موالون لصالح يحضّرون لعصيان مدني... وحملات سخرية من تعيينات الحوثي

المقاومة تستعد لتحرير ذمار مستغلة تصاعد السخط ضد الميليشيات

الرئيس اليمني السابق الراحل علي عبد الله صالح
الرئيس اليمني السابق الراحل علي عبد الله صالح
TT

موالون لصالح يحضّرون لعصيان مدني... وحملات سخرية من تعيينات الحوثي

الرئيس اليمني السابق الراحل علي عبد الله صالح
الرئيس اليمني السابق الراحل علي عبد الله صالح

تصاعدت حالة السخط الشعبي ضد ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرتها، لجهة أعمالها القمعية المستمرة. وفي حين شنَّ ناشطون في صنعاء حملات سخرية من قرارات الميليشيا التي استهلّت بها السنة الجديدة، أطلق موالون للرئيس الراحل علي عبد الله صالح دعوات لتنفيذ «عصيان مدني» يتزامن مع مرور 40 يوماً على مقتله على يد الميليشيات.
ودعت «المقاومة الشعبية» في محافظة ذمار إلى استغلال حالة السخط الشعبي المتصاعدة ضد الميليشيات الحوثية جراء أعمالها الانتقامية ضد المواطنين، ورفع وتيرة التنسيق بين القوى القبلية والحكومة الشرعية والجيش الوطني استعداداً لتحرير المحافظة من قبضة الحوثيين. جاء ذلك خلال اجتماع موسع للمجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في ذمار عقد أمس في مدينة مأرب برئاسة مستشار الرئيس اليمني للشؤون العسكرية الفريق الركن محمد علي المقدشي، ومعه محافظ ذمار علي محمد القوسي، وبحضور عدد من الشخصيات الاجتماعية والقبلية والأمنية.
إلى ذلك، أطلق ناشطون موالون للرئيس السابق دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو المواطنين في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها الميليشيا لتنفيذ عصيان مدني واحتجاجات مناهضة للجماعة تتزامن مع مرور 40 يوماً على مقتل صالح والتنكيل بأقاربه والقيادات العسكرية والحزبية الموالية لحزب «المؤتمر الشعبي».
وتضمنت الدعوة إلى «العصيان»، التي يقول مقربون من صالح وإعلاميون في حزب «المؤتمر» إنها محاولة لكسر «حاجز الخوف»، تنفيذَ خطوات عدة منها الاحتشاد في الميادين العامة وإغلاق المحلات التجارية وشل حركة السير والإضراب عن العمل في المؤسسات الحكومية التي تسيطر عليها الميليشيات. وأكد المقدشي خلال اللقاء الموسع لـ«مقاومة ذمار» عزم القيادة السياسية والعسكرية على الإسراع في عملية تحرير ذمار وبقية المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا الانقلابية.
وشدد المشاركون في اللقاء على «تعزيز التنسيق بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني للاستعداد لتحرير المحافظة وتعزيز المقاومة الشعبية الداخلية فيها، خصوصاً بعد أن تزايد السخط الشعبي تجاه ميليشيا الحوثي وفقدانها أي حاضنة شعبية بسبب تزايد أعمال الانتهاكات والأعمال الإجرامية بحق المواطنين».
وكانت قيادات عسكرية وقبلية موالية للرئيس السابق وحزب «المؤتمر» وصلت في الأيام الماضية إلى مأرب، وأعلنت تأييدها للحكومة الشرعية والجيش الوطني في مواجهة الانقلاب الحوثي. كما دعا محافظ ذمار، أبناء المحافظة إلى «التلاحم ورصَّ الصفوف والوقوف خلف القيادة السياسية والعسكرية الشرعية من أجل الإسراع في تطهير المحافظة من دنس الميليشيا الانقلابية الكهنوتية»، على حد تعبيره.
وفي سياق متصل، شنَّ الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملات سخرية لاذعة من قرارات الميليشيا الحوثية الأخيرة التي شملت تعيينات بالجملة لعناصرها في كل الأجهزة والمؤسسات والهيئات في المناطق التي تسيطر عليها. ووصف ناشطون ومن ضمنهم مقربون من الجماعة تعيينات الحوثي بـ«الطائفية والعنصرية»، وقالوا إن «أغلب المعينين في هذه المناصب الأمنية والرقابية والمالية فاسدون، ويفتقرون حتى للحد الأدنى من شروط شغل الوظيفة العامة».
إلى ذلك بدأت عناصر ميليشيا الجماعة أمس في صنعاء حملة ضد «باعة الأرصفة» في مختلف شوارع المدينة، وصادروا بضائعهم واعتقلوا عدداً منهم، تحت ذريعة أنهم «يشوهون الوجه الحضاري للعاصمة»، بحسب تعبير أمين العاصمة المعين من الحوثي حمود عباد. ويعتقد مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الهدف الحقيقي للجماعة من ملاحقة بسطاء «الباعة» - ومعظمهم موظفون فقدوا أعمالهم على خلفية الانقلاب والسيطرة على مقدرات البلاد - هو التضييق عليهم لإجبارهم على الالتحاق بمعسكرات التجنيد وزجِّهم في جبهات القتال على إثر الخسائر الميدانية المتسارعة التي تكبدتها الميليشيات في مختلف المناطق.
وشَنَّت مقتلات التحالف العربي أمس ثلاث ضربات جوية على معسكرات الميليشيات في منطقة النهدين المحيطة بالقصر الرئاسي جنوبي صنعاء، وسط أنباء أن الضربات استهدفت عربات عسكرية تحمل ذخائر وأسلحة إضافة إلى تجمعات لمسلحين تابعين للميليشيا. وفيما لا يزال المئات من أنصار الرئيس السابق وأعضاء حزب «المؤتمر الشعبي» رهن المعتقلات السرية والسجون العامة التي تسيطر عليها الجماعة، أفادت مصادر في الحزب أمس بأن رئيس البرلمان يحيى الراعي تلقى وعوداً حوثية جديدة بإطلاقهم بعد أن نكثت الجماعة بوعود سابقة.
وأوردت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أن رئيس مجلس الانقلاب صالح الصماد التقى أمس بحضور الراعي قادة أجهزة الأمن والمخابرات الموالين للجماعة، وطلب منهم إعداد لوائح بأسماء المعتقلين المدنيين وتسليمها إلى النواب والمحافظين تمهيدا للإفراج عنهم.
ومن بين المعتقلين نجلا الرئيس السابق، مدين وصلاح، وابن أخيه محمد محمد عبد الله صالح، وعفاش طارق وهو نجل ابن أخيه الأكبر وقائد حراسته طارق صالح الذي كان تمكن - بحسب آخر المعلومات المتداولة في أوساط المقربين منه - من الإفلات من قبضة الميليشيا ونجح في الوصول إلى مكان آمن لتلقي العناية الطبية جراء إصابته بشظايا قذيفة أثناء اقتحام الميليشيات الحوثية لمنزل عمه قبل نحو أربعة أسابيع.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.