عودة الإجراءات الأمنية إلى {الضاحية} إثر معلومات عن تهديدات محتملة

مصادر عسكرية أكدت التعامل معها بجدية.. وشائعات حول العثور على أنفاق

جانب من مؤتمر وزاري دولي عقد في روما لدعم لبنان عسكرياً (دالاتي ونهرا)
جانب من مؤتمر وزاري دولي عقد في روما لدعم لبنان عسكرياً (دالاتي ونهرا)
TT

عودة الإجراءات الأمنية إلى {الضاحية} إثر معلومات عن تهديدات محتملة

جانب من مؤتمر وزاري دولي عقد في روما لدعم لبنان عسكرياً (دالاتي ونهرا)
جانب من مؤتمر وزاري دولي عقد في روما لدعم لبنان عسكرياً (دالاتي ونهرا)

شددت الأجهزة الأمنية الرسمية اللبنانية أمس، إجراءاتها على مداخل الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله اللبناني، غداة ورود معلومات عن تهديدات بعمل أمني في المنطقة التي يتمتع فيها حزب الله اللبناني بنفوذ واسع، إذ كثفت من وتيرة التفتيش والتدقيق بهويات العابرين، ما خلّف زحمة كبيرة على مداخل الضاحية.
وشهدت الضاحية إجراءات أمنية مشددة، وأكدت مصادر عسكرية لـ{الشرق الأوسط} تشديد الإجراءات الأمنية بدءا من ليل الاثنين/ الثلاثاء، في المنطقة المحيطة بمستشفى الرسول الأعظم الواقع على طريق مطار بيروت الدولي، على ضوء {معلومات وصلتنا عن إمكانية وجود تهديد أمني}، مشددة على {إننا تعاطينا معها بجدية}، نافية في الوقت نفسه توقيف أي أشخاص مشتبه بضلوعهم في عملية أمنية محتملة. ويأتي تشديد الإجراءات الأمنية، بعد التخفيف منها خلال الشهر الماضي، في ظل مرحلة استقرار أمني شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت منذ مطلع أبريل (نيسان) الماضي. وأكدت المصادر العسكرية أن التهديدات الأمنية في لبنان تضاءلت بالفعل، مشيرة إلى أن هناك استقرارا في البلد، {لكننا في الوقت نفسه نتعاطى مع أي معلومات بجدية، ونواصل التدابير لحماية هذا الاستقرار}.
وبدا أن الإجراءات أمس كانت {استثنائية}، وتزامنت مع شائعات بالعثور على نفق يمتد من مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، الواقع على مدخل الضاحية الغربي، ويمتد إلى مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين الذي يقع على مدخل الضاحية من جهة الشمال. لكن المصادر العسكرية، وضعت تلك المعلومات في إطار {الشائعات}، نافية العثور على أي نفق من هذا النوع. وكانت الأجهزة الرسمية اللبنانية خففت من تدابيرها الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، بدءا من أواخر الشهر الماضي. وعمد اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية إلى إزالة عوائق حديدية ومكعبات إسمنتية وضعت في الشوارع، بعدما شهدت الضاحية مرحلة من الاستقرار، وتقلص التفجيرات التي استهدفتها في السابق. وتعرضت الضاحية، منذ استهدافها بصواريخ في 25 مايو (أيار) 2013، لأكثر من سبعة تفجيرات، كان آخرها تفجيرين انتحاريين وقعا أمام المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت في 19 فبراير (شباط) الماضي، كما عطلت الأجهزة الرسمية اللبنانية عددا من السيارات المفخخة عثر عليها في المنطقة. وتبنت مجموعات متشددة، بينها {كتائب عبد الله عزام} المرتبطة بتنظيم {القاعدة} تلك التفجيرات، قائلة إنها نفذت على خلفية تدخل حزب الله اللبناني في القتال إلى جانب النظام في سوريا.
ومع وصول معلومات عن إمكانية تعرض مستشفى الرسول الأعظم التابع لحزب الله، لتهديد أمني مساء أول من أمس، فعّل الجيش اللبناني تدابيره الأمنية وشدد من إجراءاته، بعد تنفيذ انتشار في المنطقة، في حين قال شهود عيّان إن انتشارا مشابها نفذته عناصر أمنية تابعة لحزب الله في شوارع داخلية بالضاحية. وتواصلت الإجراءات أمس، إذ كثفت حواجز الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام المنتشرة على مداخل الضاحية من وتيرة تفتيش السيارات والتدقيق بهويات العابرين إلى المنطقة. وشوهدت صباحا أرتال من السيارات على طريق المطار تنتظر العبور إلى داخل الضاحية، فيما شهدت مداخل الضاحية الشمالية من جهة الغبيري وجسر المطار، زحمة سير خانقة، بموازاة عمليات التفتيش. وأقفل الخط المؤدي إلى برج البراجنة (المدخل الغربي للضاحية) من جهة طريق المطار بمحاذاة مستشفى الرسول الأعظم، وحوّل السير باتجاه منطقة الرمل العالي.
والى جانب الضاحية الجنوبية لبيروت، تجددت التهديدات الأمنية في لبنان خلال الأسبوع المنصرم على خلفية التطورات الأمنية الإقليمية، بعد هدوء نسبي عمّ المناطق اللبنانية منذ تنفيذ الأجهزة الرسمية اللبنانية خطة أمنية في البقاع (شرق لبنان) وطرابلس (شمال لبنان). وأوقف الجيش اللبناني في جرود بلدة عرسال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، خمسة سوريين الأسبوع الماضي، خلال عملية دعم واسعة في جرود منطقة عرسال، بحثا عن المسلحين والمشبوهين في علاقتهم بنشاطات إرهابية، وأوقفت داخل مخيمات النازحين السوريين شخصا لانتمائه إلى كتائب عبد الله عزام، وآخرين لحيازتهم كاميرات تصوير وأجهزة كومبيوتر وأقراصا مدمجة، تثبت اشتراكهم في تدريبات مع مجموعات إرهابية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».