نحو 400 مدني قُتلوا خلال شهرين في الغوطة الشرقية

منظمات تناشد وقف العنف وفك الحصار

عالق تحت الركام في سقبا بالغوطة الشرقية لدمشق بعد غارات على المنطقة الأسبوع الماضي (رويترز)
عالق تحت الركام في سقبا بالغوطة الشرقية لدمشق بعد غارات على المنطقة الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

نحو 400 مدني قُتلوا خلال شهرين في الغوطة الشرقية

عالق تحت الركام في سقبا بالغوطة الشرقية لدمشق بعد غارات على المنطقة الأسبوع الماضي (رويترز)
عالق تحت الركام في سقبا بالغوطة الشرقية لدمشق بعد غارات على المنطقة الأسبوع الماضي (رويترز)

مع دخول الحملة العسكرية الأخيرة على الغوطة الشرقية شهرها الثاني، وصل عدد القتلى المدنيين إلى نحو 400 شخص، بينهم ما لا يقل عن 90 طفلاً، ما استدعى دعوات من منظمات سوريا وعالمية للتدخل وإنقاذ العائلات المحاصرة.
ووثق تقرير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» مقتل 329 مدنياً، بينهم 79 طفلاً، وما لا يقل عن 43 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنيّة على يد قوات النظام، بينما قالت منظمة «اليونيسيف» أن أكثر من 30 طفلاً قتلوا في الأيام الخمسة عشر الأولى من هذا العام في الغوطة الشرقية، حيث يعيش أكثر من 200 ألف طفل تحت الحصار منذ عام 2013.
ومن جهته، أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى ارتفاع عدد القتلى المدنيين خلال الشهرين إلى 401، بينهم 93 طفلاً دون سن الثامنة عشر، وأكثر من 1300 جريحاً، وتعرض عشرات الأطفال والنساء لإعاقات دائمة أو عمليات بتر أطراف، بينما لا يزال البعض الآخر يعاني من جراح خطرة، مع نقص في الكوادر الطبية، وقلة الأدوية، وانعدام بعضها، نتيجة الحصار المستمر للغوطة الشرقية.
وفي بيان لها، قالت «اليونيسيف»: «تلقينا معلومات من داخل الغوطة الشرقية بأن الأهالي يأخذون المأوى تحت الأرض خوفاً على حياتهم. وأفادت تقارير بأن إحدى هذه الهجمات على المباني السكنية كانت من الشدة بحيث أدت إلى إصابة أكثر من 80 مدنياً، من بينهم أطفال ونساء. وتم انتشال عدد من الناجين بصعوبة من تحت الركام».
ولفت البيان إلى تعرض اثنين من المرافق الطبية لهجوم في الأيام الماضية، كما أجبرت كثير من المراكز الصحية على الإغلاق بسبب العنف. وفي بعض المناطق، أصبحت العيادات الطبية المتنقلة هي الطريقة الوحيدة التي يمكن فيها للعائلات الحصول على العلاج والمعونة الطبية الطارئة.
وأشار إلى إقفال المدارس أبوابها بسبب العنف، مضيفاً: «في حين رأينا بصيصاً صغيراً من الأمل في نهاية العام الماضي، مع إجلاء 17 طفلاً في حاجة ماسة إلى العناية الطبية، أدى العنف المتزايد في منطقة الغوطة الشرقية وحولها إلى تحويل الأمل إلى اليأس لـ120 طفلاً لا يزالون يعانون في صمت بانتظار الإجلاء الطبي العاجل».
وشدّد على ضرورة أن تتوفر إمكانية الوصول إلى الأطفال المحتاجين للمساعدة الإنسانية على وجه السرعة، ودون قيود، أينما كانوا في سوريا، وعلى مختلف أطراف النزاع أن توفر إمكانية الوصول الفوري للعاملين في المجال الإنساني إلى الأطفال لإيصال المساعدة المنقذة للحياة.
وقالت مؤسسة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في ريف دمشق إن النظام السوري واصل حملته العسكرية ضد سكان الغوطة الشرقية المحاصرة، متجاوزاً كل التعهدات والاتفاقات التي نصت على إبعاد المدنيين عن الصراعات العسكرية. وفي حين يتحدث إعلام النظام عن تحييده للمدنيين، كانت الوقائع على الأرض تكذب كل ما يدعيه.
وقالت المؤسسة، في بيان لها أمس: «إن الآلة العسكرية التابعة لقوات النظام، بمساندة جوية من سلاح الطيران الروسي، واصلت حملتها على الغوطة الشرقية لليوم السادس عشر على التوالي، مستهدفة المدن والبلدات بـ695 غارة جوية، و645 صاروخ أرض - أرض، وما يزيد على 3031 قذيفة».
وأكدت استخدام النظام القنابل «العنقودية»، حيث عمل مركز «UXO»، التابع للدفاع المدني في الغوطة الشرقية، أكثر من 46 نقطة استهداف بالقنابل العنقودية، وتم توثيق سقوط صواريخ بمظلة على شكل حاوية تحوي 12 قنبلة عنقودية.
وأضاف البيان أنه في فجر يوم السبت الماضي، أطلقت 3 صواريخ من نوع أرض - أرض من منصات تابعة لقوات النظام، محملة بغازات سامة، مستهدفة إحدى المناطق الفاصلة بين مدينة حرستا ومدينة دوما، مما أدى لانتشار الغازات ووصولها لعدة أحياء في مدينة دوما، نقل على إثرها 6 مدنيين، 5 نساء وطفل، للمراكز الطبية بعد استنشاقهم لهذه الغازات.
ودعا البيان المؤسسات المدنية والحقوقية، المحلية منها والدولية، للتدخل كل بحسب مجال ونطاق عمله لإنقاذ الغوطة، والضغط على الأطراف الفاعلة لوقف الهجمات العسكرية على المدنيين، وإدخال المساعدات اللازمة، والقيام بالإخلاء الطبي، وأن تقوم المؤسسات الحقوقية بالعمل على ذلك في المحافل الدولية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.