أنقرة تبدأ عملية عفرين بقصف مدفعي عبر الحدود

اعتبرت دعوة واشنطن لـ«التركيز على داعش كلاماً بلا معنى»

حافلات تركية تنقل مقاتلين معارضين سوريين باتجاه عفرين أمس (أ.ف.ب)
حافلات تركية تنقل مقاتلين معارضين سوريين باتجاه عفرين أمس (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تبدأ عملية عفرين بقصف مدفعي عبر الحدود

حافلات تركية تنقل مقاتلين معارضين سوريين باتجاه عفرين أمس (أ.ف.ب)
حافلات تركية تنقل مقاتلين معارضين سوريين باتجاه عفرين أمس (أ.ف.ب)

أعلن وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي أن العملية العسكرية التركية في عفرين الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب» الكردية، بدأت «فعلياً» بقصف عبر الحدود، لافتاً إلى أن ذلك لا يعني عبور قوات تركية إلى داخل عفرين.
وأضاف جانيكلي، في مقابلة تلفزيونية، أمس، أن «عملية عفرين العسكرية ستنفذ، لكن توقيتها متعلق بإنجازها في الوقت الأكثر فاعلية ونجاحاً... وسيتم إزالة جميع خطوط الإرهاب، ولا حل آخر لذلك».
وأوضح جانيكلي أن «العملية بدأت فعلياً بقصف عبر الحدود، لكن لم يتم عبور الحدود. عندما أقول فعلياً لا أريد أن يكون هناك سوء فهم. العملية بدأت من دون عبور للحدود».
وشنت المدفعية التركية أمس قصفاً على مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين من جانب الوحدات المنتشرة في قضاءي هاصّا وكريك خان بولاية هطاي على الحدود مع سوريا.
وقالت مصادر عسكرية إنه جرى الرد على نيران التحرش القادمة من جانب الميلشيات الكردية في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس.
بدورها أعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية أن القوات التركية أطلقت نحو 70 قذيفة على قرى كردية في عفرين منذ منتصف الليلة قبل الماضية وحتى صباح أمس. ونقلت «رويترز» عن روجهات روج المتحدث باسم «الوحدات» الكردية في عفرين أن ذلك كان أعنف قصف تركي منذ أن صعدت أنقرة تهديداتها بالقيام بعمل عسكري ضد المنطقة الكردية، وأشار إلى أن «وحدات حماية الشعب» سترد «بأقوى شدة» على أي هجوم على عفرين.
وتعليقاً على تصريحات للمتحدثة باسم الخارجية الأميركية أمس، دعت فيها تركيا إلى عدم الدخول إلى عفرين، والتركيز على مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، قال جانكلي إن «تصريحاتها جوفاء وعديمة المعنى، فتنظيم داعش انتهى».
وأضاف أن مثل هذه التصريحات تعكس أن الولايات المتحدة استخدمت «داعش» وسيلة من أجل أن يصبح لها نفوذ في بعض مناطق سوريا. وأشار إلى أن تصريحاً مثل «(داعش) هو التهديد الأكبر، ولذلك ينبغي للجميع تركيز سياساته كلها لمواجهته، والتحرك وفقا لذلك»، هو تصريح عديم المعنى في هذه الأيام، لأن «تهديد (داعش) قد زال في سوريا والعراق، وقد أُعلن ذلك رسمياً».
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت مساء أول من أمس: «نحن لا نعرف ما إن كانت تركيا ستجري عملية عسكرية في عفرين أم لا، لكننا نحث أنقرة على عدم اتخاذ مثل هذه الخطوة، لأن عيون الجميع يجب أن تكون على (داعش)».
من جانبه، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إنه «لن يتم التسامح إطلاقاً حيال أي كيان يهدد الأمن القومي لتركيا»، مؤكداً: «هذا حقنا الطبيعي». وأضاف يلدريم في أنقرة: «هذا حقنا وفقاً للقانون الدولي ولقوانيننا... هدفنا القضاء على الإرهاب، والحيلولة دون أن يتعرض شعب المنطقة، الذي يعاني منذ فترة طويلة، للمزيد من المعاناة».
وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، أن الخطوات التي ستتخذها تركيا في عفرين ومنبج وجرابلس، أو في نقاط أخرى، لحماية أمنها القومي، ليست عملية موجّهة ضد أكراد سوريا على الإطلاق. وأشار كالن إلى استمرار بلاده في اتخاذ جميع أشكال التدابير لمواجهة أي تطورات قد تشكل تهديداً لأمنها القومي، دون الحصول على إذن من أحد، «سواء في عفرين أو منبج أو جرابلس أو العراق أو أي مكان آخر».
إلى ذلك، قالت غُل نور آيبيت، كبيرة مستشاري الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن الولايات المتحدة يمكنها إطلاق أي تسمية على القوة التي تخطط لتأسيسها شمال سوريا، ولكن في حال انخراط «وحدات حماية الشعب» الكردية فيها، فإنها لن تكون سوى «جيش إرهابي» في نظر تركيا.
وأكدت آيبيت أن تركيا مصرّة على منع تشكيل أي تكتّل إرهابي على طول حدودها مع سوريا، وهي تتحرك آخذة بعين الاعتبار التهديدات التي تستهدف أمنها القومي من المناطق الحدودية.
وتعليقاً على تصريحات المتحدثة باسم الخارجية التركية، التي حثّت فيها تركيا على عدم تنفيذ عملية في عفرين، والتركيز على تنظيم محاربة «داعش»، قالت آيبيت إن «تركيا هي العضو الوحيد ضمن التحالف، الذي تمكن من تطهير هذه المساحة الواسعة من (داعش)، أي أن كفاحنا ضد هذا التنظيم، أعمق بكثير مقارنة مع بقية أعضاء التحالف، لأننا نواجه التهديد مباشرة بجوار حدودنا».
وأوضحت أن عملية «درع الفرات» ساهمت في تطهير المنطقة من «داعش»، وليس من العدل حثّنا على التركيز في هذا الإطار، لأننا في الأحوال العادية مركّزون على هزيمته.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.