اليزمي يعرض تقريرا أمام البرلمان المغربي حول الوضع الحقوقي في البلاد

بموازاة مع تحرك الحكومة للرد على انتقادات تقارير دولية

إدريس اليزمي
إدريس اليزمي
TT

اليزمي يعرض تقريرا أمام البرلمان المغربي حول الوضع الحقوقي في البلاد

إدريس اليزمي
إدريس اليزمي

يقدم إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، الاثنين المقبل، وللمرة الأولى تقريرا أمام البرلمان بغرفتيه (النواب والمستشارين)، يتناول الوضع الحقوقي في البلاد، وما أنجزه المجلس في هذا المجال.
ويعد اليزمي، ثاني مسؤول عن مؤسسة من مؤسسات الحكامة التي تتمتع باستقلالية عن الحكومة، يقدم تقريرا أمام البرلمان بعد إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات (أعلى هيئة للرقابة على المال العام) الذي عرض تقريرا للمجلس في 21 مايو (أيار) الماضي.
ويحضر اليزمي إلى البرلمان في ظل ضغوط كبيرة تمارسها مؤسسات أممية ومنظمات دولية على المغرب، من أجل بذل مزيد من الجهود للارتقاء بالوضع الحقوقي في البلاد، وأبرزها قضايا التعذيب التي أثارها أخيرا تقرير «العفو الدولية» والمفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان.
وتحركت الحكومة المغربية بشكل غير مسبوق للتحقيق في ادعاءات التعذيب، ردا على تلك التقارير، إذ شرعت في التحري بشأن عدد من الحالات التي تناولتها تلك التقارير أو تلك التي انتشرت عبر وسائل الإعلام، وعممت نتائجها، حيث ثبت أن حالتين من هذه الحالات كانت مجرد ادعاءات كاذبة، وتعهدت وزارة العدل، في بيان أصدرته الثلاثاء الماضي، أن تقوم النيابة العامة بإجراء الأبحاث والتحريات الضرورية للوقوف على حقيقة كل ادعاء بالتعذيب، أو غيره من ضروب المعاملة القاسية، وأنها ستتعامل طبقا للقوانين في حق كل من ثبت تورطه أو مشاركته في ارتكاب التعذيب، أو أي ممارسة غير إنسانية، ومتابعة أصحاب الادعاءات الكاذبة أيضا.
كما تعهدت باطلاع الرأي العام على نتائج الأبحاث والتحريات بشأن مختلف القضايا المتعلقة بهذا الموضوع.
وكانت نافي بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، التي زارت المغرب نهاية مايو الماضي بدعوة من العاهل المغربي الملك محمد السادس، قد طالبت الحكومة المغربية، بفتح تحقيقات فورية، ومن دون استثناء، بشأن حالات التعذيب المسجلة.
وقالت المسؤولة الأممية، إن متابعة المسؤولين عن ممارسة التعذيب ومعاقبتهم إجراء كفيل للتأكيد أن المغرب قطع بالفعل مع هذه السلوكيات، كما حثت الحكومة على تسريع وتيرة تنفيذ الإصلاحات المتعلقة بمجال تعزيز حقوق الإنسان، والتسريع في اعتماد الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان.
وكانت الحكومة المغربية قد شرعت للمرة الأولى في دراسة مشروع خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان (2014 - 2017)، خلال انعقاد المجلس الحكومي في 22 مايو الماضي، وأرجأت المصادقة عليها، وأعدت هذه الخطة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان قبل عامين، ثم جرى تحيينها بعد إقرار الدستور الجديد.
ويشتمل مشروع الخطة على أربعة محاور تتعلق بالحكامة والديمقراطية، حيث جرى وضع تدابير تخص تعزيز المشاركة السياسية، والنهوض بدور المؤسسات المنتخبة، وتدابير أخرى لتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، إضافة إلى إجراءات تهدف إلى ترشيد وتعزيز الحكامة الترابية، والحكامة الأمنية.
وأهم ما تضمنته الخطة في مجال الحكامة الأمنية تأكيد تعزيز الضمانات المؤسساتية لحماية المواطنين، وتكريس مبدأ التوازن ما بين متطلبات حفظ الأمن والنظام العام واحترام حقوق الإنسان، وتفعيل دور النيابة العامة في مجال تقصي الحقائق، وجرد كل أماكن الاعتقال والحراسة النظرية والانتظام في مراقبتها، ووضع قوانين تضبط وتقنن إجراءات الحقوق المرتبطة بالوصول إلى المعلومات الأمنية، مع ضبط سريتها وتحديد درجتها وطرق رفعها وفق المعايير الدولية. أما المحور الثاني للخطة فخصص للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
ونص المحور الثالث على حماية الحقوق الفئوية والنهوض بها، وتشمل حماية وتعزيز حقوق الطفل، والأشخاص في وضعية إعاقة والأشخاص المسنين، وضمان حماية حقوق المهاجرين واللاجئين، في حين خصص المحور الرابع للإطار القانوني والمؤسساتي، إذ وضعت توصيات تخص تعزيز الحماية القانونية لحقوق الإنسان، وكذا تدابير لتعزيز الحماية القانونية لحقوق النساء، وحماية الحق في حرية التعبير وفي الإعلام، إضافة إلى تدابير لتعزيز وحماية الحق في التجمع والتظاهر.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».