القبارصة يجدّدون لرئيسهم... وإعادة توحيد الجزيرة أهم تحدٍ

الاقتصاد طغى على الحملة الانتخابية... و26 % قاطعوا الجولة الحاسمة

أناستاسياديس يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في مدينة ليماسول الساحلية أمس (إ.ب.أ)
أناستاسياديس يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في مدينة ليماسول الساحلية أمس (إ.ب.أ)
TT

القبارصة يجدّدون لرئيسهم... وإعادة توحيد الجزيرة أهم تحدٍ

أناستاسياديس يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في مدينة ليماسول الساحلية أمس (إ.ب.أ)
أناستاسياديس يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في مدينة ليماسول الساحلية أمس (إ.ب.أ)

أسفرت الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة في قبرص أمس عن فوز الرئيس نيكوس أناستاسياديس، فيما يُجمع المحللون على أن عملية إعادة توحيد الجزيرة المقسمة والاقتصاد، سيكونان من أبرز التحديات التي تواجه الرئيس خلال فترته الثاني التي تمتد لخمس سنوات أخرى.
وحاز أناستاسياديس 55.99 في المائة من الأصوات مقابل 44 في المائة لمنافسه اليساري ستافروس مالاس، فيما بلغت نسبة مقاطعة الجولة الحاسمة 26.03 في المائة.
وكانت الدورة الأولى التي جرت في 28 من يناير (كانون الثاني) الماضي قد أسفرت عن فوز المحافظ أناستاسياديس بنسبة 35.5 في المائة من الأصوات، بينما حل مالاس، المدعوم من الشيوعيين، ثانياً بحصوله على 30 في المائة من الأصوات. واعتبرت المواجهة الأخيرة أمس، بمثابة إعادة لانتخابات عام 2013 التي تنافس فيها الرجلان وشهدت فوز أناستاسياديس في ظل أزمة مالية عاشها البلد، العضو في الاتحاد الأوروبي الذي يشكل اليونانيون غالبية سكانه.
وقال أناستاسياديس المحامي السابق لدى إدلائه بصوته في مدينة ليماسول الساحلية التي يتحدر منها، أمس: «أدعو بحرارة كل مواطن إلى عدم التخلي عن حقه في اختيار الرئيس المقبل». وأضاف أن «الامتناع (عن التصويت) هو بمثابة السماح لشخص آخر باتخاذ القرار بدلاً منكم». أما مالاس، فقال بعد أن أدلى بصوته، أمس: «اليوم يقرر الشباب مستقبلهم»، متعهداً بدعم أولئك الذين لا يزالون يعانون من تبعات الأزمة الاقتصادية. وتابع مالاس: «لقد حان الوقت لأولئك الذين عانوا من عواقب أزمة عام 2013 في القطاع المصرفي، ويتساءلون ما إذا كانت الدولة ستعالج هذا الظلم الكبير بطريقة مسؤولة».
وفي مركز اقتراع في نيقوسيا، كان التركيز على جهود إعادة توحيد الجزيرة، والاقتصاد. وقال جورج سوغليس (73 عاماً)، وهو صاحب محطة بنزين في أحد مراكز الاقتراع بالعاصمة نيقوسيا: «منحتُ صوتي لأناستاسياديس لاعتقادي أنه الخيار المثالي لإدارة البلاد في هذه المرحلة». وأضاف: «سيواصل العمل من أجل الاقتصاد، والمشكلة القبرصية» المتمثلة في انقسام تعيشه الجزيرة منذ أكثر من 4 عقود بين شطريها الشمالي والجنوبي.
لكن هناك بعض الأصوات التي كانت تريد التغيير وقال نيكولاس بيتروس (67 عاماً)، الذي اضطر إلى إغلاق شركته بسبب الأوضاع الاقتصادية: «نحتاج إلى تغيير. في السياسة، خصوصاً فيما يتعلق بالمسألة القبرصية، كان الأمر عبارة عن وعود ووعود. وعلى الصعيد الاقتصادي واجهنا مشكلات كثيرة».
وطغى انقسام الجزيرة المتوسطية المستمر منذ نحو 44 عاماً، بين جمهورية قبرص المعترف بها دولياً في الجنوب ودويلة مدعومة من تركيا في الشمال، على الانتخابات. وتعهد أناستاسياديس، البالغ من العمر 71 عاماً، بإجراء مفاوضات جديدة مع الزعيم القبرصي التركي مصطفى أكينجي، رغم انهيار المفاوضات الأخيرة المدعومة أممياً في يوليو (تموز) الماضي، والتي كانت الأقرب أكثر من أي وقت مضى إلى إنجاز اتفاق. ويُعدّ وزير الصحة السابق مالاس (50 عاماً) من أبرز الداعين إلى إعادة توحيد قبرص، حتى إنه انتقد خصمه لعدم قيامه بما هو كافٍ للتوصل إلى اتفاق.
وأنعش نجاح المرشحَين الأكثر حرصاً على التوصل إلى اتفاق مع القبارصة الأتراك، الآمال بإمكانية تحقيق تقدم في الملف.
لكن تبقى هناك عقبات رئيسية لعل أبرزها مستقبل نحو 40 ألف جندي تركي يتمركزون في شمال الجزيرة، والشكوك في مدى استعداد طرفي النزاع للتوصل إلى تسوية لتوحيد الجزيرة. وأشار الأستاذ في جامعة نيقوسيا هوبرت فوستمان، إلى أن «الإطار السياسي الأوسع الذي يأتي الرئيس إلى السلطة في ظله غير مناسب للتوصل إلى تسوية».
ويبدو ملف الاقتصاد طاغياً بالنسبة إلى نحو 550 ألف ناخب قبرصي يوناني، مع تعافي البلاد من الأزمة الاقتصادية التي شهدتها عام 2013. ويعتبر أناستاسياديس أن الفضل يعود إليه في التعافي اللافت للبلاد، منذ موافقته على خطة إنقاذ بقيمة 10 مليارات يورو (أكثر من 12 مليار دولار) بعد أسابيع فقط من تسلمه السلطة. لكن تبقى هناك تحديات كبرى رغم العدد القياسي للسياح الذي سجلته الجزيرة. فحجم الاقتصاد ما زال أقل مما كان عليه قبل عام 2013. ونسبة البطالة لا تزال عند 11 في المائة، فيما تعاني المصارف من الديون. ويحظى مالاس بدعم حزب «أكيل» الشيوعي الذي كان في الحكم قبل الأزمة وتم تحميله مسؤولية انهيار الاقتصاد. واستغل أناستاسياديس هذا الأمر وحذر يوم الجمعة الماضي من «عودة السياسات العقائدية التي قادتنا إلى حافة الإفلاس».
وبعد سباق باهت، بدت اللامبالاة عالية في أوساط الناخبين خصوصاً شريحة الشباب بسبب عدم تمكن أي مرشح من اجتذاب انتباههم. وانخفضت نسبة المشاركة في الدورة الأولى بشكل قياسي نسبياً، إذ تجاوزت 71 في المائة بقليل.
من جانبه، قال رئيس مجلس النواب ديمتريس سيلوريس، إن المجلس جاهز لتنصيب رئيس الجمهورية يوم 28 فبراير (شباط) المقبل. وأضاف سيلوريس الذي كان قد أدلى بصوته في مركز اقتراع في مدينة نيقوسيا، أنه راضٍ عن سير العملية الانتخابية بسلاسة، مشيراً إلى أن البرلمان ينتظر نتيجة الانتخابات وهو مستعدّ لتنفيذ المادة 42 من الدستور التي تحدد الطريقة التي سيؤدي فيها الرئيس المنتخب عملية القسم.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.