يحرص الزوار الغربيون في زيارتهم لتايلاند على تذوق ألوان المطبخ التايلندي الشهير، ولا يتوقف اهتمامهم على المطاعم الفاخرة في الفنادق، لكن أيضاً على عربات الطعام في الأسواق الشعبية.
وحسب تقرير لوكالة «د.ب.أ» يتبدى في تلك الأماكن التناقض ما بين رائحة الطعام اللذيذة التي تنتشر في الهواء وما بين الحالة الرثة للأزقة والشوارع حول عربات الطعام.
تقول نايانا، وهي تايلاندية تقود مجموعة من السائحين في جولة طهي ببانكوك، بضحكة مكتومة: «لا يجب على أي شخص شديد الحساسية أن ينظر عن قرب».
وقد أصبح عملها أكثر سهولة بسبب طرح سلسلة دليل «ميشلان» مؤخراً، أول دليل مطاعم خاص ببانكوك. وتضيف نايانا: «بالنسبة إلى طعام الشارع الأصيل، فعليك في بعض الأحيان أن تتغاضى عن بعض الأشياء».
وتتنقل نايانا مساءَ وهي تقود مركبة التوك توك ذات العجلات الثلاث الخاصة بها، من مطعم إلى آخر. وتتوقف عند بعض الأماكن التي لن يجرؤ الزائر الغربي على دخولها بمفرده، حيث يجلس السكان المحليون ملتصقين ببعضهم بعضاً على كراسي بلاستيكية تحيط بطاولات مكشوفة، وتضيء أنوار النيون الساطعة الجدران. وعادة ما يتم الطهي في أزقة خلفية - أو، في حالة مطعم «توم جيم جوم»، يكون الطهي على الرصيف - وذلك باستخدام أحواض ضخمة مصنوعة من الصخور البركانية.
ويتم وضع الشبك الخاص بالطهي على فحم متوهج، حيث يوضع فوقها قدور الحساء والأرز الساخنة. وتتدلى قطع اللحم من خطافات، إلى جانب الأعضاء الداخلية للماشية وأرجل الدجاج. وتعتبر هذه الأماكن التي يطلق عليها اسم «متاجر الطهي» في الشارع، شوكة في خاصرة الحكومة، ولبعض الوقت، كان هناك حديث عن حظرها.
إلا أن هناك حملة دعت مؤخراً إلى المزيد من النظام والنظافة، أثارت الكثير من المعارضة من جانب المواطنين التايلانديين العاديين، الذين قاموا بتنظيم مظاهرات أدت إلى تراجع الحكومة.
وبنفس قدر بساطة «متجر الطهي»، فإن الطعام شهي للغاية. ولدى متجر «توم جيم جوم»، تتضمن الأكلات أطباقاً كلاسيكية، مثل سلطة البابايا الخضراء، وحساء توم يونج جانج. ومن الممكن أن تكون الأطباق التايلاندية في غاية الروعة، ما لم يقع المرء في فخ الفلفل الحار. وحتى في حال تم طلب طبق «حار بنسبة أقل»، فسيكون الطعام حاراً للغاية أيضاً بالنسبة لغير التايلنديين.
من ناحية أخرى، تقول نينج، وهي طاهية في فندق «بينينسولا»، الذي يقع على نهر تشاو فرايا مباشرة: «بالطبع نقوم في مطاعم الفنادق، بإعداد طعام أكثر اعتدالاً». ويعتبر «ثيبتارا»، مطعم الفندق، واحداً من أفضل المطاعم في المدينة.
ويوصي دليل «ميشلان» بزيارة هذا المطعم، إلى جانب المطعم الصيني المتميز في الفندق، والذي يحمل اسم «مي جيانج». ويشار إلى أن «ثيبتارا» لديه شكل وطابع القرية التايلاندية، حيث توجد أكواخ من خشب الساج مبنية حول شجرة بانيان. كما يتم إقامة دروس للطهي التايلاندي هناك. وفي كل صباح، تقوم نينج - وهي تقود التوك توك الخاص بها بالطبع - بأخذ ضيوفها إلى سوق «تا دين داينج»، التي تقع بالقرب من الفندق. وتؤكد أن «الأطباق التايلاندية بسيطة، فالمكونات الجيدة جداً هي البداية والنهاية».
وفي السوق، توجد أكوام من الخضراوات والفطر والبقوليات والتوابل. وتعد أعشاب الريحان والكزبرة والليمون والنعناع والبندان، هي الأهم في المطبخ التايلاندي. وتتم زراعة كل هذه الأعشاب في حديقة فندق «بينينسولا» الخاصة. وفي جولاتها، دائماً ما تقدم نينج في البداية الطبق الكلاسيكي «باد تاي». وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، تم إعلانه طبقاً وطنياً من أجل الحد من استهلاك الأرز، حيث يتم تقديمه مع الشعيرية.
وفي طبق الـ«باد تاي»، يتم استخدام مكونات مثل صلصة السمك ومعجون التمر الهندي والثوم والفلفل الحار وبراعم الفاصوليا. كما يستخدم لحم السلطعون المجفف لإضافة نكهة، في حين تعمل الكزبرة والبصل الأخضر والليمون على إعطاء الطبق المظهر الطازج. وتؤكد نايانا أثناء جولتها: «ستجد الـ(باد تاي) في كل مكان، لكن لن يكون في أي مكان بقدر جودته في (ثيبساماي)». وقد تم تأسيس هذا المطعم في عام 1966 بالقرب من سوق الزهور، وهو مفتوح على مدار الـ24 ساعة.
وفي كل مساء، يصطف الناس في الشارع أمام المقلاة. ويشار إلى أن مطعم «ثيبساماي» مدرج في كل دليل سياحي تقريباً. وتبلغ قيمة قطعة من الـ«باد تاي» 60 باتاً فقط (80.1 دولار).
وفي جاي فاي، تبلغ قيمة عجة لحم السلطعون التي يطلق عليه اسم «خاي جيو بو»، 1000 بات، وهو ثمن باهظ جداً بالنسبة لمتجر للطبخ، لكنه يستحق ثمنه لأن هناك طاهياً محترفاً يقف أمام المقلاة.
وترتدي جاي فاي ذات الذراعين النحيفتين، التي تبلغ من العمر نحو 70 عاماً، نظارات واقية لحماية عينيها من الزيت شديد السخونة. وتقوم جاي فاي على مدار 40 عاماً وحتى الآن، بالطبخ في مطعمها الذي يحمل اسمها. ويشار إلى أن جاي فاي التي تعتبر أسطورة عريقة في بانكوك، معروفة الآن في أوساط ذواقة العالم؛ لأن أحدث طبعة في دليل «ميشلان»، منحت متجرها نجمة واحدة.
ويعتبر «جاي فاي» أحد 14 مطعماً حصلوا على نجمة في الدليل الجديد، وهي جائزة رفيعة في عالم الطهي.
كما كرمت «ميشلان» ثلاثة مطاعم في المدينة بنجمتين. ولم يحصل أي مطعم على أعلى تصنيف، وهو من فئة ثلاث نجوم. ويشار إلى أن أحد المطاعم التي حصلت على نجمتين، هو مطعم «ميزالونا» الكائن في الطابق الـ65 بفندق «ليبوا»، الذي يضم أيضاً إحدى أشهر الحانات التي تقع على السطح في بانكوك.
أما ما يجعل اتحاد السياحة في تايلاند سعيداً بسبب ما قدمه دليل «ميشلان» من تكريمات، هو أنه إلى جانب حقيقة أن دليل المطاعم الشهير قد أعطى دفعة كبيرة لمشهد تذوق الطعام في بانكوك، إلا أن السبب أيضا هو وجود سبعة من بين 14 مكاناً حصلوا على النجمة الواحدة، متخصصة في المطبخ التايلاندي.
والأمر لا يقتصر فقط مطعم «سرا بوا» الفخم، لكن أيضاً مطعم «جاي فاي» البسيط، للطاهية الأسطورية جاي فاي.
بعد دليل «ميشلان»... بانكوك تتحول إلى جنة للمأكولات
بعد دليل «ميشلان»... بانكوك تتحول إلى جنة للمأكولات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة