إن حصل وكنتم موجودين في إحدى المرات في متاجر مزدحمة خلال موسم الأعياد مثلاً، فإنكم تعرفون بلا شك شكل الحشود المتزاحمة للتبضع. وسيتيح ارتداء سماعات للرأس بتقنية الواقع الافتراضي لكم الوجود في وسط هذا الجنون، أي في مكان يشبه الواقع إلى حدّ بعيد.
تدريب افتراضي
وفي الولايات المتحدة، قدمت شركة «ستريفر» الناشئة، التي تستخدم تقنية الواقع الافتراضي لمساعدة الشركات في تدريب موظفيها، أخيراً سماعات للرأس لتتيح للصحافيين اختبار حمى الشراء في مواسم الأعياد في قلب متاجر «وول مارت» الشهيرة.
وتنظم الشركة، ومقرها في سان فرانسيسكو، تجارب مختلفة، من بينها تجربة الوقوف في وسط لعبة كرة قدم. وهي تعمل، بالتعاون مع شركات أخرى، على تطوير تجارب واقع افتراضي خاصة، يمكن ابتكارها بسرعة بفضل كاميرا 360 درجة وبرنامج كومبيوتري، ومن ثم استخدامها لمساعدة جميع أنواع الموظفين على تعلم المهارات التي تُطبق في متجر مبيعات، أو في ملعب كرة القدم، أو في مكان مختلف كلياً.
وتقول الشركة إن «رؤيتها تنصب على إيجاد جهاز يحاكي عملية السفر إلى بيئة وظيفة معينة».
ولكن تقنية الواقع الافتراضي ليست مستخدمة على نطاق واسع، ومن قبل أي شخص، إذ إن الأجهزة الفعالة في هذا المجال معقدة ومكلفة، بحيث لن يرغب الناس في استخدامها دائماً، فضلاً عن أن الأمور التي يمكن القيام بها بواسطتها ليست كثيرة أيضاً.
وقد بدأت بعض الشركات بتجربة هذه التقنية، إلا أن نوع المساعدة التي قد تقدمها في النهاية لم يتضح بعد. وفي الوقت الحالي، تنتشر هذه التكنولوجيا بين المستهلكين، ولكن في نطاق سوق صغيرة محدودة.
تجارب رياضية
من الطبيعي جداً أن تشكل رياضة كرة القدم جزءاً كبيراً من قاعدة الزبائن في شركة «ستريفر» التي أسسها ويقودها ديريك بيلتش، المدير التنفيذي فيها. ونقلت عنه «تكنولوجي ريفيو» أنه كخريج ومدرب فريق كرة القدم في ستانفورد عام 2014، بدأ في استخدام سماعات «ستريفر» للمساعدة في تدريب اللاعبين الذين استطاعوا أن يختبروا أرض الملعب عبرها، لفترة محددة من الوقت. فقد توصل مؤسس «ستريفر» إلى أن مشاهدة مباريات مصورة على سماعة رأس بتقنية الواقع الافتراضي هي طريقة أكثر واقعية وانغماراً من مجرد مشاهدة أفلام فيديو مصورة من زوايا مخصصة للمشاهد للعرض على شاشة مسطحة.
لهذا السبب، بدأ بيلتش في تجربة وتصوير تمارين كرة القدم مرة في الأسبوع، بواسطة كاميرا 360 درجة «غو برو»، مجهزة لعرض الهجمات السريعة من وجهة نظر ظهير رباعي. وبحسب بيلتش، فإن النتيجة كانت جيدة جداً؛ كانت جيدة جداً إلى حدّ أنه بعد أن أنهى برنامج الماجستير في ستانفورد، قرر أن يحول مشروعه إلى شركة.
أما اليوم، فقد تفرع نشاط «ستريفر» إلى مجالات أبعد من كرة القدم. فإلى جانب «وول مارت» وفرق متعددة من الدوري المحلي لكرة القدم، وغيرها من الفرق الرياضية، تعمل الشركة اليوم مع «يونايتد رينتلز»، وشركتين لصناعة السيارات، وغيرها من الزبائن. وقال بيلتش إن فريق ستانفورد لا يزال يستخدم السماعة لتصوير ما يقارب 80 فيلماً في الأسبوع.
انتشار سريع
وتحاول شركة «8i» أن تصحب أشخاصاً حقيقيين إلى الواقع الافتراضي، في تجارب أكثر غمرة من أفلام تم تصويرها في حصص لرياضة اليوغا.
وتسجل الشركات اسمها في «ستريفر»، التي رفضت أن تصرح بتكاليف خدماتها، وتزودها الشركة في المقابل بكاميرات 360 للتصوير، وبرنامج لمعالجة اللقطات، وسماعة «أوكيولوس ريفت» لمشاهدة ما صور عبرها. وبما أن «ريفت» تعمل على متابعة تفاصيل حركة الرأس في الفراغ، يمكن لشركة «ستريفر» أن تستخدم البيانات لتقدم للزبون لمحة عما يركز عليه الموظف في الواقع الافتراضي.
ويرى بروك ماك كيل، مدير قسم العمليات الرقمية في «وول مارت»، أن هذه التقنية فعالة. ويقول إن الشركة تستخدم سماعة «ستريفر» في نحو 187 مركزاً لتدريب الموظفين على 3 أنواع من التدريبات: التحضر لأوضاع استثنائية أو حالات الطوارئ التي لا يمكن محاكاتها في المتجر على أرض الواقع، وخدمة الزبائن، وتعليم الموظفين التنفيذيين على كيفية رصّ وترتيب المنتجات.
وتعتزم شركة «ستريفر» أن تركز على أنواع أكثر من الوظائف في المستقبل، حسبما يفيد براين ميك، مدير التقنية في الشركة، إذ إنه يخطط لتدريب الموظفين من خلال الواقع الافتراضي على التعامل مع الأوضاع الخطرة، بالإضافة إلى تعليم ما يعرف بالمهارات الناعمة، كالتعاطف والضيافة. كما عملت «ستريفر» أخيراً، وبالتعاون مع جامعة تقنية، على إنتاج تجربة واقع افتراضي تظهر كيف يكون العمل في أحد مواقع البناء، وما يتضمنه من معايير أساسية للسلامة. ويفيد ميك بأن هذه التجربة ستطلق للتداول قريباً.
ومع ذلك، يقول بيلتش إنه لا يزال من الصعب إقناع زبائن محتملين لتجربة ما تقدمه سماعة «ستريفر»، ويعتبر أن إقناع الشركات التي يستخدم موظفوها معدات كالخوذ الصلبة والنظارات أمر سهل، ولكنه ليس كذلك أبداً مع الشركات الأخرى غير المعنية باستخدام معدات مشابهة.