بين الغرب والشرق صدام حضارات. فرضية شائعة في ظل واقع العالم الحديث. لكن عرض «قصص من أرابيا» تحدى تلك الفرضية. فوسط حضور طغى عليه التنوع بجميع أشكاله، طلت تصاميم من أعمال 8 مبدعين عرب ضمن فعاليات أسبوع لندن للأزياء. 10 أعمال متميزة وعصرية من كل مصمم زينت منصة العرض ومزجت ما بين الحضارة العربية والرونق الأجنبي، مؤكدة تكاملا وانسجاما بينهما. بعض المصممين اختاروا مزج التطريز العراقي أو الفلكلور العماني أو التراث المغربي مع التصاميم الغربية. كما اختار البعض الآخر تحديث مفهوم العباءة بإضافة تصاميم مختلفة وألوان صارخة.
يأتي «قصص من أرابيا» (العالم العربي) بعد نجاح عرض «قصص من المغرب» العام الماضي، قررت منظمته جليلة المستوكي أن توفر حيزا أوسع للحضور العربي في أسبوع لندن للأزياء يشمل المزيد من الدول تحفيزا لتنوع المنطقة. «هذا العرض لا يركز على القفطان المغربي فقط، بل يكشف النقاب عن تصاميم تمزج ما بين تراث الدول العربية والرونق الغربي العصري»، تؤكد المستوكي في حديث لـ«الشرق الأوسط» قبيل سويعات على بدء العرض. وأضافت: «اخترنا أن يحل العرض ضمن فعاليات أسبوع لندن للموضة لبعث رسالة ثقافية وإنسانية تبرز الطاقات الإبداعية في العالم العربي، خصوصا النسائية منها، رغم التوترات الأمنية والسياسية».
تبدلت ملامح حضور الصفوف الأولى خلال العرض بين تمعن فضولي للمجموعات الجريئة إلى انبهار بالطاقات التصميمية العربية. استطاعت تصاميم «فيلفيت عباية» تبديد المعتقد السائد أن العباءة العربية سوداء وبسيطة. عشرة تصاميم متنوعة لعباءات عصرية بأقمشة كالمخمل والتافتا لم يغب عنها التطريز الخليجي. بعد التصاميم كان أقرب للكيمونو الياباني لكن جمعيها احتفظ بالهوية الكويتية، حيث إن «فيلفيت عباية» أسسته ثلاث شقيقات كويتيات عام 2005 بهدف تصميم عباءات تتناسب مع الموضة العصرية.
من المغرب قدمت غيثة لحرايشي تصاميم يدوية الصنع، يلتقي فيها سحر القفطان بعملية «الجامب سوت» بتطريز مغربي وألوان جريئة. واستطاعت لحرايشي تحويل الزي التراثي إلى تصميمات عصرية للمرأة العاملة المستقلة.
من الخليج قدم العُماني أحمد البلوشي مؤسس دار أزياء «كشخة فل» مجموعة طغى عليها الأسود والأبيض والأحمر، قال إنها مستوحاة من شخصية امرأة ترتدي الأسود دوما ليس حزنا أو حدادا، بل تأكيدا على قوتها. معظم القطع طغى عليها الطابع الأوروبي لكن انسدالات الأقمشة وانسيابها ذكر الحضور بشواطئ مسقط.
من جهتها، تصحبنا المصممة العراقية رغدة التبوني إلى بلاد الرافدين من خلال مجموعة كلاسيكية من خط ملابسها «زنوبيا» يمزج بين عراقة وتاريخ حضارة المنطقة وعصرية الغرب. تقول: «أستلهم تصاميمي من ملكة تدمر (زنوبيا) الذكية والمثقفة التي قادت شعبها إلى تقدم ونجاحات، لهذا أهدف منها أن تبعث القوة والثقة في كل امرأة ترتديها». وبالفعل عكست التصاميم جماليات مزج التطريز الفلاحي مع الطراز الغربي، إن كان على القمصان أو الفساتين أو التنورات الملائمة للارتداء في النهار والليل.
محطتان مغربيتان تلتا. واحدة كلاسيكية وأخرى عصرية. «رافينيتي» التي تحمل بصمة الشقيقتين مريم وليلى الحجوجي تضمنت تطريزا محترفا ودقيقا على أقمشة مترفة غلب عليها المخمل. ولأن دار «رافينيتي» تصمم الجواهر أيضا، كان من الطبيعي أن يتضمن العرض مجموعة «مشكوكة» وإكسسوارات جريئة تماوجت مع أزياء بألوان دافئة وأخرى باستيلية. أما العرض الثاني فكان بنكهة عصرية للمصممة ليلى عزيز يمزج ما بين التراث المغربي والثقافات الأخرى. فرونق القفطان وتطريزاته لم يغب تماما حيث ظهرت ملامحه في تصاميم غربية، مثل الياقة البيضاء العالية لبعض التصاميم التي ذكرت بالعهد الفيكتوري في بريطانيا.
وتعود بنا المصممة السعودية ميسون الشامي بمجموعتها إلى الخليج. فدار «ميسون» تحرص على تقديم عباءات ولباس محتشم بنكهة عصرية تتماشى مع التطور الذي تشهده المنطقة. من هذا المنظور استمتع الحضور بلقاء التطريز السعودي والعباءة التقليدية مع بنطلونات الجينز والقمصان الغربية.
ختمت الأمسية المصممة المغربية بسمة بوسيل بمجموعة قد تكون الأكثر جرأة. فيها التقى التراث المغربي بحيوية لوس أنجليس الأميركية، وهو ما علقت عليه بوسيل بقولها إنها استلهمتها من ذكرى رحلة قامت بها إلى لوس أنجليس لحضور عرض مايكل جاكسون. وتضيف: «بعد الحفل اشتريت كتابه ومن وحي نمط ملابسه ولدت مجموعتي التي دمجت فيها أيضا الطابع المغربي للتعبير عن هويتي». ترجمت بوسيل كل هذا بلوني الأسود والأبيض وقصات جمعت جُرأة ملك البوب بعراقة التطريز المغربي وأناقته.
«قصص من أرابيا»... حفل نسج فيه 8 مبدعين تصاميم غربية بخيوط عربية
«قصص من أرابيا»... حفل نسج فيه 8 مبدعين تصاميم غربية بخيوط عربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة