ارتفاع حصيلة اشتباكات حفتر والمتطرفين في بنغازي وأنباء عن «أسرى»

ليبيا تستعد أمنيا لانتخاب البرلمان الجديد.. وقوات خاصة لحماية محطات الوقود بالعاصمة

ارتفاع حصيلة اشتباكات حفتر والمتطرفين في بنغازي وأنباء عن «أسرى»
TT

ارتفاع حصيلة اشتباكات حفتر والمتطرفين في بنغازي وأنباء عن «أسرى»

ارتفاع حصيلة اشتباكات حفتر والمتطرفين في بنغازي وأنباء عن «أسرى»

عاد الهدوء، أمس، مجددا إلى مدينة بنغازي في شرق ليبيا، بعد ارتفاع حصيلة الاشتباكات العنيفة التي اندلعت على مدى اليومين الماضيين، بين قوات الجيش الوطني، بقيادة اللواء السابق خليفة حفتر، وميليشيات تابعة لجماعات متشددة بالمدينة، بينما بدأت الحكومة الانتقالية في وضع الخطط اللازمة لتأمين الانتخابات البرلمانية المقررة قبل نهاية الشهر الحالي.
وقالت مصادر طبية إن حصيلة الاشتباكات المسلحة التي توقفت أمس في ضواحي بنغازي، قد ارتفع بعد قتال دام يومين بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين قوات حفتر والمتطرفين إلى 12 قتيلا و16 جريحا، في أعنف اشتباكات من نوعها منذ إعلان حفتر عملية «الكرامة» للقضاء على «المجموعات الإرهابية» المتمركزة في شرق البلاد. وعاد التيار الكهربائي للعمل في عدد من الأحياء السكنية بمدينة بنغازي، بعد انقطاع دام أكثر من خمس ساعات، إثر تعرض محطة بنينة للكهرباء وأحد الأبراج لإصابات مباشرة بقذائف عشوائية جراء هذه الاشتباكات.
وشنت قوات حفتر هجوما، أول من أمس، على إسلاميين متشددين في المدينة، مدعومة بدبابات وراجمات صواريخ، واستهدفت عددا من المعسكرات التي يشتبه في أنها تابعة للإسلاميين في مناطق غرب بنغازي، مما أجبر عشرات العائلات على الفرار.
وقال محمد حجازي المتحدث باسم حفتر إن قواته اعتقلت خمسة من زعماء الجماعات المتشددة، بينما قالت مصادر محسوبة على تنظيم أنصار الشريعة إنهم أسروا في المقابل 11 جنديا من القوات التابعة لحفتر.
ورغم أن الثوار «الإسلاميين» لا ينقلون في العادة إلى المستشفيات، ونادرا ما تصدر بيانات بشأن الخسائر في صفوفهم، فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد قادة غرفة عمليات ثوار ليبيا الإسلامية (طالبا حجب ذكر اسمه) أن «قتيلين وعدة جرحى سقطوا خلال غارة جوية لطائرة تابعة لقوات حفتر شنتها على كتيبة راف الله السحاتي في منطقة الهواري».
ويأتي أحدث قتال في ليبيا قبل أقل من أسبوعين على انتخابات برلمانية يأمل المواطنون العاديون أن تضع نهاية للتشاحن السياسي الذي أصاب عملية صنع القرار بالشلل، منذ الانتخابات الأخيرة التي أجريت في صيف 2012. وحذر المتحدث باسم حفتر الإسلاميين من إدخال أسلحة عبر ميناء درنة التجاري شرق بنغازي، حيث ينشط «أنصار الشرعية» الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية، وجماعات متشددة أخرى في درنة، وسط فراغ في السلطة بليبيا.
وتكافح السلطات الليبية لإعادة النظام في أنحاء البلاد قبل الانتخابات البرلمانية المقررة، بينما ما زالت الفوضى تعم الأوضاع في بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، ومهد الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، وأطاحت بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، قبل ثلاثة أعوام.
في غضون ذلك، ناقش أمس رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني مع عماد السائح رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ومسؤولين آخرين، الاستعدادات الجارية لإنجاح الانتخابات البرلمانية التي وصفتها الحكومة في بيان رسمي بـ«العرس الديمقراطي»، الذي ستشهده ليبيا في الـ25 من الشهر الحالي.
وأكد البيان حرص الحكومة على نجاح انتخابات مجلس النواب للمرحلة الانتقالية، ولتمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم في جو من الأمن والطمأنينة، مشيرا إلى أن الاجتماع استعرض أيضا الصعوبات التي تواجه مفوضية الانتخابات في إنجاز مهامها، ومناقشة سبل تدليلها لتأمين العملية الانتخابية، وبما يسهل عملية نقل المواد لمراكز الاقتراع المنتشرة على جميع التراب الليبي وتأمين الاتصالات اللازمة.
وقالت الحكومة إنها كلفت لجنة تضم وكيل وزارة الداخلية المكلف بتسيير مهامها ورئيس الأركان العامة للجيش الليبي بإعداد خطة أمنية متكاملة لتأمين انتخابات مجلس النواب، الذي سيتسلم لاحقا السلطة من المؤتمر الوطني العام (البرلمان).
من جهة أخرى، قالت حكومة الثني إنها ستنشر وحدات من القوات الخاصة لحماية محطات تعبئة الوقود المكتظة بسائقي السيارات الغاضبين في العاصمة طرابلس، بينما تكافح المؤسسة الوطنية للنفط لتأمين إمدادات إضافية. وبحث الثني مع وزير المواصلات ومدير شركة البريقة لتسويق النفط وعدد من مسؤولي الأجهزة الأمنية بمدينة طرابلس الإجراءات التي اتخذت لحل أزمة التزود بالوقود في العاصمة.
وقالت مصادر حكومية إنه جرى خلال الاجتماع الاتفاق على توفير الحماية الكاملة لمحطات التزود بالوقود، وتكليف قوات العمليات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية بالتعاون مع مديرية الأمن بطرابلس بتولي هذه المهمة، كما جرى تكليف شركة البريقة بصيانة ما جرى تخريبه من هذه المحطات وتزويدها بالوقود بانتظام، والإشراف على التشغيل. وشهدت محطات الوقود في طرابلس على مدى نحو أسبوعين صفوفا طويلة من السيارات، امتدت أحيانا لكيلومترات، مما زاد من إحباط الليبيين الذين أرهقتهم الفوضى وأعمال العنف. وقالت المؤسسة الوطنية للنفط إنها تملك ما يكفي من المخزون، ولكن انعدام الأمن حول محطات الوقود يصعب توصيل إمدادات جديدة، بينما يقول السكان إن كميات من الوقود تباع في السوق السوداء.
وفي منطقة قرقارش الراقية كانت شاحنات عليها مدافع مضادة للطائرات تحمي محطتي وقود هناك وتحفظ النظام، وسط الصفوف الطويلة من السائقين المنتظرين. ولا تزال ليبيا تعاني من الاضطرابات الأمنية في الوقت الذي تصارع فيه الحكومة للسيطرة على الميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بالقذافي عام 2011. ولكنها اليوم تتحدى سلطة الدولة.
وتكافح الحكومة للحفاظ على استمرار إنتاج 120 ألف برميل يوميا من محطة تكرير الزاوية، التي توفر إمدادات لمنطقة غرب ليبيا، وذلك بعد أن أغلق محتجون حقل الشرارة الذي يزودها بالنفط الخام، مما أجبر الحكومة على اللجوء إلى حقلين بحريين لتأمين استمرار العمل في محطة الزاوية. ولكن هذا القرار سيقلص أكثر صادرات ليبيا من النفط التي انخفضت إلى أقل من 200 ألف برميل في اليوم، بعد أن كانت 1.4 مليون برميل عند بدء الاحتجاجات في يوليو (تموز) الماضي، مما أدى إلى تآكل الموارد المالية للدولة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».