في آخر أسبوع من شهر يناير (كانون الثاني)، يتوافد قادة العالم وأثرياؤه إلى بلدة سويسرية أعلى جبال الألب لإبرام صفقات مليونية، ورسم الخريطة السياسية للعام الجاري. لكن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي لهذا العام تحمل نكهة مختلفة. فبخلاف المنتديات الـ47 السابقة التي احتضنتها بلدة دافوس، تواجه شعارات المنتدى المعهودة الداعمة للعولمة والتبادل الحر وحماية البيئة ودعم تنمية مستدامة متعددة الأقطاب، تحدياً بارزاً أمام مشاركة الرئيس الأميركي.
فبأسبوع يدشّنه «انفتاح» ناريندرا مودي، وتتخلله كلمات «الوحدة الأوروبية» لإيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل، و«رسائل تطمين» تيريزا ماي، وتختتمه نغمات «أميركا أولاً» التي يغردها دونالد ترمب منذ سنتين، تَعِد فعاليات المنتدى لهذا العام بكشف تناقض وجهات النظر بين الحلفاء الاقتصاديين والسياسيين، وتحديد توجه التعاون التجاري والخطاب السياسي في 2018.
وأكد مسؤولون رفيعون في الإدارة الأميركية، مساء أول من أمس، أن الأزمة التي تعيشها الولايات المتحدة بسبب «إغلاق الحكومة» لن تلغي زيارة ترمب لدافوس، وهي الأولى لرئيس أميركي منذ بيل كلينتون في عام 2000.
وفي معرض حديثه عن مشاركته في المنتدى الاقتصادي، قال ترمب في مقابلة مع صحيفة «وول ستريت جورنال» إنه سيدافع عن النمو الأميركي القوي، والميل التراجعي للبطالة، والأرقام القياسية التي حققتها «وول ستريت»، وهي كلها إنجازات سلط البيت الأبيض عليها الضوء خلال الأيام الماضية بمناسبة مرور عام كامل منذ تسلم ترمب الرئاسة.
وفي الوقت الذي تجمع معدلات النمو العالمي بين ترمب وغيره من قادة العالم، فإن قضايا كثيرة تعكّر صفو علاقة الولايات المتحدة بحلفائها التقليديين. وتأتي السياسات المناخية واتفاقيات التجارة الحرة والمواقف الأميركية من الهجرة في مقدمة القضايا الخلافية، ويتوقع أن تظهر هذه التناقضات بشكل صارخ في كلمات السياسيين المتتالية. وإلى جانب ترمب، تشمل لائحة المشاركين البارزين: ملك إسبانيا فيليب السادس، وملك الأردن عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء الهندي الذي سيلقي الكلمة الافتتاحية الثلاثاء، وقادة معظم دول مجموع السبع (G7)، بما يشمل المستشارة الألمانية، ورؤساء وزراء بريطانيا وإيطاليا (باولو جانتيلوني)، وكندا (جاستين ترودو)، فضلاً عن جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية، ورئيس الأرجنتين موريسيو ماكري، ورئيس البرازيل ميشال تامر، ورئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وغيرهم.
وفي الإجمال، من المتوقع أن يشارك 340 قائداً سياسياً رفيعاً، فضلاً عن قادة المنظمات الدولية، يتقدمهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، إلى جانب 1900 ممثل عن القطاع الخاص أبرزهم كبار رجال الأعمال مثل جورج سوروس ولويد بلانكفيد، رئيس مجلس إدارة مصرف «غولدمان ساكس»، و900 عن المجتمع المدني والإعلام. وسيشارك ضيوف المنتدى الذي تنطلق أعماله الثلاثاء وتستمر حتى الجمعة بشرق سويسرا، في نقاشات موضوعها الأساسي يدور حول «بناء مستقبل مشترك في عالم متجزئ».
ولن يكون المال والسياسة اهتمامات المنتدى الوحيدة، إذ إن الجلسات حول التحرش الجنسي التي هيمنت على الساحة الفنية والسياسية والإعلامية في الغرب حديثاً ستحظى باهتمام خاص. وأوكل المنظمون نيابة رئاسة النقاشات إلى 6 نساء، بينهن: إيزابيل كوشير («إنجي للغاز الطبيعي» في فرنسا)، وإرنا سولبرغ (رئيسة وزراء النرويج)، وكريستين لاغارد (مديرة صندوق النقد الدولي). إلا أن الحضور الذكوري لا يزال يهيمن على منتدى دافوس، مع نسبة مشاركة نسائية لا تتجاوز 21%.
إلى ذلك، يمثّل المنتدى فرصة نادرة لعقد قادة العالم لقاءات ثنائية وراء أبواب مغلقة، وبحث حلول لأكثر الأزمات تعقيداً. وقد أعلن البيت الأبيض مساء أول من أمس (الجمعة)، أن ترمب سيلتقي رئيسة الوزراء البريطانية، الأسبوع المقبل، «لتعزيز العلاقات الخاصة» بين الولايات المتحدة وبريطانيا، في الوقت الذي شهدت توتراً في الأشهر الأخيرة، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
شعارات «دافوس» تواجه اختبار ترمب
شعارات «دافوس» تواجه اختبار ترمب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة