عوالم المرأة كمحرك أساسي للمخيلة

100 عام على رحيل جوستاف كليمت

جوستاف كليمت - من أعمال الفنان كليمت
جوستاف كليمت - من أعمال الفنان كليمت
TT

عوالم المرأة كمحرك أساسي للمخيلة

جوستاف كليمت - من أعمال الفنان كليمت
جوستاف كليمت - من أعمال الفنان كليمت

بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة الفنان «جوستاف كليمت» الذي يعتبر أبرز فنان تشكيلي مثل «حركة النهضة» الشاملة التي شهدتها مدينة فيينا في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، تقام في عدد كبير من المدن الأوروبية، فعاليات ثقافية فنية، تشمل عروضاً لأعماله وندوات وإصدارات جديدة من الكتب والكالوكات راقية الطباعة لأعماله في الرسم والتخطيط والتصميم. لقد قدمت هذه «حركة النهضة» للعالم مثالاً حياً على نهوض أمة في مرحلة ما بعد الانحطاط ما بين عامي (1880 - 1938) حيث طبعت الثقافة الأوروبية بطابعها المتميز من خلال تعبيرها عن روح العصر. كانت الفئات المثقفة تتسابق لتعكس وبطرق واقعية روح الحياة القومية التي اعتبرت الأكثر شمولاً في الاستجابة العامة بتأثيراتها الكبيرة على الحقب التالية، فالثقافة الجديدة التي ضمت المفاهيم الجديدة عن الحياة والصراعات الناشئة والطبقات الجديدة التي ظهرت في مقدمة التاريخ عكست النظرة العامة الواقعية التي كان يغذيها العلم والاستكشاف والتجارة وكل أشكال الصراع من أجل التخلص من الإقطاعية والملكية، وذلك في إطار الشكل واللغة الخاصين اللذين يتخذهما الفن في كل بلد من بلدان العالم.
هكذا نشأت في مدينة فيينا ثقافة قومية جديدة صاحبت ولادة مدرسة التحليل النفسي والعلوم الحديثة والمعمار الوظيفي، وفلسفة اللغة، وحركة الموسيقى اللانغمية، وانتهت ببروز الحركتين العنصريتين الشقيقتين، وهما النازية مع هتلر والصهيونية مع هرتزل.
عاشت مدينة فيينا في طور عطائها الفني الكبير بملامحها وآفاقها المكتنزة، وهي تفتح قلبها الساحر لتفيض بالإبداعات الإنسانية الراقية، ولتعكس العلاقة الحقيقية بين الفن والحياة الاجتماعية. إنها فترة تفجرت فيها النزعة الحديثة التي استغلت ما كانت تقدمه خامات العمل الفني باعتبارها الأكثر واقعية في تصوير العادات والسلوك وطرق الحياة والأذواق وأنماط الإنتاج، كما شهدت الفترة نشاطات التروستات والاحتكارات في الحياة الاقتصادية وقسم فيها العالم إلى دول غنية ودول فقيرة.
في هذه الأجواء المحتدمة ساهمت البرجوازية وبشكل عميق في تكوين وتوضيح الفكر القومي المناهض للأمة النمساوية، وقد وصف الكاتب النمساوي روبرت موسيل مدينته كحالة معمارية معروفة لا تخضع إلا لشروطها هي، تتفاعل وتتصاعد مع الأحداث والتحولات والانكسارات على النحو التالي: (مدينة بنيت من عدم الانتظام المتعاقب، تساقطت وتقاطعت وتصادمت من الأشياء والاحتمالات والأوساط لتكون نقاطاً من الصمت في الأعماق).
وهكذا نهضت فيينا من جديد على أنقاض إمبراطورية كبيرة نمساوية - هنغارية، لتزدهر فيها حركة ثقافية حضارية فلسفية مهيمنة، مثلت استجابة عامة لتأثيرات الحقب التاريخية السابقة، إلا أن هذا الازدهار حلت عليه لعنة جديدة، وذلك عام 1938 لتنتهي النمسا كدولة مستقلة، لتصبح جزءاً من ألمانيا الكبرى، حيث اختفى اسمها تحت زحف أرتال هتلر.
وفي هذه الأجواء أيضاً بزغ عالم الفنان «كليمت» الذي وقف في بادئ الأمر ضد منهج الانتقائية والأشكال الأكاديمية، فامتاز أسلوبه المزخرف، بالبحث البسيكولوجي - الجنسي، حيث رسمت لنا أعماله الفنية عوالم إنسانية مسحوبة بتدفق إنساني عاطفي فياض، يتصف بالوداعة والعذوبة، أسوة بكثير من زملائه الذين تأثروا بمدرسة التحليل النفسي، كان همهم إيضاح كثير من الغرائز الجنسية التي حللها فرويد في أعماله، وقد برز إلى جانب «كليمت» كل من «موسير» و«كوكوشكا» و«جيرستيل» و«شونبرغ»، وتلميذ «كليمت» البارع «شيله»، كما برزت مجلة «فرساكرم» لتكون المحور الثقافي المهم لتصعيد وتنشيط ودعم أعمال الفنانين والأدباء على اختلاف تجمعاتهم، وخصوصا تجمع «السيسيون» الذي كان «كليمت» ينتمي إليه في بدايات شهرته قبل أن يتحول إلى تجمع جديد حمل اسم «كونسهاد».
بعد سنوات من ذلك ساهم «كليمت» مع المعماري الشهير «هوفمان» والمصمم الصناعي «كولوموسير» بتأسيس تجمع «الشغل الفييني». كانت الفكرة الأساسية لهذا التجمع ترتكز على تجديد العمل الفني من خلال ربطه بالعمل المهني الذي يمكن تطبيقه على جميع المواد المستعملة في الحياة اليومية من أجل كسر الهوة بين الفن والمهنة، ثم تطور هذا التجمع فيما بعد إلى المدرسة الشهيرة التي ارتكزت على إبراز هذا التيار وتعميمه، مدرسة الباوهاوس التي أسسها «والتر غروبيوس» عام 1919 عن أهداف حركة «دوستيل» في هولندا أو المدرسة «البنائية» في روسيا، إذ تؤكد هذه التيارات على أن العمل الفني التزييني المرتبط بالبناء هو وليد للنشاط المشترك للرسامين والنحاتين والمعماريين، ويعتبر المهمة الأرفع شأناً في الفنون التشكيلية.
تعتبر أعمال الفنان «كليمت» عن تمثلٍ واعٍ للمرحلة التاريخية التي عاشها وأدرك قوانين تطورها، كما أدرك ومنذ وقت مبكر سر صنعته، فصارت له لغته الأسلوبية الخاصة المتسمة بأقصى حدود العذوبة.
لقد شحن هذا الفنان المبدع لوحاته بكامل الطاقة المتوهجة في داخله، مدركاً أن اللوحة تشكيل يمتزج به الداخل بالخارج، بأربطة عضوية حرة، وحريتها تأتي من استيعاب التكوينات بالبنائية الموجودة في الوسط، وما يحمله التراث الفني من عطاءات كبيرة. وبالفعل فقد استفاد «كليمت» من التراث الفني البيزنطي في مدينة «رافينا» الإيطالية التي كانت في فترة من الفترات عاصمة الإمبراطورية الرومانية، كما تأثر بفنون الشرق الأقصى، وخصوصا أعمال الفنانين اليابانيين، وبالذات أتباع مدرسة «أوكييوه»، وهي المدرسة التي غذت مخيلة الكثير من الفنانين الغربيين لاتفاقها مع إحساساتهم بالصيرورة التأريخية، تجلى التأثير الشرقي في بادئ الأمر في كثير من المحاولات التي قام بها «كليمت» الاهتمام بالسطح أكثر عمقاً، سواء في الأسلوب (مفردات الشكل) أو في الرؤية الفنية لكتلة الجسد، كما أن «كليمت» تأثر باستعمالات الرقش الخطي العربي الإسلامي لتحديد المساحات اللونية المسطحة، التي تخلى من خلالها عن المنظور ثلاثي الأبعاد، فاكتسبت لوحاته على ضوء تلك التأثيرات، صياغة جديدة للألوان ولتركيب الشكل، وعملية بنائه، كما نجح في أغلب محاولاته في صناعة تقنية لونية بنائية اعتبرت بمثابة قوة أساسية للتعبير.
لقد ظلت المرأة هي المحسوس الأساسي الذي يأخذ هذا الفنان إلى علاقات مع كل الأشياء الأخرى فجمال المرأة هو جمال الصورة والفكر، وهي الحسية الكلية أو الجزئية في وجود الأشياء والإنسان. وعى «كليمت» جيداً ما يحيط به، فاتبع أسلوبا تقنيا له طابع إنساني يعتمد على التماذج المتكافئ ما بين الشكل والمضمون، وتبدو أعماله وكأنها تمثيل سحري ملغز يحمل علاقة عميقة بسمات الأدب الذي شاع في تلك الفترة، حاملاً تأثيرات مدرسة التحليل النفسي والاكتشافات السريرية للوعي الإنساني، عبر تركيزه على الأقوى والأغنى في الشعور. وبعبارة أخرى فإن أعمال «كليمت» الجذابة، أشبه ما تكون برحلات جميلة في تحليل ذات المرأة في مراحل وجودها وتخفيها المتتابع.
إن فن «كليمت» الذي اعتمد عوالم المرأة كمحرك أساسي لمخيلته، تمثل حسب رأي كثير من النقاد المعاصرين، في الوقفات الشعرية الرومانسية المهتمة بالشكل بصورة انتقائية، وتعتبر هذه الأعمال حتى يومنا الحاضر من أبرز العوامل التي عززت الاتجاه التشكيلي المعروف بالليبرتي أي (الاتجاه الحر). تعزز هذا الاتجاه الفني في الفنون التشكيلية بصورة عامة مع مدرسة فيينا وأبرز مظاهر التجديد فيه، اعتماده على التنوع في التأليف وإعطاء وقع لوني لمجمل سطح اللوحة بصورة متجانسة، تتسطح بخطوط منحنية، تتحرك باستمرار من خلال مساحات متداخلة.
لقد غدت لوحاته سطوحاً مزركشة، ومفتوحة، ومتدفقة، حيث استخدم كل ما من شأنه أن يعلي من شأن النزعة الشكلية، من تقنيات أو استغلال بارع للأدوات والخامات، وجعلته نزعته العاطفية الجياشة ينأى عن أحداث عصره وما شهده من أحداث متعاقبة لم يقترب من تلك المعارك الداخلية التي انغمس في أتونها كثير من الفنانين والأدباء، بل اقترب من عوالمه الخاصة بمثالية، صاغ أجزاءها حسب أسلوبه الحياتي، وما تمليه عليه أحاسيسه وتخيلاته، فكانت لغته الفنية تصدر عن وعيه هذا.



اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».