسط» في مدينة برشلونة
كيف تمدد فترة استخدام هاتفك الجوال في الحالات الطارئة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة