قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، إن روسيا مستعدة لبيع الغاز للسعودية، بعد أن دشن تحميل أول شحنة من الغاز المسال في مشروع «يامال» للغاز الطبيعي المسال الذي تقوده شركة «نوفاتك» في المنطقة القطبية الشمالية.
ونقلت وكالة «إنترفاكس للأنباء» عن بوتين قوله لوزير الطاقة السعودي خالد الفالح، الذي حضر أيضاً مراسم تدشين أول شحنة للغاز المسال من مشروع «يامال»: «اشتروا الغاز منا وادخروا النفط»، مضيفاً: «إذا واصلنا العمل بالطريقة التي نعمل بها حالياً، سنتحول من منافسين إلى شركاء. العمل المشترك يعود بالفائدة على الجميع».
وحسب وكالة «رويترز»، قال بوتين في أثناء مراسم احتفالية أُقيمت في الموقع النائي في قلب المنطقة القطبية الشمالية: «أنا واثق بأن الجزأين الثاني والثالث من المشروع سيعملان قبل الموعد المقرر». وأضاف: «روسيا قادرة، ويجب أن تحصل على حصة لائقة في السوق».
وعبّر بوتين في السابق عن دعمه الشخصي لمشروع «يامال» للغاز الطبيعي المسال، الذي تمتلك فيه «نوفاتك» حصة قدرها 50.1%.
وقال خالد الفالح، وزير الطاقة السعودي، عبر حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، إنه تلقى دعوة من وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، للمشاركة في تدشين أول حمولة من الغاز الطبيعي المسال من مشروع «يامال» العملاق في مدينة سابيتا الروسية. وأضاف: «تنفيذ هذا المشروع يمثل تحدياً لصناعة الطاقة العالمية، وتم إنجازه في السعودية».
وذكر الوزير الفالح أن بلاده أنجزت أيضاً مشاريع بنفس الحجم والتعقيد، مثل حقل شيبة في الربع الخالي، وصدارة، وساتورب في الجبيل، ومشاريع الألمنيوم والفوسفات في رأس الخير.
ودشنت روسيا، أمس الجمعة، مشروعها العملاق للغاز «يامال» في الجزء الواقع بالقطب الشمالي من سيبيريا، الذي شيد في ظروف مناخية وجيولوجية قاسية، بمشاركة المجموعة الفرنسية «توتال» والصين.
وقررت المجموعة الروسية الخاصة «نوفاتيك»، التي تتولى رئاسة كونسورسيوم دولي يقود المشروع، إرسال أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال من مرفأ سابيتا أمس، بعدما أعلنت الأسبوع الماضي بدء إنتاج الغاز على الخط الأول للإنتاج الذي تقدر استطاعته بنحو 5.5 مليون طن سنويا.
ويهدف المشروع الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار، ويعد من أوسع المشروعات في العالم وأكثرها طموحا، إلى بناء مصنع لتسييل الغاز يسمح بإنتاج 16.5 مليون طن سنويا، اعتبارا من 2019، على ثلاث مراحل.
وقال ليونيد ميخليسون، أغنى رجل أعمال في روسيا ورئيس «نوفاتك» التي تملك حصة قدرها 50.1% في مشروع «يامال» للغاز الطبيعي المسال، أمس، إنه ناقش مشاريع للغاز مع مسؤولين سعوديين، لكنه لم يذكر تفاصيل.
وتملك «توتال» حصة تبلغ 20% في مشروع «يامال» للغاز الطبيعي المسال. وقال ميخليسون للصحافيين إن مشروع «يامال» يهدف إلى تصدير 3 شحنات حتى نهاية 2017، وسيبدأ بيع الوقود في عقود طويلة الأجل بعد أبريل (نيسان) 2018. وتعرضت الاستثمارات في مشروع «يامال» للتهديد بعد أن وقعت «نوفاتك» تحت طائلة عقوبات غربية تتعلق بدور موسكو في أزمة أوكرانيا، لكن الشركة تمكنت من تدبير تمويل من بنوك صينية وروسية ومن الحكومة الروسية.
ومشروع «يامال» للغاز الطبيعي المسال مصمَّم ليتكون من 4 وحدات، تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية لثلاث منها 5.5 مليون طن للواحدة، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للوحدة الرابعة مليون طن.
ومن المتوقع تدشين الوحدة الثانية في الربع الثالث من 2018، والوحدة الثالثة في الربع الأول من 2019، والرابعة بحلول نهاية 2019.
وفي الوقت الحالي لدى روسيا محطة واحدة عاملة لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في جزيرة سخالين في المحيط الهادي، والتي تسيطر عليها شركة الغاز العملاقة «جازبروم». وتسهم «شل» أيضاً في المشروع المعروف باسم «سخالين – 2» الذي ينتج نحو 11 مليون طن من الغاز المجمّد سنوياً.
وتحوي شبه جزيرة يامال ثروات هائلة؛ لكنها منطقة معزولة في شمال دائرة القطب الشمالي على بعد 2500 كيلومتر عن موسكو، ويمكن أن تنخفض درجة الحرارة فيها إلى 50 تحت الصفر. وتطلب المشروع منذ بدايته في 2013 تشييد مطار ومرفأ وخزانات والمصنع ذاته، على الرغم من الجليد الذي يستمر فترة طويلة من العام.
وقال صموئيل لوساك، الخبير في قطاع المحروقات الروسي في مكتب «وود ماكنزي» لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «على الرغم من الظروف الصعبة للاستثمار، فإنه تم تسليم (يامال للغاز المسال) في الوقت المحدد مع احترام الميزانية». وأضاف أنه بعملية التدشين هذه «ستصبح (نوفاتيك) التي كانت مزودا محليا للغاز، فاعلا عالميا في قطاع الغاز المسال»، مشيرا إلى أن المشروع سيسمح لـ«توتال» أيضا بتعزيز موقعها في هذا القطاع الذي تحتل فيه المرتبة الثانية عالميا. وكان تمويل المشروع قد تأثر بالعقوبات الأميركية التي فرضت على «نوفاتيك»، وأصبح من المستحيل أن يتم من قبل المصارف الغربية، وتم تمويله في نهاية المطاف بفضل المساهمة الصينية. وتشكل هذه الخطوة مصدر ارتياح لروسيا التي ترى أن هذا المشروع يرتدي أهمية استراتيجية. وهي تريد من جهة أخرى إبراز قدرتها على استغلال مواردها الكبيرة في القطب الشمالي، على الرغم من التحديات التقنية.
كما ترغب روسيا في تعزيز وجودها في سوق الغاز الطبيعي المسال الذي يشهد منافسة حادة، ويغذي مزيدا من الدول الآسيوية، بينما تقوم بالتصدير، خصوصا إلى أوروبا، عبر أنابيب للغاز.
لكن صموئيل لوساك يرى أن المشروع يبقى معرضا للمخاطر. وقال إن الأشهر الأولى ستكشف «ما إذا كان المصنع سيعمل بلا صعوبات في بيئة قاسية بالقطب الشمالي». وأضاف: «بما أن النقل عبر الممر الشمالي الشرقي ما زال في بداياته، لذلك ليس هناك ما يؤكد قدرته على الاستمرار كطريق رئيسي لتسليم شحنات الغاز الطبيعي المسال».
وتعول روسيا إلى حد كبير على تطوير النقل البحري عبر هذا الطريق الذي يشكل معبرا مختصرا، أصبح يمكن استخدامه مع ارتفاع حرارة الأرض، ويضم مرافئ وقواعد عسكرية يمكن أن تنقذ السفن التي تواجه صعوبات.
وهذا الطريق الذي يمتد على طول السواحل الشمالية لسيبيريا يسمح للسفن بكسب 15 يوما، بالمقارنة مع الطريق العادي الذي يمر عبر قناة السويس، كما ذكرت «توتال».
وأوضحت المجموعة أن 15 سفينة لنقل الغاز كاسحة للجليد ستوضع في الخدمة تدريجيا، بحلول 2019، في يامال، الموقع الذي لم يكن في أي طريق بري أو بحري في بداية المشروع، وذلك لشحن الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا وأوروبا.
وأولى هذه السفن ناقلة الغاز «كريستوف دو مارجوري» التي تحمل اسم رئيس مجلس إدارة «توتال» الذي لقي مصرعه في حادث تحطم طائرة في 2014 في روسيا، وقامت بنقل أول شحنة للغاز من يامال، الجمعة.
وكانت ناقلة الغاز هذه التي يبلغ طولها 300 متر، أول سفينة تجارية تقطع الطريق الشمالي الشرقي من دون مساعدة في أغسطس (آب) الماضي.
روسيا تعرض على السعودية بيعها الغاز المسال من مشروع «يامال»
موسكو تتحدى ثلوج سيبيريا وعقوبات أميركا بالمشروع الغازي
روسيا تعرض على السعودية بيعها الغاز المسال من مشروع «يامال»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة