تُطبِّق البنوك الخليجية بشكل منتظم العديد من أفضل الممارسات والأنظمة الدولية عندما تُصبح نافذة، لكن الحكومات في منطقة الخليج تستغرق وقتاً لتطبيق أنظمة تصفية البنوك عندما تتعثر، وفقاً لتقرير صدر أمس عن وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني.
وأكدت الوكالة أنه لمواجهة الأزمة المالية العالمية التي تطلَّبت اتخاذ إجراءات عاجلة واستثنائية، وافق وزراء ماليّة مجموعة الدول السبع على اتخاذ إجراءات حاسمة، باستخدام جميع الوسائل المتاحة لدعم بعض المؤسسات المالية الهامة بالنسبة للنظام المصرفي لهذه الدول والحيلولة دون انهيارها. وكجزء من الإصلاحات التي قامت بها هذه الدول بعد الأزمة المالية العالمية، وبهدف تقليص الحاجة لتدخّل الحكومات والتكاليف ذات الصلة، قامت الجهات التنظيمية بإدخال تحسينات على منهجيات الرقابة والإشراف المعمول بها في هذه الدول، وتجديد عمليات الفحص في الموقع. ورغم أن دول مجلس التعاون الخليجي قامت باتخاذ العديد من هذه الخطوات، إلا أنها لا تزال بعيدة عن تطبيق أنظمة تصفية البنوك في كل من البنوك التقليدية والإسلامية.
ويضيف التقرير: «لم تحقق أي دولة من دول مجلس التعاون الخليجي الست أي تقدِّمٍ ملموسٍ في تطبيق أنظمة استعادة الجدارة الائتمانية وأنظمة تصفية البنوك».
وبحسب الوكالة، فإنه يتطلب تطبيق تلك الأنظمة تغييراً عميقاً في طريقة تفكير ونهج الحكومات في دعم أنظمتها المصرفية، علماً بأن الحكومات الخليجية لا تتردد، ليس بصفتها مساهمة في القطاع المصرفي فقط، بل وبهدف حماية الاستقرار المالي لأنظمتها المصرفية والمالية أيضاً، في التدخل بقوة لإنقاذ البنوك.
يذكر أن الهدف الرئيسي من التخطيط لاستعادة الجدارة الائتمانية هو تمكين البنوك من استعادة جدارتها الائتمانية من خلال القيام بإجراءات محددة قبل أن تضطر لطلب الإنقاذ من السلطات المعنية. ولاستعادة الجدارة الائتمانية عادة ما يتمُّ إعادة الرسملة، أو من خلال إعادة الهيكلة، كبيع الأصول. فيما يأخذ التخطيط لنظام التصفية في الاعتبار التداعيات التي من الممكن حدوثها في حال إخفاق البنك في استعادة جدارته الائتمانية - هذا في حال فشل البنوك في الاستمرار. وفي هذه المرحلة تقوم الجهات التنظيمية بتحديد أفضل نهجٍ لاستقرار المؤسسة وكيفية تجنّب نقل العدوى إلى الأجزاء الأخرى من النظام المالي، وفي الوقت نفسه تقليص الأقسام غير القابلة للاستمرار في المؤسسة.
وتلجأ الجهات التنظيمية إلى استخدام صلاحياتها لإجبار البنوك على معالجة أي عوائق تَحولُ دون التوصل إلى إجراء تصفية فعالة، كإلزام البنوك بتعزيز هوامش الإنقاذ لتسهيل إعادة الرسملة والتغييرات التنظيمية.
وتتطلب أنظمة تصفية البنوك ما يلي:
أولاً، هيئة التصفية وصلاحياتها: وهي الجهة أو الجهات الإدارية التي تقوم بالإشراف على العملية. وسيكون لدى هذه الجهة الإشرافية الصلاحية في إقالة الإدارة العليا من المؤسسة المتعثرة، وتعيين مدير منتدب، وإدارة العمليات، وتنفيذ قرار التصفية، وستقوم في الوقت نفسه بتحويل الأصول والالتزامات إلى الجهة القادرة على التسديد. وسيأخذ المشرفون بالنيابة خطة قرار التصفية بعين الاعتبار دون أن يكونوا مُلزمين بها.
ثانياً، التخطيط لاستعادة الجدارة الائتمانية وقرار التصفية: وهي استراتيجية تزود الشركات المُعرَّضة لخطر التعثر بالعديد من الخيارات لاستعادة جدارتها الائتمانية في سيناريوهات نقص رأس المال، أو تعرّض السيولة للضّغط. وتقوم الجهات التنظيمية أيضاً بتحديد متطلبات الحد الأدنى لإجمالي القدرة على استيعاب الخسارة، استناداً إلى افتراضات متحفظة للخسائر قبل قرار التصفية وبعد إعادة تقييم الأصول، لتكونَ كافية لإعادة رسملة المؤسسة المتعثرة وضمان استمرار العمليات الهامة.
وفي ظل غياب تلك الأنظمة، اعتبر المستثمرون لفترة طويلة أن الدعم الحكومي شكّلَ عاملَ استقرارٍ للجدارة الائتمانية للبنوك، نظراً لقوة الميزانيات العمومية لبعض حكومات دول مجلس التعاون الخليجي.
وكانت وكالة «إس آند بي غلوبال للتصنيفات الائتمانية» قامت بنشر «منهج وافتراضات تصنيف البنوك: الاستيعاب الإضافي للخسائر»، للأخذ بعين الاعتبار التغييرات في اللوائح التنظيمية العالمية والدعم الاستثنائي المُحتمل من خلال التطبيق الفعّال لأنظمة تصفية البنوك، التي من الممكن أن تستفيد منها الديون الأوليّة في حال تعثر البنك. وبموجب منهج القدرة الإضافية على استيعاب الخسارة، فإن الوكالة تقيِّم الآتي:
- استناداً إلى الخصائص التشريعية والتنظيمية، في حال ساهمت القدرة الإضافية على استيعاب الخسارة في خفض مخاطر التعثر على مستوى الالتزامات الأولية غير المضمونة لدى البنك، مما يدعم للتصنيف الائتماني للمُصدْر.
- خصائص الأدوات المؤهلة لأن تُدرج ضمن القدرة الإضافية على استيعاب الخسارة.
- جودة وكم القدرة الإضافية على استيعاب الخسارة كنسبة من الأصول المرجحة بالمخاطر، التي ستدعم التصنيف الائتماني للبنك أكثر من التصنيف الائتماني من دون دعم.
- التفاعل بين الدعم القائم على القدرة الإضافية على استيعاب الخسارة والأشكال الأخرى من التدخلات الخارجية الإيجابية والسلبية، بما في ذلك الدعم الحكومي، والدعم من المجموعة، والضمانات، والدعم الإضافي قصير الأجل، وغيرها من أشكال الدعم الخارجي.
وعلى وجه العموم، عندما تنتقل دولة إلى تطبيق نظامٍ فعّال لاستعادة الجدارة الائتمانية والتصفية، تقوم الوكالة بمراجعة تقييمها لتوجه هذه الدولة لدعم نظامها المصرفي وإعادة تقييم الآثار الناتجة على الجودة الائتمانية للبنوك. وهناك احتمالان واردان في هذه المرحلة:
- أولهما، أن نقاط الدعم من القدرة الإضافية على استيعاب الخسارة تحل محل الدعم الحكومي جزئياً أو بالكامل، لتعكس الحماية الإضافية التي توفرها هذه الأدوات للديون الأوليّة.
- الثاني، وفي حال كانت هناك نقاط دعم من القُدرة الإضافية على استيعاب الخسارة والدعم الحكومي، فإن الوكالة تقوم بأخذ نقاط الدعم الأعلى بعين الاعتبار في تصنيفها الائتماني للمُصْدر.
«ستاندرد آند بورز»: أسس استعادة الجدارة أبرز تحديات البنوك الخليجية
أشارت إلى ضرورة تسريع تطبيق أنظمة الحماية من التعثر والتصفية
«ستاندرد آند بورز»: أسس استعادة الجدارة أبرز تحديات البنوك الخليجية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة