سجل التضخم الشهري في مصر في مطلع هذا العام انكماشا للشهر الثاني على التوالي، ليعكس هدوء وتيرة زيادة الأسعار بعد عام من الضغوط التضخمية، فيما تراجع التضخم السنوي خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى مستويات ما قبل تعويم العملة الذي كان المحرك الرئيسي لقوى التضخم على مدار الأشهر الماضية.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس إن التضخم الشهري في يناير تراجع بشكل طفيف بنسبة 0.2 في المائة، وذلك للشهر الثاني على التوالي، مدفوعا بانخفاض أسعار الخضراوات بنسبة 3.3 في المائة.
لكن بنودا غذائية أخرى شهدت ارتفاعا في يناير، مثل مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 1.2 في المائة، والفاكهة بنسبة 2 في المائة، وفقا لبيانات الجهاز.
وشهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، صباح أمس، افتتاح مشروع المائة ألف فدان من الزراعات المحمية، والذي يتوقع أن يساهم في زيادة المعروض من الخضراوات والحد من زيادة الأسعار. وبحسب وكالة الأنباء الرسمية للبلاد، فإن المائة ألف فدان من الزراعات المحمية يعادل إنتاجها مليون فدان من الزراعات التقليدية، وسيكون المشروع عند اكتماله أكبر مشروع للصوب الزراعية في الشرق الأوسط.
وعانت مصر من ضغوط تضخمية مستمرة منذ الربع الأخير في 2016 مع تزامن تعويم العملة والتوسع في ضريبة القيمة المضافة، بجانب التحرير التدريجي لبنود دعم الطاقة.
وتسببت تلك الإجراءات مجتمعة في قيادة معدلات التضخم السنوية لأعلى معدلاتها منذ الثمانينات، وذلك في بداية 2017، ليتجاوز المؤشر مستوى 30 في المائة في فبراير (شباط) 2017.
لكن المؤشر بدأ العام الحالي بوتيرة أكثر هدوء، حيث سجل 17 في المائة في يناير على أساس سنوي، وهو أقل تضخم منذ إجراءات التعويم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، حيث كان التضخم في أكتوبر (تشرين الأول) السابق على التعويم 14 في المائة، ثم ارتفع في شهر التعويم إلى 20.2 في المائة.
ويعبر مؤشر التضخم عن النمو في الرقم العام لأسعار المستهلكين، لذا تعكس المقارنة السنوية للمؤشر بعد مرور أكثر من عام على التعويم معدلات تضخم أقل لاعتبارات محاسبية بالأساس. كما ساهمت السياسات النقدية في مصر في امتصاص الضغوط التضخمية، حيث رفع البنك المركزي أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بشكل تدريجي بـ700 نقطة أساس، ويترقب مجتمع الأعمال هدوء وتيرة التضخم حتى يخفض المركزي مجددا أسعار الفائدة.
وقالت وكالة بلومبرغ أول من أمس إن البنك المركزي المصري يخطط للبدء في تيسير للسياسات النقدية قريبا عند اطمئنانه لتراجع الضغوط التضخمية. ونقلت الوكالة عن محافظ المركزي المصري طارق عامر قوله: «نريد أن نتأكد أن التضخم تحت السيطرة قبل البدء في التحرك حتى لا نضطر للتراجع». وأعلن صندوق النقد الدولي، الذي أبرمت البلاد معه اتفاق قرض بقيمة 12 مليار دولار، خلال الشهر الماضي أن نظرته المستقبلية للاقتصاد المصري «إيجابية» بعد استكماله المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح في البلاد، وتوقع أن ينخفض التضخم السنوي إلى نحو 12 في المائة بحلول يونيو (حزيران) المقبل، وأقل من عشرة في المائة في 2019. ومن أبرز الضغوط التضخمية المتوقعة خلال العام الحالي قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقود والكهرباء ضمن خطتها للاقتراب بأسعار بنود الطاقة تدريجيا من التكلفة الحقيقية، والتي بدأتها في العام المالي 2014 - 2015.
وقال وزير البترول المصري، طارق الملا، أمس لوكالة «رويترز»، إن تكلفة دعم المواد البترولية في البلاد قفزت نحو 34 في المائة إلى نحو 51 مليار جنيه (2.90 مليار دولار) خلال النصف الأول من السنة المالية 2017 - 2018 التي بدأت في الأول من يوليو (تموز) الماضي، مقارنة مع الفترة ذاتها قبل عام. وبلغ دعم الوقود 38 مليار جنيه في النصف الأول من السنة المالية السابقة 2016 - 2017.
وأوضح الوزير أنه على الرغم من تلك الزيادة، «لكننا ما زلنا أقل من المخصص لدعم المواد البترولية بمشروع الموازنة العامة للدولة للنصف الأول بنحو أربعة مليارات جنيه».
ورفعت مصر أسعار المواد البترولية مرتين في فترة زمنية لا تتجاوز ثمانية أشهر، كان آخرهما في يونيو الماضي. ويبلغ الدعم المقدر للمواد البترولية في ميزانية 2017 - 2018 نحو 110 مليارات جنيه.
ويتوقع صندوق النقد من مصر أن تخفض فاتورة دعم المواد البترولية خلال الأعوام المالية 2019 و2020 إلى 48.4 مليار جنيه و30 مليار جنيه، وهو ما يفرض على البلاد السير بوتيرة سريعة في زيادة أسعار بنود الطاقة، خاصة وأن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط يزيد من الفجوة بين السعر المحلي والتكلفة الحقيقية للطاقة.
التضخم السنوي في مصر يتراجع لمستويات ما قبل التعويم
المؤشر الشهري يسجل الانكماش الثاني على التوالي
التضخم السنوي في مصر يتراجع لمستويات ما قبل التعويم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة